انطلقت اليوم الأربعاء، فعاليات المؤتمر العربي السادس للمياه، تحت شعار "الحوكمة نحو تحقيق التنمية المستدامة في المياه"، وذلك في قصر المؤتمرات
الخبير دريد محاسنة يتحدث عن الواقع المائي للأردن وسبل تجاوز التحديات
تصنف الأردن كواحدة من أفقر دول العالم في المياه وقد تسببت الهجرات القسرية من شعوب المنطقة نحو المملكة بزيادة أعداد السكان داخل الأردن، الأمر الذي فاقم من معاناة المياه، كما تفاقمت المشكلة نتيجة بقاء المملكة رهينة للظروف السياسية.
ويحصل الأردن على جزء من حصصه المائية من دولة سوريا بموجب اتفاقية سابقة، إضافة إلى حصوله على حصة مائية سنوية من الاحتلال الإسرائيلي الذي يستخدم الماء كورقة سياسية للضغط على الأردن.
مقابلة الخبير المائي د. دريد محاسنة مع حسنى حول واقع المياه في الأردن
حسنى أجرت مقابلة مع الخبير المائي دريد محاسنة حول الواقع المائي في الأردن والسبل الممكنة لتجاوز التحديات، وفي المقابلة كشف الخبير المائي دريد محاسنة عن وضع المياه الجوفية في الأردن والمصادر التي يحصل منها الأردن على حصصه المائية، إضافة إلى المشاريع التي يمكن من خلالها تحقيق الاكتفاء الذاتي مائيا للأردن.
حسنى: دكتور دريد أنت كنت رئيسا للجنة المياه المشتركة سواء مع سوريا أو مع العدو الإسرائيلي، وكنت ممن هندسوا ملحق المياه الذي نتج عن اتفاقية وادي عربة عام 1994، هل لك أن توضح لنا الواقع المائي في الأردن؟
محاسنة: في الحقيقة، وضعنا المائي ضعيف وفقير جدا، وهذا جعلنا ضمن أفقر الدول عالميا في المياه؛ إذ إننا لا نملك كميات كافية من المياه الجوفية.
وفي الوقت الحالي توجد لدينا مياه تكفي لـ 2 مليون من السكان، بينما يبلغ عدد سكان المملكة 11 مليون نسمة، وفق الحد الأدنى لنصيب الفرد من المياه وليس المعايير العالمية حتى.
والسبب في كوننا نعاني في موضوع المياه هو أن المصدر الرئيسي لمياهنا هي مياه الأمطار والتي نعتمد عليها بتغذية المياه الجوفية، إلا أنه في السنوات المميزة لدينا يهطل من الأمطار ما يقارب 7-8 مليار م3، ولكن يتبخر من هذه الكمية نحو 90%.
كما أن طرق البناء في الأردن أثرت على مخزوننا المائي، حيث بدأنا نبني داخل الأودية التي كانت توصل المياه إلى مصادر المياه الجوفية، وكانت عمان والزرقاء سابقا مليئة بالسيول والآن لا توجد فيها مياه؛ بسبب تراكم الأبنية، بمعنى أن مشكلتنا الرئيسية تمثلت بزيادة السكان وزيادة البناء في أماكن لا يجب البناء فيها.
حسنى: دكتور دريد، يفترض أن تلك البنايات لها أسطح لتجميع مياه الأمطار، لماذا لم نصممها بشكل يوصل مياه الأمطار عبر مجاريها لتغذية المياه الجوفية؟
محاسنة: هذا الكلام سليم، لكن لغاية اليوم التنظيم لدينا لا ينص على ذلك، وعلى سبيل المثال كانت عمان الغربية منطقة مليئة بالأشجار، واليوم يتم قطع كل تلك الأشجار لتعبئتها بشقق سكنية، ما يعني أن التوسع العمراني كان يجب أن يكون باتجاه الشرق ولكننا لا نملك تخطيطا للمدن.
كما أن الهجرة تعد سببا رئيسيا أثر على مخزوننا من المياه؛ فعمان عام 1948 كان فيها 250 ألف مواطن، وفجأة قفز الرقم إلى نصف مليون، كما أنها تضاعفت في عام 1967 ثم تضاعفت عام 1970 وقبل سنوات استقبل الأردن نحو مليون ونصف مواطن سوري.
