حديث الملكة رانيا الإنساني يثير غضب الاحتلال الذي لم يحتمل سماع الحقيقة

الصورة
الملكة رانيا خلال مقابلة لها على CNN
الملكة رانيا خلال مقابلة لها على CNN
المصدر
آخر تحديث

الإعلام الإسرائيلي الذي اعتاد سرد القليل من الحقائق مقابل صناعة الكثير من الأكاذيب، لم يحتمل سماع رأي مخالف لسرديته التي صدرها إلى العالم لتبرير عدوانه على غزة عبر أكاذيب لم يتمكن من تقديم الدلائل عليها، كأكذوبة إقدام كتائب القسام على قطع رأس أربعين طفلا يهوديا في مستوطنة كفار عزة في محيط غلاف غزة، ومؤخرا رصد هجوما كبيرا من قبل وسائل الإعلام الإسرائيلية على الأردن بسبب موقفه الرافض للعدوان على غزة.

الهجوم على الأردن، جاء بعد تصريحات للملك عبدالله الثاني الذي أدان العدوان على غزة ووصفه بالغاشم إثر شن طائرات الاحتلال هجوما دمويا على المستشفى المعمداني في غزة، ما تسبب بسقوط 1200 شخص بين شهيد وجريح في السابع عشر من تشرين أول الجاري، وفي بيان نقله الديوان الملكي طالب الملك المجتمع الدولي بوقف فوري للعدوان والذي سيكون وصمة عار في جبين الإنسانية. 

كذبت دولة الاحتلال وصدقت كذبتها، وساعدتها في ذلك الآلة الإعلامية الغربية التي تناقلت الرواية الإسرائيلية دون أي تمحيص وتحقق، حتى بعد أن تراجعت بعض القنوات عن تلك الرواية المبتورة. 

وأمام هذه الحالة، شن الإعلام الإسرائيلي هجوما على الملكة رانيا العبدالله بعيد المقابلة التلفزيونية التي أجرتها مع الإعلامية كريستيان أمانبور على شبكة "سي إن إن" الأمريكية في الـ24 من تشرين أول الجاري حول العدوان الذي تشنه دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة. 

وعبرت الملكة في المقابلة التلفزيونية عن صدمة العالم العربي وخيبة أمله من ما وصفته بالمعايير المزدوجة والصارخة في العالم والصمت الذي صم الآذان في وجه العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.

شن الهجوم على الملكة رانيا يأتي في سياق الاستهداف الإسرائيلي للأردن نظرا لمواقفه المتشددة من الجرائم الإسرائيلية بحق أهلنا في غزة، ومن قبلها الانتهاكات في القدس المحتلة والضفة الغربية ورفض أي مخطط لتهجير الفلسطينيين.

كلمة الحقيقة التي أسقطت ورقة التوت

أظهر الإعلام الإسرائيلي والمسؤولون الإسرائيليون غضبا شديدا تجاه الحقائق التي قالتها الملكة رانيا، حيث يبدو أن قول الحقيقة غير مريح لدولة الاحتلال التي لطالما افترضت أن على الجميع تبني رواية "إسرائيل" بل والدفاع عنها. 

ولقد آلمت الحقيقة الإعلام العبري الذي جند نفسه لمهاجمة الملكة رانيا على إثر تلك المقابلة، والذي حرص على أن يقول إن الملكة الأردنية ولدت في الكويت لأبوين فلسطينيين؛ بهدف التشكيك في الحقائق التي جاءت على لسانها على شاشة شبكة "سي إن إن" وإظهارها بأنها منحازة للفلسطينيين، وبهدف تبرير الهجوم عليها بهذا الشكل الصارخ، إذ إن الحديث عن الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين عبر الإعلام الغربي يعد من الخطوط الحمراء، خشية على صورة الدولة الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان والتي تحاول حكومات الاحتلال المتعاقبة رسمها وترويجها للمجتمعات الغربية.

ليبرمان يطالب بتجميد العلاقات مع الأردن

وعبر حسابه على موقع إكس "تويتر" سابقا شن وزير الحرب الإسرائيلي المتطرف أفيغدور ليبرمان هجوما على الأردن والملكة رانيا ووزير الخارجية أيمن الصفدي، وذلك في مشهد يشي بحالة الحنق الإسرائيلي على مواقف الأردن الرافضة للعدوان على غزة. 

كتب ليبرمان في تغريدة قائلا:

"في يوم الثلاثاء، أجرت الملكة رانيا العبد الله مقابلة مع شبكة "سي إن إن" وقالت دون خجل إنه لا يوجد دليل على مزاعم إسرائيل بشأن جرائم حماس في قطاع غزة. وإذا لم يكن ذلك كافيا، فقد ألقى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في اليوم السابق خطابا خبيثا وخسيسا".

وانتقد ليبرمان ردة فعل حكومة بنيامين نتنياهو على مواقف الأردن ووصفه بصمت الخراف. وطالب ليبرمان حكومته باستدعاء السفير الأردني لدى تل أبيب وتقديم رسالة احتجاج شديدة اللهجة متهما عمان بتقديم دعم لمن وصفهم "بالإرهابيين الفلسطينيين" كما طالب بتعليق أي محادثات مع الأردن.

وليبرمان الذي عمل حارسا لأحد الملاهي الليلية في مولدوفا في مطلع السبعينيات هو زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" اليميني المتطرف. وفي أيار 2016، تم تعيين ليبرمان وزيرا للحرب في حكومة بنيامين نتنياهو بعد موافقته على الانضمام للائتلاف الحاكم. واستقال ليبرمان من منصبه في تشرين الثاني 2018، احتجاجا على قبول هدنة مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

وقد شغل ليبرمان منصب وزير الخارجية ونائبا لرئيس الحكومة في عام 2009، بعد أن قاد حزبه لتحقيق ثالث أكبر تكتل برلماني في الكنيست، وانضم إلى الائتلاف الحكومي الذي قاده حزب الليكود حينها، كما أنه لوحق بعدد من قضايا الفساد. 

