فيلم أميرة.. لم يحترم ضمير الأمة فأطاحت به

الصورة

فيلم يشوه قصة الأسرى مع تهريب النطف

المصدر

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي منذ يومين بالحديث عن فيلم أميرة الذي رشح الأردن للمنافسة في جائزة أوسكار 2022، والذي يتناول قضية "تهريب النطف" من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى زوجاتهم خارج أسوار السجن.

الفيلم الذي صوّر في الأردن استخدم حبكة درامية اعتبارها الفلسطينيون تشويها لقضية الأسرى في سجون الاحتلال وتشكيكا بالأنساب والتي تعتبر شكلا من أشكال المقاومة في وجه الاحتلال، مطالبين بإيقافه من العرض.

وتدور أحداث الفيلم حول أميرة وهي مراهقة فلسطينية ولدت بعملية "تهريب نطف" من والدها الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، لكن في إحدى الزيارات مع أمها للسجن، يطلب الأسير من زوجته إنجاب طفل آخر بالطريقة ذاتها، ليتبين أن الأسير عقيم وأن والدها هو حارس السجن الإسرائيلي الذي هرب النطفة وقام باستبدالها بنطفته ما يعني أن والدها جندي إسرائيلي.

مخرج فيلم أميرة: سيتم وقف عرض الفيلم

وردا على هذه الضجة الشعبية و التي ساندتها عدة جهات رسمية وغير رسمية وفنانين ومخرجين، خرج مخرج الفيلم محمد دياب عن صمته في منشور على فيسبوك فجر اليوم تضمن بيانا من أسرة فيلم أميرة، قال فيه إن الأسرى الفلسطينيين ومشاعرهم أولوية وإنه سيتم وقف أي عروض للفيلم، مطالبا بتأسيس لجنة مختصة من قبل الأسرى وعائلاتهم لمشاهدته ومناقشته.

ورغم قراره بوقف عرض الفيلم إلا أن البيان انتهى بالتأكيد على أن الفيلم لم يوجه أي إساءة للأسرى والقضية الفلسطينية وأنه متأكد من نقاء ما تم تقديمه بالفيلم، رغم تأكيد الأسرى وذويهم بإساءة الفيلم لهم.

وقد برر مخرج الفيلم اختيار الحبكة الدرامية بطرح سؤال وجودي فلسفي حول جوهر معتقد الإنسان وإذا ما كان سيختار نفس اختياراته لو ولد كشخص آخر، وكأن الأمر ليس متعلقا بالقضية الفلسطينية بشكل مباشر. 

ورغم تصريح المخرج، إلا أن وقفات احتجاجية ستنطلق اليوم في عمان أمام الهيئة الملكية للأفلام لمنع عرضه في المملكة أو ترشيحه لجائزة الأوسكار 2022. 

صبا مبارك ترفض التصريح

ولكون صبا مبارك الممثلة الأردنية من الشخصيات الرئيسية في الفيلم والتي جسدت دور زوجة الأسير في الفيلم والتي لاقت ردود فعل على دورها، فقد تواصلنا مع الممثلة مبارك وبعد ردها على الهاتف قالت مبارك إن هناك جهات كالمخرج والمنتج هم الأولى بالحديث عن الفيلم، ورفضت الإدلاء بأي تصريح عن مشاركتها فيه.

احتجاج قبل أشهر على فيلم أميرة

ورغم أن بيان أسرة الفيلم يظهر الاحتجاج وكأنه لأول مرة، إلا أن الأسير المحرر مازن ملصة والمطلع على قضايا الأسرى الفلسطينيين والأردنيين في سجون الاحتلال، أكد لـ حسنى أمس الأربعاء تواصل وزير الأسرى السابق والذي وافته المنية قبل حوالي شهر على إثر إصابته بفيروس كورونا مع الجهات المنفذة لفيلم أميرة بعد اطلاعه على السيناريو، واحتجاجه الكامل على إنتاج الفيلم ومحتواه.  

ملصة قال إن هناك إجماع من الأسرى وذويهم على رفض فيلم أميرة، معتبرين أنه إساءة للأسرى وذويهم، مبينا أن الفيلم تعاطى باحتمالية تكاد لا تذكر في عملية تهريب النطف وإنه كان الأولى سؤال أصحاب الشأن والاطلاع على تفاصيل هذه القضية لتخرج رواية موافقة للواقع وليس تشويها له. 

وأضاف أن قضية الأسرى فيها من التضحية والكبرياء والبطولة ما لا يعد ولا يحصى، وإن هناك مطالبات دائمة لتعزيز الإنتاج الدرامي بما يظهر معاناة وتضحيات الشعب الفلسطيني بشكل الصحيح أمام المجتمع الدولي والعربي.

وقد أكد ذوو الأسرى في سجون الاحتلال عدم تواصل أي جهات منفذة للفيلم معهم أو سماع روايتهم حول تهريب النطف.

