ما هو مصير سد الوحدة بعد النظام المخلوع وأطماع الاحتلال فيه

الصورة
سد الوحدة | المصدر: وزارة المياه والري
سد الوحدة | المصدر: وزارة المياه والري
آخر تحديث

يعد سد الوحدة من أبرز المشاريع المائية المشتركة بين الأردن وسوريا، وقد استوحي اسمه من رمزية "الوحدة" التي عول عليها لتعزيز التعاون بين البلدين، وقد تم بناء هذا السد لتقاسم مياه نهر اليرموك بين الأردن وسوريا. 

يقع سد الوحدة على نهر اليرموك شمالي الأردن جنوب محافظة درعا السورية إلى شرق الجولان السوري المحتل كما يبعد نحو 120 كم من العاصمة عمان ويشكل ثمرة شراكة خطط لها بموجب اتفاقية استثمار مياه نهر اليرموك رقم (33) لعام 1987 بين الأردن وسوريا. 

بدأ العمل على إنشاء سد الوحدة عام 2003، وتم الانتهاء منه في عام 2010، بطاقة تخزينية تصل إلى 115 مليون متر مكعب، وبطول يبلغ 110 أمتار ومنسوب 116 مترا عند قمة السد فوق سطح البحر وتم إنشاؤه من الخرسانة المدحولة. 

وجاء تمويل المشروع بنسبة 80% من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي الذي يتخذ الكويت مقرا له وبنك التنمية الإسلامي بوصفه من المشاريع العربية المشتركة الحيوية، و10% من صندوق أبوظبي للتنمية، و10% من الحكومة الأردنية. 

ووفقا لوزارة المياه والري الأردنية، يهدف سد الوحدة إلى تأمين 30 مليون متر مكعب من المياه للأردن لأغراض الزراعة، و50 مليون متر مكعب للاستخدامات المنزلية في العاصمة عمان، بالمقابل سيعمل السد على توليد 18.800 ميغاواط/ساعة من الطاقة الكهرومائية سنويا، تخصص 75% منها لصالح سوريا. 

تراجع الاستفادة الأردنية وسط تجاوزات سورية جسيمة 

رغم الانتهاء من تشييده عام 2010، لم يحقق سد الوحدة الغاية المرجوة منه، إذ لم يتجاوز منسوب المياه فيه خلال السنوات الست الأولى حاجز 20 مليون متر مكعب، أي ما يعادل نحو 17% فقط من سعته التخزينية.

غير أن المنسوب شهد ارتفاعا تدريجيا، ليسجل أعلى مستوياته في عام 2018، بواقع 88.6 مليون متر مكعب، وذلك على خلفية تهجير مئات الآلاف من سكان جنوب سوريا بسبب ممارسات النظام المخلوع، التي انعكست سلبا على الرقعة الزراعية في المنطقة. 

وفي هذه الفترة الزمنية أشار خبراء أن الأردن لم يحصل على نصيبه من الماء حيث كان من المفترض أن يستقبل 300 مليون متر مكعب من المياه، لكنه لم يتجاوز في السنوات الأخيرة حاجز الـ30 مليون متر، وذلك بسبب احتجاز سوريا المياه السطحية والجوفية قبل وصولها للأردن. 

بالإضافة إلى زيادة عدد السدود والحفائر على مداخل سد الوحدة من قبل الجانب السوري، ما تسبب بتراجع كميات المياه الواصلة إليه خلال السنوات الأخيرة، الأمر الذي أثر سلبا على حصول الأردن على كامل حقوقه المائية. 

كما أشار الخبير المائي الدكتور دريد محاسنة في إحدى المقالات أن سوريا تجاوزت الحد المسموح به من عدد السدود، والذي حدد بـ27 سدا بموجب الاتفاقية. 

وأضاف أن التجاوزات تعود إلى فترة النظام السوري المخلوع، حيث كان من السهل على أي شخص يملك المال أو مسؤول وضابط أن يحصل على رخصة حفر بئر أو إنشاء سد، مما أدى إلى استنزاف الموارد المائية وتحول الزراعة إلى نظام ري كثيف بدلا من الأساليب التقليدية. 

اقرأ المزيد.. الخبير دريد محاسنة يتحدث عن الواقع المائي للأردن وسبل تجاوز التحديات 

تهديدات إسرائيلية متزايدة بالاستيلاء على سد الوحدة

مع سقوط النظام السوري في كانون أول عام 2024 توغل الاحتلال الإسرائيلي داخل الأراضي السورية وبلغت قواته قرى قريبة من سد الوحدة، وتصاعدت التحذيرات من تهديد حقيقي للأمن المائي الأردني والسوري.

حيث حذر الخبير المائي دريد محاسنة من أن "إسرائيل" باتت على مقربة من سد الوحدة، وهو ما ينذر بتهديد مباشر للأمن المائي الأردني، خصوصا في ظل غياب تنسيق فعال بين عمان ودمشق على مدار سنوات سابقة. 

وأشار إلى أن استمرار الإخفاق في التعاون بين الجانبين سيدفع الأردن إلى مزيد من الاعتماد على شراء المياه من "إسرائيل"، ما يجعل من التوصل إلى اتفاق مشترك مع سوريا ضرورة استراتيجية لا تحتمل التأخير. 

اتفاقية جديدة قيد التنفيذ 

ولدرء هذه الفجوة، ومنذ سقوط النظام المخلوع، بدأت المشاورات بين عمان ودمشق على عدة أصعدة وعلى رأسها مجال المياه، حيث جرى مؤخرا اتفاق حول تعديل اتفاقية حوض اليرموك وزيادة التنسيق حول الأمن المائي، والموافقة من قبل سوريا على وقف حفر الآبار في المناطق الحدودية جنوب سوريا ما ينعكس بشكل إيجابي على الأردن، كما تضمن الاتفاق دعم الأردن للطاقة في سوريا ورفع قدرة خط الكهرباء الواصل مع سوريا إلى 300 ميغاواط. 

سد الوحدة، الذي كان من المفترض أن يكون من أهم وأكبر المنشآت المائية للاستفادة من مياه نهر اليرموك، مر بسلسلة من الظروف التي حالت دون تحقيق هذا الهدف، إلا أن الاتفاقات الجديدة تفتح الباب لإعادة تفعيل دوره وتحقيق الاستفادة المنشودة، بما يخدم مصالح البلدين ويعزز أمنهما المائي. 

اقرأ المزيد.. تفاهمات مع الجانب السوري بدعم قطري ومصري لتعزيز التعاون في قطاعي المياه والطاقة

دلالات
00:00:00