105 سنوات على وعد بلفور.. وجود باطل للاحتلال

الصورة
المصدر

تمر الذكرى 105 على وعد بلفور المشؤوم وما زالت معاناة الشعب الفلسطيني مستمرة وخيبات الأمل العربية لا تنتهي، "فالوطن الذي وعد به اليهود"، تحول إلى "دولة يهودية"، تكبر أطماعها، وجعلها تتوسع في ظل انهيار عربي شامل وتسارع في عملية التطبيع، وتهجير ليس للشعب الفلسطيني فقط وإنما تهجير للعديد من الشعوب العربية التي تبحث عن أوطان عبر البحار.

وعد بلفور إلى اللورد ليونيل روتشيلد

في الثاني من تشرين الثاني عام 1917، بعث وزير خارجية بريطانيا آنذاك آرثر بلفور، برسالة إلى اللورد ليونيل روتشيلد أحد زعماء الحركة الصهيونية، جاء فيها إن "حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل عظيم جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية".

مهّد هذا الوعد الخطوة الأولى لليهود الذين لم يكن يتجاوز عددهم في فلسطين أكثر من 5% من السكان، لإقامة كيانهم الذي حظي بدعم بريطانيا التي كانت تتولى الانتداب على فلسطين، فعملت على تسهيل هجرة اليهود من أوروبا ومختلف دول العالم إلى فلسطين، وفيما بعد دعما كبيرا من الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية.

كان وعد بلفور أول اعتراف من قبل قوة عالمية، "بإقامة وطن قومي لليهودي"، وبعدها في 25 نيسان/ أبريل سنة 1920، وافق المجلس الأعلى لقوات الحلفاء في مؤتمر سان ريمو على أن يعهد إلى بريطانيا بالانتداب على فلسطين، وأن يوضع وعد بلفور موضع التنفيذ حسب ما ورد في المادة الثانية من صك الانتداب.

وفي 24 تموز/ يوليو عام 1922 وافق مجلس عصبة الأمم المتحدة على مشروع الانتداب الذي دخل حيز التنفيذ في 29 أيلول 1923، وبذلك يكون وعد بلفور وعدا غربيا وليس بريطانيا.

رد الفلسطينيين والعالم العربي على وعد بلفور

سادت فلسطين حالة من الغضب والسخط على قرار وعد بلفور، فبدأت ردود الفعل تأخذ مسارات متعددة رفضا لهذا المشروع الذي صدر عن دولة لا تملك حق التصرف بأرض فلسطين لمن لا يستحق، فخرجت الاحتجاجات من قبل الفلسطينيين والعرب والدول الإسلامية عبر مختلف الوسائط ، قام العرب بعقد مؤتمرهم الأول في القدس عام 1919 وعلى مدى خمسة أيام تم خلاله رفض مشروع وعد بلفور، ورفض الهجرة اليهودية إلى فلسطين، كما أكدوا أن فلسطين هي سورية الجنوبية وجزء لا يتجزأ من سورية، وأن لا حماية ولا وصاية ولا احتلال على سوريا، داعين إلى استقلالها .

وتوالت ردود الفعل في فلسطين والعالم العربي، حيث نفذت الإضرابات والاحتجاجات والثورات في مختلف المدن الفلسطينية، رغم ما فرضته قوات الانتداب البريطاني من إجراءات وقرارات بحق كل من يرفض الهجرة اليهودية إلى فلسطين، لكن الشعب الفلسطيني لم يستسلم وبقي مستمرا في مواجهة القرارات البريطانية التي تفرض على الأرض من قبل الحركة الصهيونية وعصاباتها المسلحة، وخاض ثورات متلاحقة، كان أولها ثورة البراق عام 1929، ثم تلتها ثورة 1936.

"وعد من لا يملك إلى من لا يستحق"

قانونيون وفي مختلف الأوساط أكدوا أن وعد بلفور باطل من الناحية القانونية؛ وأن كل ما نتج عنه، وكل ما تأسس عليه فهو باطل، فالوجود البريطاني على أرض فلسطين كان مجرد احتلال، ولا يمنح الاحتلال، أو الانتداب الدولة المنتدبة حق التصرف بالأراضي الواقعة تحت وصايتها، أو أي جزء منها، وفلسطين ليست جزءا من الممتلكات البريطانية، حتى تمنحها لمن تشاء، ولأن الحكومة البريطانية أعلنت في مناسبات كثيرة أن الهدف من احتلالها هو تحرير فلسطين من السيطرة العثمانية، وإقامة حكومة وطنية فيها. من هنا يرى خبراء القانون الدولي أن تصريح بلفور ليس له صفة الإلزام القانوني، فهو تصريح من جانب واحد، لا التزامات متقابلة فيه، وقد صدر في صيغة رسالة موجهة من وزير الخارجية إلى أحد رعايا الدولة ذاتها، فليس لهذا التصريح صفة المعاهدة أو الاتفاق أو العقد الدولي.

تمكّن اليهود من استغلال دعم الانتداب البريطاني لهم وما صدر من قرارات مثل قرار الجمعية العامة عام 1947، القاضي بتقسيم فلسطين ليحققوا حلمهم بإقامة كيانهم المزعوم في الخامس عشر من أيار عام 1948، وليحظى هذا الكيان بعضوية الأمم المتحدة بضغط الدول الكبرى.

انسحبت بريطانيا وأعلنت انتهاء انتدابها عن فلسطين لتتسلم العصابات الصهيونية التي ارتكبت المجازر في المدن الفلسطينية وعملت على تهجير سكانها، الأرض الفلسطينية وتقيم كيانها وتحصل على اعترافات دولية من الدول العظمى التي تأمرت على الشعب الفلسطيني وما زالت تغض الطرف عما يرتكبه الاحتلال من مجازر وقتل وتشريد، إلا أن الفلسطينيين أثبتوا رغم كل هذه الويلات تمسكهم بأرضهم وحقهم فيها، رافضين الاعتراف بالوعد المشؤوم ونتائجه الكارثية.

00:00:00