وكل هؤلاء هاجروا هجرات قسرية نتيجة الحروب وليسوا نتاج هجرات طبيعية، ولم تأت مياههم معهم، حيث تسبب ذلك في زيادة عدد السكان على حساب المياه المتوفرة.
حسنى: ما تحدثت به هو ما يتعلق بواقعنا المائي من حيث الكميات، لكن ما هي مصادر المياه لدينا، إذ نسمع أنها تتوزع على حصتنا في مياه نهر اليرموك ومياه نهر الأردن والمياه الجوفية؟
محاسنة: مصدر المياه الرئيسي للأردن هو نهر اليرموك؛ إذ إننا نتشارك في نهر اليرموك مع دولة سوريا ويطلق عليه اسم "حوض اليرموك" وأي أردني سافر من الرمثا مرورا بدرعا ووصولا لدمشق شاهد على جنبات الطريق مزارع القمح التي كانت موجودة سابقا، إلا أن سوريا في آخر 30 عاما بدأت تتحول من زراعة أشجار الزيتون والمحاصيل البعلية إلى زراعة الخضروات، ولخدمة ذلك التحول حفرت الآبار وبنت السدود نظرا لتغير النمط الزراعي، وهو ما أثر على حصتنا المائية من الحوض.
وفي عام 1987 تم تنظيم اتفاقية لتقاسم حوض اليرموك بين الأردن وسوريا، إلا أن معظم الينابيع ومصادر حوض اليرموك موجودة في سوريا، لذلك تم الاتفاق مع السوريين على عدد السدود وكميات الآبار التي يمكنهم حفرها داخل الأراضي السورية؛ بحكم أنه حوض مشترك.
واتفقنا على أن يحفروا لـ 26 سدا إلا أنهم حفروا لغاية اليوم 46 سدا، كما أن الاضطرابات في جنوب سوريا تسبب مؤخرا بزيادة حفر الآبار نتيجة للفوضى الموجودة.
وبعد ذلك اتفقنا مع الجانب السوري على بناء سد اليرموك، الذي كان سيمنحنا 300 مليون م3 من المياه، إلا أن السد الذي بني يتسع لـ 110 مليون م3.
ولم تحصل الأردن من السد إلا على 26 مليون م3 فقط، بدلا من 300 مليون، حيث امتنع السوريون عن تزويدنا بتلك الكميات على مدار سنوات.
اقرأ المزيد.. ملاجئ ومخزون من الغذاء والطاقة.. هكذا يستعد الأردن للتعامل مع سيناريو حرب
حسنى: ألم تنعكس الإجراءات التي قام بها السوريون على علاقتنا معهم، وهل قدمنا شكوى بحقهم، وهل اتفاقيتنا معهم لها وزن في القانون الدولي؟
محاسنة: في كل عام كنا نجتمع مع السوريين ونسمع منهم مقولات مختلفة ووعودا لتزويدنا بالمياه، إلا أن المخالفات كانت تستمر حتى بدأت الحرب في جنوب سوريا وسادت الفوضى، حيث وقعت بعد ذلك مخالفات عديدة لا يمكن ضبطها بحكم الفوضى التي لحقت بالبلاد.
حسنى: عندما يكون الحوض المائي مشتركا، مثل حالة حوض اليرموك بين الأردن وسوريا، ما الذي يمنعنا من حفر آبار وإخراج المياه من هذا الحوض؟
محاسنة: ببساطة السبب في عدم فعل ذلك هو أننا نعد متلقين للمياه لأن المصدر أصله في سوريا، ولا يوجد إلا جزء بسيط جدا من الحوض في المناطق الشمالية للمملكة.
حسنى: هل تضمن القانون الدولي بنودا تنظم كيفية استفادة الدول من المياه في حال وجود أنهار تمر بمجموعة من الدول وتشكل أحواضا مائية مشتركة؟
محاسنة: نعم، القانون الدولي يحوي بنودا تتعلق بهذا الأمر إضافة إلى وجود اتفاقيات بين الدول، وعلى سبيل المثال فإن نهر الدانوب يمر بـ 6 دول أوروبية ولم تشتك أي دولة على دولة أخرى، لأن عملية توزيع المياه منظمة بينهم.
ولكن إن نظرنا إلى العراق وإيران وسوريا وتركيا نجد أن بينها اتفاقيات لتنظيم استخدام الأحواض المائية، إلا أن تلك الاتفاقيات ليس معمولا بها، حيث تعتدي إيران على المياه العراقية إلى جانب الاعتداءات التركية، إذ أقامت إيران ما يزيد على 109 سدود صغيرة على حوض نهر دجلة وهو أحد الأسباب التي جعلت النهر ضحلا في الوقت الحالي.
