محرر و مذيع أخبار
"الطاقة مقابل المياه" رهن لمقدرات الدولة الحيوية وغمغمة في التفاصيل
قراءة تحليلية لوثيقة "إعلان النوايا" الطاقة مقابل المياه
بتوقيع ثلاثي في الصفحة الأخيرة، اتفق الأردن و"إسرائيل" والإمارات على دراسة احتمالية إقامة مشاريع الطاقة مقابل المياه بين الأردن ودولة الاحتلال بتمويل إماراتي، بهدف سد حاجة الأردن من المياه وتزويد الجانب المحتل بالطاقة النظيفة لتخفيض انبعاثات الكربون لديه، وفق الوثيقة.
ويضم إعلان النوايا خطوطا عريضة لاتفاقية توقع بين الجانبين ضمن مسارين "الازدهار الأخضر" المتعلق بالطاقة النظيفة للجانب المحتل، و"الازدهار الأزرق" المتعلق بالمياه المحلاة للجانب الأردني.
وثيقة وصفها محللون بأنها مختلة الميزان ترجح الاستفادة إلى الجانب المحتل على حساب الأردن، فيما وصفها آخرون بـ "المغمغمة" وغير واضحة البنود، ورهن لمشاريع تمس مفاصل حيوية في الدولة الأردنية. وهي الطاقة والمياه.
"الاحتلال يرغب بجعل الأردن تابعا له في احتياجاته"
يقول استشاري المياه والبيئة لؤي الفروخ إن الاتفاق مع الاحتلال الإسرائيلي يشكل تهديدا على أمن الدولة الأردنية والأردنيين، وإن الاحتلال الإسرائيلي يتهرب دائما من تنفيذ الالتزامات التي يوقع عليها، ما يعني أن على الأردن عدم الوثوق به في أي اتفاقيات، فكيف إذا كانت اتفاقيات تمس أمورا حيوية في حياة الأردن؟
ويؤكد الفروخ في تصريحات لـ حسنى أن الخطر يكمن في رغبة المحتل بجعل الأردن تابعا ومعتمدا له في احتياجاته الدائمة دون البحث عن حلول أو بدائل أخرى، منبها أن على الأردن أن يفكر بخطط لتأمين مصادر جديدة ضمن إمكانياته ومصادره دون إعطاء دولة الاحتلال فرصة للتحكم في هذا المورد والمصدر.
ويضيف الفروخ أنه إذا كانت مشكلة إدارة المياه في الأردن تتعلق بالتكاليف المالية فإن توليد الطاقة المتجددة سيخفض ثمن تكاليف تحلية المياه في العقبة بشكل كبير ما يعني إمكانية إقامة المشاريع الحيوية.
"الاتفاقية لن تعود علينا بالفائدة وستحرمنا من مياهنا"
يقول سفيان التل وهو مستشار دولي في شؤون البيئة إن إعلان النوايا "الطاقة مقابل المياه" خلا من الأسس العلمية والموضوعية التي يمكن اعتبار أي شيء منها لصالح الأردن، مشيرا إلى أن الوثيقة تتضمن إعطاء الأردن 200 مليون م3 من المياه ليتم استصلاحها لاحقا، ما يعني عدم إمكانية استعمالها مباشرة، في حين أن كامل الكهرباء المنتجة سيتم تصديرها للاحتلال.
ويرى التل في تصريحات لـ حسنى أن هذه الاتفاقية لا يمكن أن تعود على الأردن بالفائدة، وإنما ستحرمه من الاستفادة من مياهه وطاقته.
ويضيف أن "إسرائيل" تريد وضع يدها على الطاقة الشمسية العربية التي تعتبر ثروة المستقبل لتصبح هي الموزع لهذه الطاقة، متسائلا "لماذا لا يستفيد الأردن من هذه الطاقة؟".
ويؤكد التل قدرة الأردن على توليد الطاقة الكهربائية بأسعار رخيصة، واستخدام هذه الطاقة لتحلية مياه البحر الأحمر في الأردن دون اللجوء إلى الجانب المحتل.
ويشير إلى أن "إسرائيل" لا يمكنها الاستفادة من صحراء النقب لتوليد الطاقة الشمسية، بسبب استخدامها لأغراض عسكرية بحتة وقواعد وكليات عسكرية.