"شقيقي أنجب طفلا بتهريب النطف وكسر المنظومة الصهيونية"

وكذلك رأى محمد نزال، وهو شقيق الأسير الأردني علي نزال الذي هرّب نطفا قبل 8 سنوات وأنجب طفلا وهو في سجون الاحتلال، أن فيلم أميرة فيه من الإهانة الكثير والتشكيك في قضية النطف المهربة التي أقلقت الجانب المحتل، مؤكدا أن عملية تهريب النطف تتم بشكل دقيق وفيها تفاصيل كثيرة من شهود وترتيبات مسبقة، حيث يكون أهل الأسير على دراية بحدوث أمر قبل وقوعه دون تفاصيل.

وقال نزال إن شقيقه خاض هذه التجربة وتجاوز المنظومة الأمنية الصهيونية كاملة، وبسبب ذلك لم يسمح له الاحتلال حتى اللحظة من رؤية ابنه أو زوجته.

الفيلم يضرب النفسية الفلسطينية

أما سليمان الطاهر وهو أسير محرر من سجون الاحتلال قال إن آلية إخراج النطف من سجون الاحتلال تتم بتنسيق طويل الأمد بين أسرى مع ذويهم، مبينا أن أهل الأسير يتحضرون لهذه العملية وأحيانا يكون هناك "فاردة" بين استلام النطف وإيصالها للمستشفى. 

وقال الطاهر إن مثل هذه الأفلام "تضرب النفسية الفلسطينية والمقاومة ضد الاحتلال، وتضرب كل ما يمكن تسجيله انتصارا للفلسطينيين".

"مستعدة لتكرار تجربة الإنجاب من النطف المهربة"

أما ليديا ريماوي وهي ثاني زوجة أسير أنجبت عبر النطف المهربة قال بأنها لن تنسى مشاعر الخوف والرعب والكسر التي اعتلت وجوه جنود الاحتلال عند رؤية ابنها من الأسير عبد الكريم وهم يتساءلون عن ابن الأسير؟ مؤكدة استعداداها لتكرار التجربة إذا تسنى لها ذلك. 

فيلم غير معروف الجنسية

يقول الناقد السينمائي ناجح حسن وهو الذي شاهد الفيلم في مهرجان القاهرة السينمائي إنه محتار في جنسية الفيلم إن كان فلسطينيا بناء على قصته، أو مصريا لجنسية مخرجه، أو أردنيا لمكان تصويره، خاصة وأن جهات إنتاجه متعددة لتمويله من صندوق ساهمت فيه دول عربية غير مصر والأردن كالإمارات ما يجعله فيلما يتبع لجهة إنتاج غير معروفة.

وبين ناجح حسن لـ حسنى أن فيلم أميرة يمثل سينما مغايرة للسائد وغير مألوفة، وهو من إنتاج مجموعة الأفلام العربية المستقلة التي يحققها مخرجون بالتعاون مع صناديق تمويل أفلام سواء عربيا أو أجنبيا أو دوليا ليتمكنوا من صنع فيلمهم.

وأضاف ناجح حسن أن الفيلم صوّر بالأردن لتشابه الطبيعة بين الأردن والضفة الغربية المحتلة، حيث قدم الأردن تسهيلات عبر الهيئة الملكية للأفلام، مشيرا إلى أن الهيئة لا تتدخل في سيناريو الأفلام. 

وتعجب حسن من ترشيح فيلم أميرة عن سواه من الأفلام الأردنية للتمثيل في الأوسكار وخاصة وأن عدد منها يتحدث عن القضية الفلسطينية أيضا، مؤكدا أن تقاليد الأوسكار تتطلب عرضه تجاريا في الأردن قبل أسبوعين من ترشيحه، متسائلا عن القواعد التي استندوا إليه لترشيح هذا الفيلم.

تمويل إماراتي

وفيلم أميرة من إنتاج شركة فيلم كلينك المصرية - محمد حفظي، وشركة أكاميديا بيكتشرز الإماراتية - معز مسعود، وشركة الأستوديو الإماراتية ​- منى عبد الوهاب، وكذلك أشرف المخرجون والمنتجون الفلسطينيون هاني أبو أسعد وأميرة دياب والمنتجة المصرية سارة جوهر على الإنتاج، فيما شاركت رولا ناصر أيضًا كمنتج مشارك تحت راية شركة الإنتاج The Imaginarium Films ومقرها الأردن، والتي أشرفت أيضًا على الجزء الأردني من التصوير.