حسنى: من أهم مصادرنا المائية نهر الأردن ونحن لا نأخذ حصتنا منه، لماذا؟
محاسنة: هناك ما يسمى دول الملتقى أي المتلقي الأدنى، وهي آخر دولة تصلها المياه، ونحن نمثل تلك الدولة في حالة نهر الأردن؛ حيث تبدأ منابعه من لبنان وسوريا ثم تنزل إلى فلسطين، مما يجعلنا نحوز أقل حصة من تلك المياه؛ لأن النهر لا يمر في معظم مساره في أرضنا.
ويبدأ النهر من لبنان مرورا بسوريا ثم نقطة طبريا، لكن "إسرائيل" بعد عام 1967 حولت نهر الأردن من مجراه الطبيعي باتجاه البحر الميت إلى النقب، حيث نقلت معظم المياه بقنوات وأنابيب، وعقد حينها مؤتمر قمة عربية بالقاهرة وأرسلت أمريكا مندوبا لحل المشكلة.
وتحججت "إسرائيل" آنذاك أنها حولت حصتها من مياه نهر الأردن، إلا أنها في الحقيقة حولت ما بقي من نهر الأردن بعد الحصة السورية واللبنانية، وطرحت وقتها فكرة لتقاسم هذه المياه بحصص متساوية ولكن الدول العربية رفضت ولم تعترف بحق "إسرائيل" في التحويل؛ كونها لم تكن تعترف وقتها بحق "إسرائيل" بالوجود.
ولكن منذ تحويل النهر كان الأثر الطبيعي واضحا على الزراعة ثم على البحر الميت، حيث بدأت مياه البحر تتناقص بمعدل نصف متر في كل عام، ليكون المتضرر الوحيد هو الأردن.
وتدخلت وقتها الولايات المتحدة الأمريكية وأنشأت قناة الملك عبد الله ليتبين لنا أنهم يخططون للموارد في الوقت نفسه الذي يخططون فيه على الصعيدين العسكري والسياسي؛ لأن بناء القناة تزامن مع حرب عام 1967 وحدوث التهجير الثاني للفلسطينيين نحو الأردن، حيث يحتاج المهاجرون الجدد حينها إلى المياه للزراعة والاستخدام والاستقرار.
ولعبت القناة دورا هاما في توفير أراض زراعية في غور الأردن وساهمت بإحداث ثورة زراعية كما أنها اليوم تمدنا بالمياه.
وتعد قناة الملك عبد الله شريانا مائيا في الوقت الحالي، حيث يتم خلالها توفير سحب صناعي للمياه من نهر الأردن ومن الكميات المتبقية التي تأتي من مياه نهر اليرموك نحو المملكة.
اقرأ المزيد.. نفتالي بينيت يهاجم قرار الأردن إلغاء اتفاقية الكهرباء مقابل الماء
حسنى: عندما نتحدث عن اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، البعض يتساءل لماذا صيغت البنود المتعلقة بالمياه بهذه الطريقة، وهل يمكننا تحسين الشروط التي حصلنا عليها؟
محاسنة: ليس دفاعا عمن قام بالتفاوض حينها، إذ إنني أشهد بالبراعة للدكتور منذر حدادين الذي قام بالتفاوض؛ لكن في التفاوض لا يمكنك الحصول على ما تبتغيه، بل تحصل على ما يمكن الحصول عليه والتمكن منه.
وإن ما نريده هو عدم حصول "إسرائيل" على المياه، لكن القانون الدولي يقول عكس ذلك، حيث صيغت بنود اتفاقيتنا معهم على أساس القانون الدولي وكانت كل البنود تحمي مصالح الأردن فيما يتعلق بحصوله على حصته من المياه.
ولكن الإسرائيليين يخالفون كل شيء، فالموضوع ليس مبدأ الاتفاقية، إنما طريقة تطبيقها من قبل الطرف الآخر الذي يمتهن كل المخالفات ولن يحترم اتفاقية المياه التي وقعها معنا.
