لليوم الـ47 على التوالي، يرزح شمال غزة تحت حصار وتجويع إسرائيلي وسط قصف جوي ومدفعي عنيف، ما يؤدي إلى عزل كامل للمحافظة الشمالية عن باقي
تركوه وحيدا ليروي لنا القصة.. أمهات وأطفال نجوا دونا عن عائلاتهم في غزة
"رغم قساوة الفراق والحرقة الكبيرة على غياب ابني وطفلتي إلا أن الله أنزل الصبر والسكينة على قلبي"
"وأوجعُ ما يُقال "نجا فلانٌ" في غزة.. ومن معه قضوا تحت الركام.. وأمٌ خلفها أبقَتْ وليدًا.. وبنتًا لم تصل سنَّ الفطامِ!"
بهذه الكلمات ترثي حنين مقداد عائلتها التي قضت في قصف إسرائيلي غاشم على منزلها في غزة، فاستشهد طفلها عمر وطفلتها ندى ورضيعتها ذات الخمسة أشهر زينة، كما قضى زوجها في القصف ذاته، لتبقى هي وحيدة شاهدة على تلك المجزرة، تذكرهم يوميا وتستذكر أيام الحرب برفقتهم، حيث تصف فقدهم بقولها: "هانت كل صعاب الحرب أمام فقدهم".
ليست حنين وحدها، من بقيت من عائلتها بعد أن أرسلت طائرات الاحتلال صواريخها نحو البيوت الآمنة في غزة، فلينة القفة أم لثلاثة أطفال تنشر ذكريات يومياتها مع أطفالها وزوجها الذين قضوا في قصف واحد أمام عينيها، وبقيت هي الوحيدة الشاهدة على مزيد من المجازر في غزة.
تقول لينة:
"كان نفسي أشوفكم كبار قدامي.. أشوفك دكتور يا عارف زي ما كنت بتتمنى.. وأنتِ يا سارة كنتِ بدك تصيري دكتورة أسنان.. حبيبي عبود لسا ما لحق يفرح بالروضة لسا ما لحقت أفرح عليه والله.. يا رب سامحني يا حبيبي.. بس والله فراقهم قتلني.. اجمعني فيهم يا حبيبي يا رب".
تتقصد لينة نشر مزيد من الصور لأطفالها، لكي تؤكد أنهم ليسوا مجرد أرقام في إبادة جماعية تستمر "إسرائيل" بارتكابها.
تركوه وحيدا شاهدا على المجزرة
قد تكون لينة وحنين من المحظوظات اللواتي استطعن التعبير عن مشاعرهن تجاه الفقد والحزن والحسرة، لكن الرضيع يزن اسليم الذي لم يتجاوز عمره الشهرين بقي وحيدا بعد أن نجا من قصف استهدف عائلته.
يروي عم يزن لـ حسنى قصة نجاته ويقول إن والده انتظره كثيرا وسمّاه قبل أن يعلم بمجيئه، حيث استشهد والد يزن (عيد اسليم) في معارك الحصول على الطحين، عندما حارب الجيش الإسرائيلي الغزي في قوت يومه، واستهدف العشرات عند دوار الكويت الذين كانوا يأملون العودة بكيس طحين يسد جوع أطفالهم، استشهد عيد تاركا وراءه يزن في بطن والدته، وطفلتين غيره هما بتول (5 أعوام) وسلوى (3 أعوام).
بالتأكيد كان عيد يحلم باليوم الذي يمسك فيه يد ابنه يزن ويذهبا معا إلى المسجد، فعيد كان من رواد المساجد وكان ضمن صفوة الحفاظ الذين تم تكريمهم في القطاع في شهر آب عام 2023.
يستكمل عم يزن قصة عائلة أخيه قائلا:
"نزحت زوجة أخي مع ابنتيها وابنها يزن بعد استشهاد أخي، وسكنت مع أبيها وأمها، لكن صواريخ الاحتلال باغتتهم ليرتقوا جميعا شهداء ويلتحقوا بأخي بعد سبعة أشهر من استشهاده، إلا ابنه يزن الذي كتب الله له أن يبقى وحيدا شاهدا على كل تلك المجازر، وأن يبقى لأخي من ذريته من يحمل اسم أبيه الشهيد".
شاهدة على ولادة طفلتها واستشهادها في غزة
أنجبت السيدة منى عودة طفلتها ملك في الشهر الثالث من الحرب، تقول إنها أسمتها ملك وسط حالة فرح وسرور لولادتها رغم الحرب لعل ملك تكون سلاما وهدوءا على غزة.
استهدفت سلسلة غارات إسرائيلية بيت "ملك" التي كانت قد نزحت إليه هي ووالدتها وأخواتها الأربع مع أخيها الوحيد خطاب، فاستشهدت ملك بعد 27 يوما من ولادتها مع أخيها خطاب، فيما أصيبت أخواتها إصابات متعددة ما بين متوسطة وشديدة الخطورة.
تصف والدة ملك لـ حسنى لحظات القصف واستشهاد طفليها قائلة:
"كانت لحظات حرجة وعصيبة، حاولت البحث عن أطفالي الصغار حيث تفاجأت أن طفلتي الرضيعة ملك طارت لأكثر من 10 أمتار إلى منزل الجيران وكانت مصابة بشظية في الرأس مباشرة، وتم نقلها إلى مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وأدخلت قسم العناية المركزة لأكثر من ساعة قبل أن يبلغوني باستشهادها".
وتختم أم ملك قصتها قائلة:
"رغم قساوة الفراق والحرقة الكبيرة على غياب ابني وطفلتي إلا أن الله أنزل الصبر والسكينة على قلبي وكنت دائما أقول اللهم لك الحمد حتى الرضا".
اقرأ المزيد.. غزيون يضطرون للاستغناء عن شراء النظارات.. فهل هناك ما يستحق النظر؟