أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية، اليوم، قرارين برفض الطعون التي قدمتها دولة الاحتلال الإسرائيلي بموجب المادتين 18
كاتس يدعو للتعامل مع الضفة على طريقة غزة.. وصبر الأردن الاستراتيجي يختبر
هل ينجح تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي بخلط الأوراق وتحييد الأردن
تصريح وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس صباح اليوم الأربعاء ودعوته إلى تنفيذ إجلاء مؤقت للسكان في الضفة يضع الموقف الأردني على المحك، إذ إن الخارجية الأردنية صرحت ومنذ بداية الحرب على غزة بأن تهجير الفلسطينيين سيعتبر بمنزلة إعلان حرب.
كاتس الذي اعتبر تصعيد عمليات المقاومة في الضفة تهديدا يجب التعامل معه تماما كما تم التعامل مع قطاع غزة، كان قد قال في منشور له على منصة "إكس" إن العملية العسكرية المكثفة التي يشنها الجيش الإسرائيلي منذ الليلة الماضية على مخيمي جنين وطولكرم تستهدف ما دعاه بـ"البنى التحتية الإرهابية الإسلامية الإيرانية التي أقيمت هناك" واعتبر مجددا أن من حق إسرائيل القيام بأي خطوات مطلوبة للانتصار قائلا: "إن هذه حرب على كل شيء".
وأصر كاتس على خلط الأوراق عندما اتهم الأردن بالسماح لإيران بإمداد السلاح لمن وصفهم بالمخربين، حيث قال إن إيران تعمل على إقامة ما وصفها بـ"جبهة إرهابية ضد إسرائيل من الضفة الغربية وفق نموذج غزة ولبنان من خلال تمويل مخربين وتسليحهم وتهريب أسلحة متطورة عبر الأردن".
ودعا كاتس "إسرائيل" إلى العمل على إجلاء مؤقت لسكان الضفة الغربية وتدمير البنى التحتية في الضفة "كما نتعامل مع البنية التحتية في غزة" على حسب قوله. وذلك بالتزامن مع عدوان هو الأوسع -منذ انتفاضة الأقصى عام 2000- والذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ ليلة أمس الثلاثاء، على مناطق شمالي الضفة الغربية المحتلة، بمشاركة طائرات مسيرة ومروحيات وقوات برية كبيرة، أسفر عن استشهاد 11 فلسطينيا وسط اشتباكات مسلحة عنيفة مع مقاومين فلسطينيين.
كيف سيواجه الأردن التهديد الإسرائيلي؟
وتمضي حكومة بنيامين نتنياهو بتكثيف اقتحامات الأقصى ومخطط تهويد الضفة الغربية والاستيلاء على الأراضي لصالح مشاريع الاستيطان وتكثيف عمليات القتل والاغتيال والتغطية على جرائم المستوطنين بحق المدنيين الفلسطينيين في عموم مدن الضفة الغربية ومخيماتها، ولا يتوانى وزراؤها عن تحدي الوصاية الهاشمية وإطلاق تصريحات تطال الأردن وتهدد الضفة وأهلها ضمن مخطط تهجير واسع.
وفي تصريح لـ حسنى يرى العقيد المتقاعد محمد المقابلة أن سياسة العدو الإسرائيلي باتت واضحة الأهداف وأن العدوان الواسع الذي يشنه جيش الاحتلال منذ مساء الثلاثاء على الضفة الغربية وتجريف البنية التحتية في المخيمات، يهدف إلى تهجير الفلسطينيين من المناطق "ج" المنصوص عليها في اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين والتي تشكل نحو 61% من مساحة الضفة الغربية وتتضمن الكتل الاستيطانية اليهودية إضافة إلى غور الأردن وهي محل أطماع اليمين الإسرائيلي المتطرف، على حساب المصلحة الأردنية وأمن الأردن ونظامه.
هل يلتزم الأردن حالة الصبر الاستراتيجي؟
وحول الموقف الأردني من التطورات في غزة والضفة الغربية، يرى المقابلة بأن الأردن تعامل بالصبر الاستراتيجي طيلة العشرة أشهر الماضية، وهو ما أظهره الملك عبد الله الثاني في خطاباته ومواقفه المعلنة فضلا عن ما عبرت عنه الدبلوماسية الأردنية على لسان وزير الخارجية أيمن الصفدي إضافة للحراك الشعبي الأردني، كلها مجتمعة شكلت ضغطا على الكيان الإسرائيلي الذي يسعى إلى خلق حالة من الإرباك وزعزعة الموقف الأردني.
5 خطوات يمكن للأردن من خلالها قلب الطاولة على رأس حكومة الاحتلال
وفي ظل المخاطر التي تهدد أمن بلادنا ووجودها، تساءل العقيد المقابلة ما إذا كان على الأردن الخروج من سياسة الصبر الاستراتيجي حتى لا يصل إلى ما وصفها بمرحلة "البلادة الاستراتيجية" في ظل قدرة الأردن على قلب الطاولة على رأس حكومة الاحتلال من خلال:
-
اتخاذ قرار استراتيجي وليس مجرد التلويح بتجميد معاهدة "السلام "وادي عربة مع "إسرائيل".
-
إجراء الملك عبد الله الثاني حوارا مع كل أطياف الشعب الأردني لبحث كيفية مواجهة المخططات الإسرائيلية واتخاذ إجراءات تقنع الأردنيين الذين يلتفون حول قيادتهم، وذلك في رسالة بأن القيادة والشعب على كلمة واحدة وأن الجبهة الداخلية الأردنية متينة ما يشكل كابوسا للاحتلال.