حسنى: نريد توضيحا لاتفاقية المياه مع العدو، كم حجم حصتنا وهل نقوم بتخزين مياه في بحيرة طبرية ويحق لنا الاستفادة منها، وكم من حقنا أن نشتري من المياه من العدو، وهل هذا الحق يعد إجباريا أم يخضع لموافقتهم؟
محاسنة: في الاتفاق بين الأردن و"إسرائيل" يوجد بند واحد مبهم في تفسيره من حيث التطبيق، حيث يقول البند: "إن الأردن وإسرائيل يتعاونان لتوفير 50 مليون م3من المياه".
ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية نظمت ما يتعلق بحصتنا في مياه نهر الأردن، حيث حصلت الأردن على 10 ملايين م3 إضافية في حصتها من نهر الأردن، وذلك مقابل أن تقوم المملكة بحفر آبار في جنوب الأردن وتحديدا منطقة وادي عربة لتعيد لـ"إسرائيل" أي كمية مياه يمكن الحصول عليها من الوادي.
وتقوم الأردن بهذا الفعل لأننا نحتاج إلى المياه القادمة من الشمال كي تكون أقرب إلى العاصمة عمان وتوفر من كلفة ضخ المياه.
وإن هذا الاتفاق لصالح الأردن؛ حيث تزودنا "إسرائيل" بـ 10 ملايين م3 إضافية، بينما لا نزودها نحن بالكمية ذاتها من وادي عربة، وفي أحد الأعوام زودناهم بمليون ونصف م3 فقط.
وبالعودة إلى البند المتعلق بتعاون الأردن و"إسرائيل" فيما يتعلق بتزويد المملكة بـ 50 مليون م3 إضافية من المياه، فقد رفض الإسرائيليون تزويدنا بتلك الكميات لسنوات إلى أن تم الاتفاق عام 1998 على تزويدنا بـ 25 مليون م3 بشكل مجاني، حيث قاد الاتفاق الملك حسين بن طلال، وفي عام 1999 توفي الملك حسين فتراجع الإسرائيليون عن الاتفاق، مما جعلنا نضطر اليوم إلى شراء المياه منهم وفق حاجتنا السنوية.
وقال لي الإسرائيليون عندما تراجعوا عن الاتفاق إن الاتفاقية كانت أيام الملك حسين، ومع موت الملك حسين فقد ماتت "الهدية"، وأنا أخبرتهم أن اتفاقية وادي عربة كانت أيضا خلال حياة الملك حسين وهذا يعني أننا عدنا أعداء معكم.
حسنى: كيف تتوقع أن يتعامل الإسرائيليون معنا في المرحلة المقبلة، لا سيما بعد رفض الأردن توقيع اتفاقية الماء مقابل الكهرباء؟
محاسنة: كل هذه الاتفاقيات ضعها على جانب وانظر إلى قطعهم المياه عن أطفال غزة وتركهم للعطش، ما يعني أنه يجب علينا عدم الوثوق بالإسرائيليين أبدا.
اقرأ المزيد.. غزة تضع العلاقة الأردنية الإسرائيلية في دائرة المراجعة والكرة بملعب الحكومة
حسنى: هل نستطيع أن نستقل مائيا، وما المقصود بمشاريع مثل الناقل الوطني وناقل البحرين؟
محاسنة: مواردنا الطبيعية محدودة ولا تكفي مهما كانت لاحتياجاتنا من المياه، حتى وإن اتفقنا مع السوريين أو احترم الإسرائيليون حقوقنا.
وهناك خيارات لحل هذه المشكلات، فأنا أؤيد نظرية وجود مياه جوفية في الأردن وأدعم فكرة الاستمرار بحفر الآبار والبحث عن المياه، والتكنولوجيا تطورت وهناك شركات متخصصة تستطيع تحديد مكان المياه وعمقها ونوعيتها.
ولكن لا يمكن تحقيق هذه الأهداف من خلال القطاع العام، ويجب ترك حفر الآبار للقطاع الخاص ليقوم بهذا الدور، على أن تحدد الدولة له كيفية التصرف بالمياه وتشتريها منه بسعر معلن، كما أن خيارنا الآخر لتحقيق الاكتفاء الذاتي يتمثل بتحلية المياه من خلال مياه العقبة.
أما فيما يتعلق بمشروع ناقل البحرين فلقد توصلنا في نهاية التسعينيات إلى اتفاق مع الإسرائيليين لإنشاء قناة البحرين، وكان السبب الرئيسي لتبني هذا المشروع هو انحسار مياه البحر الميت والذي سيؤدي إلى التأثير على الصناعات البوتاسية والمعدنية، إضافة إلى تأثيره على السياحة.