اقرأ المزيد.. مقابلة الملكة على قناة الـ CNN

اليمين المتطرف يتهم الملكة رانيا بالكذب

وفي مقابلة أجراها رئيس حكومة الاحتلال السابق اليميني المتطرف نفتالي بينيت مع الإعلامي البريطاني بيرس مورغان، وأوردها الأخير عبر حسابه على موقع "إكس" "تويتر" سابقا، قال بينيت إن الملكة رانيا "كذبت تماما" عندما اتهمت "إسرائيل" بأنها دولة فصل عنصري، وأضاف المتطرف بينيت القول: 

"عار على الملكة رانيا، عار عليها. إن حقيقة قدرتها على قول هذه الأكاذيب الصارخة أمر مؤسف بكل بساطة". 

ولطالما عرف بينيت اليميني المتطرف، بخطاباته المحرضة والمعادية للفلسطينيين كما أنه عرف بمعارضته الشديدة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة، وهو من أشد الداعمين لمشاريع التهويد والاستيطان، كما أنه عسكري سابق شارك في حروب جيش الاحتلال في الضفة الغربية ولبنان، وشارك بينيت في حكومات ائتلافية وتولى عدة مناصب وأصبح رئيسا لحكومة الاحتلال وأعلن اعتزاله العمل السياسي أواخر حزيران 2022 فاستقال من رئاسة الوزراء وقيادة "حزب يمينا". 

كما أن نفتالي بينيت من أشد الداعين لقتل الفلسطينيين على اعتبار أنهم إرهابيون. وقد ترأس مجلس الاستيطان في الضفة الغربية عام 2010، وأخذ بالدفاع عن مصالح المستوطنين في الضفة الغربية ودعم مصادرتهم الأراضي الفلسطينية.

الغضب على كارتر وغوتيريش

ما تواجهه اليوم الملكة رانيا من هجمة شرسة تعيد إلى الأذهان ما حدث مع الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر والأمين العام الحالي للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومن غير المستبعد أن تتهم الملكة رانيا بمعاداة السامية على إثر موقفها من العدوان. 

جيمي كارتر الذي تولى الرئاسة بين عام 1977 و1988 بدأ رحلة صعبة بعد أن تجرأ على كسر حاجز الصمت ووصف دولة الاحتلال بأنها تشبه النظام العنصري الأبيض في جنوب أفريقيا. وفي كتابه الذي حمل اسم "فلسطين سلام لا فصل عنصري" فضح كارتر انتهاكات حكومات الاحتلال لحقوق الفلسطينيين، مقارنا إياها بالنظام العنصري. 

وتعرض الرئيس كارتر لاتهامات تتنوع من معاداة السامية إلى نشر الأكاذيب، على الرغم من أنه الحائز على جائزة نوبل للسلام، وكان له دور كبير في توقيع اتفاقيات كامب ديفيد التي شكلت نقطة تحول في العلاقات بين تل أبيب والدول العربية. 

كتاب الرئيس كارتر صدم اللوبي اليهودي الذي اعتبره اختراقا لهيمنته على المؤسسات السياسية والإعلامية الأمريكية. يذكر أن الرئيس كارتر على الرغم من أنه تحدث بقوة بعد مغادرته للسلطة، إلا أنه خسر الانتخابات الرئاسية عندما بدأ يفهم حقيقة الصراع في المنطقة. 

كارتر انحاز إلى ضميره كإنسان، وقرر أن يقول كلمته بقوة وجرأة ضد دولة عنصرية خطفت البيت الأبيض واستخدمته في خدمة مصالحها وحروبها، للتستر على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني والأمة العربية بأسرها. 

ومؤخرا شنت دولة الاحتلال هجوما لاذعا على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي قال خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي خصصت لبحث العدوان على غزة: 

"لا شيء يمكن أن يبرر قتل المدنيين وجرحهم واختطافهم عمدا أو إطلاق الصواريخ على أهداف مدنية. لكن يجب وضع ذلك في السياق، من المهم الاعتراف بأن هجمات حماس لم تأت من فراغ".

وأدان وزير خارجية الاحتلال إيلي كوهين، التصريحات التي وجهها غوتيريش، واصفا إياها بالانحياز وبأنها تشوه الحقائق. وقد شن الجانب الإسرائيلي، سواء على الصعيدين السياسي والإعلامي، هجوما حادا على غوتيريش، واعتبروه معاديا للسامية. 

سفير الاحتلال لدى الأمم المتحدة، غلعاد إردان، والوزير في كابينيت الحرب، بيني غانتس، قادا الهجوم على غوتيريش، حيث قرر وزير الخارجية عدم الاجتماع بغوتيريش على هامش جلسات مجلس الأمن، معتبرا أن المقاربات المتوازنة لم تعد مقبولة بعد السابع من تشرين الأول. 

إردان اعتبر خطاب غوتيريش صادما، ودعا إلى استقالته، مشيرا إلى أن التصريحات تشكل مبررا للإرهاب والقتل حسب زعمه، وأضاف: "الأمين العام منفصل تماما عن الواقع في منطقتنا". مؤكدا أن غوتيريش يثبت كل يوم أنه لا يستحق منصبه في الأمم المتحدة. 

شاهد مقابلة الملكة رانيا مع "سي إن إن" حول الحرب على غزة كاملة

شخصيات ذكرت في هذا المقال
الأكثر قراءة
00:00:00