-
تكثيف الجهد الإعلامي الأردني لدعوة أهل الضفة الغربية للانتفاض في وجه العدو الإسرائيلي وعدم الاكتفاء بعمليات فردية.
-
تجميد العلاقة مع السلطة الفلسطينية التي لا تلقي بالاً لأمن الأردن واستقراره ومصالحه.
-
دعوة الدول العربية لعقد قمة طارئة بغية استصدار قرار جماعي لوقف أي مشروع تطبيع مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي.
ويبدي مقابلة قلقه من غياب الخطاب الداخلي للأردنيين الذي يوعيهم بمدى المخاطر التي تتهدد الأردن، بسبب قرار ما وصفها بـ "الدولة العميقة" في الدولة الأردنية، والتي يرى بأنها اتخذت قرارا استراتيجيا بتحييد دور الشارع الأردني، فضلا عن أن قرار "الدولة العميقة" مرهون لدول عربية وللإدارة الأمريكية التي ترى بضرورة السيطرة على الشارع الأردني، مشددا على ضرورة تحرر الأردن من القيود المفروضة عليه من تلك الأطراف.
واستدرك العميد المتقاعد بأن الموقف الأردني لم يكن متواطئا يوما ما لكنه رهن موقفه من خلال الدبلوماسية والأمل بتحقيق السلام، وأضاف:
"السياسية لا تبنى على حسن النوايا، ولا يوجد في قاموسي صديق، وأمامي عدو واضح وعدو محتمل".
وتطرق المقابلة إلى تخاذل السلطة الفلسطينية عن التصدي لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وتضحيتها بمصالح الفلسطينيين مقابل منافع ضيقة فضلا عن استمرارها بالتنسيق الأمني مع الاحتلال، مشيرا إلى أن الأردن وحده القادر على تحجيم دورها السلبي في سبيل الدفاع عن الأردن. وهو ما يتطلب جرأة وشجاعة في اتخاذ الخطوات اللازمة في ظل هذه المرحلة الحساسة والخطيرة.
العدوان على الضفة الغربية يهدد الأمن القومي الأردني ويتطلب خطوات حاسمة
بينما قرأ الدكتور محمد أبو رمان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، في تصريحات وزير خارجية الاحتلال الإسرائيلي، تطورا خطيرا جدا بدأ باستهداف الضفة الغربية من خلال العدوان العسكري الواسع الذي يشنه جيش الاحتلال عليها منذ أمس، بهدف تقطيع أوصال الضفة وقطع شرايين الحياة للشعب الفلسطيني وهو ما يذكر بالعدوان الذي شهدته الضفة إبان انتفاضة الأقصى خلال الأعوام 2000 و2002 وهو ما ينظر إليه الأردن بقلق واهتمام شديدين.
ويرى أبو رمان أن الأردن سيواصل مساعيه الدبلوماسية بشكل مكثف وحثيث، على الرغم من أن صانع القرار في عمان وصل إلى قناعة بأنه لا يوجد ما يوقف "إسرائيل" اليوم، وأضاف:
"لا المجتمع الدولي ولا المحكمة الجنائية الدولية ولا الضغوطات الأمريكية أو الغربية ولا منظمات حقوق الإنسان، كل هؤلاء لا يردعون حكومة نتنياهو ولا المجانين الموجودين في الحكومة".
وذلك في ظل الموقف الأمريكي المتأرجح لصالح تل أبيب وهو ما بدا واضحا، من خلال جولات مفاوضات وقف إطلاق النار وتراجع واشنطن عن التزاماتها التي حددها الرئيس الأمريكي جو بايدن بشكل يتوافق مع ما يريده بنيامين نتنياهو.
كما يرى أن إدارة بايدن لا ترغب بالاصطدام مع نتنياهو فيما تبقى لها من وقت، فضلا عن النفوذ القوي للوبي الصهيوني وتأثيره على مؤسسات صنع القرار الأمريكية.
وأكد أبو رمان بأن الأردن يدرك منذ السابع من تشرين الأول 2023 بأن ما يخطط للضفة الغربية أكبر وأخطر مما يخطط لقطاع غزة، وحذر مسبقا من أي مخطط لتهجير لسكانها، واعتبر ذلك بمنزلة إعلان حرب، مبينا أن ما يحدث في الضفة الغربية هي قضية أمن قومي أردني؛ نظرا لتداخل الحدود بين الأردن والضفة والعلاقة بين الشعبين الأردني والفلسطيني.
ولفت أبو رمان إلى أن حكومة الاحتلال قد تقوم بعملية هندسة ديمغرافية وجغرافية لمناطق الضفة الغربية بشكل يهيئ لعملية تهجير "الترانسفير".
ويتفق أبو رمان مع رأي العقيد المقابلة بضرورة اتخاذ خطوات أردنية حاسمة، كإعادة النظر في عملية السلام مع تل أبيب، وإعادة صياغة العلاقة مع الإدارة الأمريكية وزيادة الضغوط عليها.
ويرى أبو رمان بأن الأردن نجح من قبل في فرضه على الولايات المتحدة وضع مراقبين عسكريين لمراقبة اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين بمناطق الضفة الغربية، حتى إن بعض المستوطنين وُضعوا على القائمة السوداء.
وختم أبو رمان بالتحذير من تفريغ الضفة الغربية ومن خطر مخططات "إسرائيل" لإخلاء مدينة القدس من سكانها خلال المرحلة المقبلة.
اقرأ المزيد.. إصرار نتنياهو على البقاء في محور فيلادلفيا يفشل مفاوضات القاهرة