"الاتفاقية سياسية وليست اتفاقية حاجة"
أما أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة اليرموك محمد حسن الزعبي فيرى أن وثيقة الطاقة مقابل المياه تتحدث عن اتفاق سياسي أكثر من كونه اتفاق حاجة بين الطرفين، معللا رأيه بوفرة إمكانية توليد الطاقة الكهربائية في الأردن، والتي يمكن استغلالها في تحلية المياه بنفس قيمة المشروع المطروح الآن مع الكيان المحتل.
ويقول الزعبي في تصريحات لـ حسنى إن إعلان النوايا بني على أساس الحاجة للأردن والتطور الاستراتيجي لدولة الاحتلال، بمعنى أن هدف الاتفاقية يتمثل بحل مشكلة شح المياه التي يعاني منها الأردن، وتحقيق رغبة الاحتلال في الوصول إلى نسبة 30% من الطاقة المتجددة ونسبة انبعاثات كربون تصل إلى صفر.
ويدعو الزعبي إلى طرح بدائل ودراستها، ومن ثم دراسة هذه الاتفاقية وعدم اللجوء لها في حل وجود بدائل ضمن الإمكانيات والقدرات المحلية.
ويضيف الزعبي أن محطة توليد الطاقة الكهربائية بقدرة 600 ميجا واط تحتاج إلى مساحة أرض حوالي 4000 دونم لتركيب الألواح الضوئية، مشيرا إلى أن الطاقة الكهربائية التي سيتم توليدها لا يمكن ربطها مع شبكة الكهرباء المحلية بسبب عدم قدرتها على التحمل وفق تصريح المسؤولين سابقا مما يعني الحاجة إلى بناء خطوط خاصة لنقل الكهرباء تمر بالأراضي الأردنية لتصل إلى الأراضي المحتلة.
"على الأردن أن يتعلم من تجربة وادي عربة"
في حين يقول أستاذ قانون المياه في الجامعة الأميركية في القاهرة عبد الله الأشعل إن على الأردن التعلم من تجربة وادي عربة الذي لم يحترم الاحتلال أي نص فيها بما يخص المياه وغيرها، مؤكدا في تصريحات لـ حسنى ضرورة عدم الخوض في أي اتفاقية مع الجانب الإسرائيلي.
"وثيقة الطاقة مقابل المياه مخالفة للدستور الأردني"
من جهتها، تنتقد المحامية إسراء الترك عدم وجود نسخة باللغة العربية لوثيقة الطاقة مقابل المياه خاصة عند توقيع دولتين عربيتين لها، معتبرة ذلك مخالفة للدستور الأردني وقانون حماية اللغة العربية.
وتنتقد الترك كذلك استخدام مصطلح "إعلان نوايا" وتعتبره مصطلحا دخيلا على القانون المدني الأردني، مضيفة لـ حسنى أن الأردن لم يحصل بعد على حقوقه من اتفاقيات السلام مع الاحتلال فكيف ينوي توقيع اتفاقيات جديدة؟
وسلطت الترك الضوء على أن "إسرائيل" ليست موقعة على اتفاقية المياه الصادرة عن الأمم المتحدة، ما يعني أن ما تنص عليه الوثيقة حول احترام القوانين الدولية لن تشمل القوانين غير الموقعة من الجانب الآخر.
ويبقى الموضوع الآن رهن التساؤلات والشكوك حول إمكانية الوصول إلى اتفاق حقيقي بين الجانبين؛ قائم على الدراسات العلمية والإعلان الشفاف والواضح من الحكومة بعد توقيع "خطاب النوايا"، حيث أكد وزير المياه محمد النجار أمس إنه سيتم عرض أي اتفاقية محتملة على مجلس النواب، مؤكدا في الوقت نفسه مضي الأردن في مشروع الناقل الوطني الذي تم الانتهاء من دراساته الفنية وتأهيل الشركات المرشحة للبدء بتنفيذ المشروع، والذي سيوفر حوالي 300 مليون متر مكعب من تحلية مياه خليج العقبة، مما يبقي السؤال مفتوحا حول فائدة المضي مع الاحتلال بمشروع "الطاقة مقابل المياه".
اقرأ المزيد: نص اتفاقية الطاقة مقابل الميـاه بين الأردن والاحتلال (مترجم)