واتفقنا آنذاك على إقامة مشروع قناة تنقل المياه المحلاة من العقبة إلى عمان ومناطق فلسطينية أخرى باستخدام الطاقة المتجددة، وتسهم في إحياء منطقة وادي عربة، في حين ستذهب المياه المالحة الناجمة عن التحلية إلى البحر الميت لتصبح رافدا مائيا يوقف انحساره.
وكانت الحصة المائية التي ستتوفر للأردن من مشروع ناقل البحرين تقدر بـ 650 مليون م3 من مياه الشرب، وهو ما يزيد عن كل المياه التي تأتينا من سد الوحدة ومن بحيرة طبرية ومن نهر الأردن مجتمعين، فيما نحتاج إلى مليار ونصف م3 من المياه بشكل سنوي لتغطية احتياجاتنا من الشرب والزراعة والصناعة بشكل كلي.
وبعد ذلك تم الاتفاق لإنشاء قناة مشروع ناقل البحرين برعاية أمريكية وبدعم من القانون الدولي واليابان وطرحت دراسات لتصميم مشروع القناة، إلا أن الإسرائيليين انسحبوا بشكل مفاجئ.
وكان بإمكاننا أن نمضي قدما في المشروع وحدنا دون انتظار الإسرائيليين؛ إلا أن الأمريكان يدعمون المشاريع التي تتداخل بها "إسرائيل" بهدف إدماجها في المنطقة، حيث كانت كلفة مشروع ناقل البحرين وقتها تصل إلى 208 مليار دولار.
وأنا أميل إلى إنشاء مشروع ناقل البحرين وليس مشروع الناقل الوطني المطروح حاليا على الطاولة؛ لأن المشروع الأول يرفد البحر الميت بمياه مالحة تسهم في وقف انحساره ويساعد في الحفاظ على الصناعات البوتاسية والمعدنية إضافة إلى السياحة، في حين أن مشروع الناقل الوطني يعيد المياه المالحة للعقبة.
وبعد أن توقف مشروع ناقل البحرين ذهبنا باتجاه مشروع الناقل الوطني، حيث طرح العطاء لخمس شركات، ثم انسحبت 4 منها وبقيت واحدة، والسبب الرئيسي لانسحابهم هو عدم إيجادهم لجدوى مالية من المشروع إضافة إلى عدم إعجاب بعض الشركات بشروط الاستثمار، كما أن هناك شركات لا تريد تنفيذ المشروع كاملا بمختلف أجزائه.
حسنى: يصعب على الأردني الجلوس مع الإسرائيلي من أجل التفاوض معه، ماذا كان شعورك النفسي وأنت تفاوضهم في أمور تتعلق بحصتنا المائية؟
محاسنة: لا أخفيك أنك تتصارع داخليا بشكل كبير، وأنا من الأشخاص الذين عاشوا في فلسطين في منطقة بيت لحم، حيث خدم والدي الذي كان عسكريا في تلك المنطقة حتى عام 1967.
وعندما طلبت للتفاوض مع الإسرائيليين كنت أنظر للأمر بأنني أسعى لأخذ حقوقي المائية منهم وحقوق الفلسطينيين، وتم اختياري لأكون عضوا مفاوضا لأنني كنت وقتها مديرا للموانئ في مدينة العقبة.
ولم أذهب إلى المفاوضات كخيانة بل ذهبت لخدمة وطني وكنت أشعر أنني أخون وطني في حال تساهلت بحق من حقوقي، وأنا لن أتردد في خدمة وطني بأي مهمة كانت، ولكنني لا أقبل أن أسلمهم التحكم في أمري.
حسنى: ما هو شعورك عندما عدت للمرة الأولى إلى فلسطين المحتلة أثناء عقد المفاوضات مع الإسرائيليين؟
محاسنة: مع أول دخول لي للأراضي المحتلة بعد خروجي منها عام 1967 مررنا بمنطقة باب الواد التي حارب فيها والدي وأصيب خلالها، ونال إثر ذلك وسام الإقدام العسكري من الملك عبد الله الأول على محاربته وشجاعته.
وأثناء مرورنا بالقرب من موقع المعركة اتصلت بوالدي وأخبرته أنني أشاهد أرض معركة باب الواد فقال لي:
"يا ريتك كنت محلي في القتال مش أنا محلك بالتفاوض، بس يا أبوي مهمتك أصعب من مهمتي والله يعينك".