هل سيعرض فيلم أميرة في عمان؟ 

مهرجان كرامة لحقوق الإنسان - فيلم أميرة

 

إذا فإن أحد شروط ترشيح فيلم أميرة لجائزة الأوسكار هو عرضه تجاريا في عمان، ورغم أن الفيلم لم يعرض حتى اللحظة تجاريا وفق ما كشف مدير هيئة الإعلام المرئي والمسموع طارق أبو الراغب لـ حسنى، والذي أكد أنه وعند ورود الطلب ستنظر الهيئة في الفيلم وستقرر عرضه من عدمه رغم أن الفيلم قد عرض في حفل خاص لمهرجان كرامة لحقوق الإنسان.

إذا كيف ترشح للأوسكار 2022 ؟

الهيئة أوضحت أمس أن دورها يقتصر في الإعلان عن فتح باب التقديم للأفلام الطويلة للترشح لجوائز الأوسكار واستلام الأفلام وتنظيم سير العملية، إضافة إلى تشكيل لجنة مستقلة من خبراء معنيين بقطاع المرئي والمسموع، وقد وقع اختيار اللجنة على فيلم "أميرة" من بين عدد من الأفلام المتقدمة الأخرى، وأن بناء الحبكة والتمثيل ليس دورها مضيفة أن "قصة الفيلم خيالية".

وكان مدير الهيئة الملكية للأفلام مهند بكري قد أكد في تصريحات تلفزيونية قبل نحو أسبوعين أنه وطالما تم ترشيح الفيلم لجائزة أوسكار من قبل لجنة في الهيئة فإنه من المؤكد أن يعرض تجاريا في دور السينما لفترة محددة لتحقيق شروط الأوسكار.

نقيب الفنانين: فيلم أريد به باطل

نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب أكد عدم وجود أي علاقة بين النقابة وفيلم أميرة، مؤكدا أن موقف النقابة واضح تجاه الثوابت الوطنية والقومية والقضية الفلسطينية، وأنها جزء من المجتمع الأردني الذي يعتبر "إسرائيل" عدوا محتلا. 

وبين الخطيب لـ حسنى أن ما تناوله الفيلم حول قضية النطف المهربة لا يمثل الواقع عند الأسرى الفلسطينيين وأسرهم، معتبرا أن الفيلم يشوه المسيرة النضالية الفلسطينية وقضية الأسرى وأصبح أداة من أدوات العدو الإسرائيلي في زعزعة البنية المجتمعية، وأنه حق أريد به باطل.

وأكد ضرورة توخي الدقة عند اختيار المواضيع الدرامية وخاصة مواضيع القضية الفلسطينية والأسرى والذي يتطلب حذرا شديدا لكونها ليست مادة للترفيه والتسلية، رافضا الادعاء ببراءة الفلم حتى لو قيل إن قصته خيالية.

وبين الخطيب أنه لا يوجد قانون يجبر الفنان على إطلاع النقابة على السيناريوهات المقترحة عليه، مبينا أن النقابة طالبت عدة مرات بالتنسيق بين النقابة والجهات الفنية الأخرى.

#اسحبوا_فيلم_اميره

هذا وقد تصدر على تويتر هاشتاغ #اسحبوا_فيلم_اميرة والذي يرفض المغردون فيه فيلم أميرة ويطالبون بوقف عرضه، معتبرين أنه فيلم "إسرائيلي" يشوه قضية النطف المهربة. 

المرابطة المقدسية هنادي الحلواني قالت على صفحتها على فيسبوك إنه "لا يقبل أن يصدّر للعالم فيلم بهذا الهبوط الفنّي والفكري ليمثل أسرانا العظام"

فيما قال الإعلامي سامر خويرة إن فيلم أميرة يشكل إساءة كبيرة لقضية الأسرى ولسفراء الحرية، مطالبا طاقم العمل بالاعتذار عن هذا التشويه. 

المخرج السينمائي نورس صالح قال إن فيلم أميرة يبحث عن مكان له وسط التابوهات، وأطلق الخيال لأمرٍ لا يمكن حدوثه، في قضية مُقدّسة، تتعلق في الأسرى من جهة، وفي الطعن بالنسب من جهة أخرى، مضيفا أن هناك نقصا واضحا في المعلومات وتحويرا في النص.

 فيما قالت الروائية نردين أبو نبعة إنه من غير المقبول أن يشوه فيلم سيرة الأسرى ويخدم أجندة الاحتلال ويستخف بمشاعر الأسرى وعائلاتهم ويعتدي على أعراضهم ويستهدف الأطهار والأشراف من الأمة. 

الفنانة جولييت عواد وصفت فيلم أميرة بأنه من أقذر أنواع التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، داعية إلى منع عرضه نهائيا.

حمزة عثمان كتب أن فيلم أميرة مرفوض ومسيئ للأسرى البواسل ولا يخدم سوى الاحتلال، مضيفا أن عملية تهريب النطف تخضع لإجراءات معقدة جدا وفحص للجينات وأن ما عرضه الفيلم لا يمت للواقع بصلة.

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00