"الأردنيات" في تعديلات المادة (6) من الدستور .. بين التخوفات والتطمينات ..

الصورة
المصدر

استطلعت حسنى آراء بعض القانونيين والخبراء الناشطين في مجال المرأة والطفل وحقوق الإنسان حول الجدل الدائر بخصوص التعديلات الدستورية التي أقرتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية على المادة (6) من الدستور، والمعروفة بمادّة "الأردنيات"، وجاءت الآراء بين التخوف من الطعن الدستوري بهذه المادة من أجل تشريع وقوننة بعض السلوكات المخالفة لأحكام الشريعة الإسلامية المتعلقة بالمرأة والأسرة، وبين تطمينات بأن جميع أحكام المرأة والأسرة محصنة بالدستور وتتبع أحكام الشريعة الإسلامية.

التعديلات الدستورية

وقالت رئيسة اللجنة القانونية في منتدى تمكين وتدريب المرأة والطفل الأستاذة ليلى عطا لـ حسنى بأن إضافة لفظ "أردنيات" إلى عنوان الفصل السادس من الدستور ضمن التعديلات الدستورية التي أقرتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية يعني تقسيم الأردنيين إلى أردنيين وأردنيات أي إلى فئتين، وبالتالي هذا يستدعي المساواة التامة بينهما، لأن المساواة النسبية تكون ضمن الفئة الواحدة فقط.

وأضافت عطا بأن المساواة النسبية تطبق فقط ضمن الفئة الواحدة وفق المراكز القانونية لكل شخص فالنائب لديه حصانة ولكن المواطن العادي ليس لديه الحصانة وهكذا، ولكن عندما تم إقرار فئتين، فيجب أن نساوي الفئتين ببعض مساواة تامة، وقد بدأنا نسمع عن مطالبات من بعض العاملات في المنظمات النسوية الممولة أجنبياً وحتى قبل إقرار هذه المادة بإعادة النظر بالشريعة الإسلامية بما يتعلق بموضوع المساواة التامة بالميراث.

واستغربت عطا قول بعض القانونيين والدستوريين بأن هذا التعديل لن يضيف شيئا وبالتالي الإبقاء عليه، لأن هذا يخالف قاعدة قانونية تنص" بأن أي إضافة في المبنى(بنية النص) تفيد زيادة بالمعنى"، وبما أنه لا إضافة لهذه الكلمة فالآولى عدم وضعها ضمن الدستور.

من جهتها، قالت الوزير الأسبق وأمين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة وعضو لجنة تمكين المرأة باللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ريم أبو حسان أن صفة المذكر إذا كانت للجمع تشمل الذكر والأنثى وهذا أكيد، ولكن إضافة اللجنة الملكية للفظ "الأردنيات" في عنوان الفصل السادس من الدستور جاءت من أجل الإشارة أو رسالة إلى دور المرأة الأردنية وواجباتها.

وأضافت أبو حسان لـ حسنى بأنه الديوان الخاص بتفسير القوانين نص على أن العنوان لا يؤثر على الأحكام الموجودة في النصوص، وأن اللجنة اهتدت لهذه الإضافة من خلال الخطاب في القرآن الكريم للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، والصادقين والصادقات.

وبينت أبو حسّان بأن قانون الأحوال الشخصية الذي يتبع الشريعة الإسلامية محصن بالدستور الأردني من خلال المادة 106 من الدستور التي تنص على: "تطبق المحاكم الشرعية في قضائها أحكام الشرع الشريف"، وبالتالي فإن مسألة "المساواة بالإرث" على سبيل المثال تنظر من خلال هذه المحاكم التي تتبع الشرع الشريف كما ورد في الدستور.

تعريف العنف

وتباينت الآراء بخصوص وجود تعريف  محدد للعنف أم لا، حيث أشارت عطا بأنها مع تمكين المرأة،" والمرأة فعلياً بحاجة لتمكين حقيقي"، ولكن الإشكال في تعديلات المادة 6 من الدستور والتي تنص على "تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز"، هي في كلمة "العنف" التي لا يوجد لها تعريف في الدستور أو القوانين الأردنية، وعرفتها فقط الإتفاقيات الدولية.

ومن ضمن تعريفات العنف وفق الاتفاقيات الدولية، العنف ضدّ الشذوذ الجنسي، وزواج الفتيات تحت سنة الـ 18، وبالإضافة إلى منع المرأة من حريتها الجنسية خارج إطار الزواج والأسرة، وكل هذه تخالف الشريعة الإسلامية.

وبينت عطا بأن المادة هذه إذا بقيت سوف تسمح بمساحة واسعة للطعونات الدستورية، والتي تختلف من محكمة دستورية لأخرى، ولا تصبح دستوراً أو قانوناً.

وفي رأي آخر، أكدت أبو حسان بأن الأردن دولة مؤسسات وقانون، وتم إقرار قانون الحماية من العنف الأسري عام 2008، وعدل عليه عام 2016 وصحيح أنه لا يوجد تعريف "للعنف" في قانون الحماية من العنف الأسري إلا أن التعريف أرجع لتعريف العنف في قانون العقوبات الأردني، فالموضوع غير متروك بدون ضوابط.

ويشمل تعريف العنف في قانون العقوبات الأردني، العنف النفسي، والعنف الجسدي، والاعتداءات الجنسية، بالإضافة للحرمان من الحرية، وبينت أبو حسان بأن الأردن دولة رائدة على مستوى الوطن العربي بقضايا العنف الأسري وهي تعمل قبل 2008 على هذا الملف من خلال مؤسسات الدولة سواء إدارة حماية الأسرة التابعة للأمن العام، أو دور الإيواء التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، أو الإجراءات الموجودة في وزارة الصحة من الطب النفسي والطب الشرعي.

اقتراحات وبدائل

واقترحت عطا ايجاد بدائل لهذه المادة منها إقرار قانون متعلق بالعنف، مع تعريف العنف، و تحديد هذه الحالات بنص القانون، أو تعديل المادة لتصبح "تكفل الدولة تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وفق أحكام الشريعة الإسلامية".

الأسرة محصنة بالدستور

أما بخصوص التخوفات من قوننة وشرعنة الشذوذ الجنسي، فقالت أبو حسان إن الدولة الأردنية كانت واعية لهذا الموضوع منذ التعديلات الدستورية عام 2011  وتم إضافة فقرة خاصة بالأسرة حيث تحدث النص الدستوري الفقرة (4) من المادة (6) من الدستور "الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن، يحفظ القانون كيانها الشرعي ويقوي أواصرها وقيمها"، بالإضافة للفقرة (5) من نفس المادة " يحمي القانون الأمومة والطفولة والشيخوخة ويرعى النشء وذوي الإعاقات ويحميهم من الإساءة والاستغلال"، وبالتالي فالدستور الأردني حصّن الأسرة أيضاً وضمن ضوابط الشريعة الإسلامية.

وأشارت أبو حسان بأن لجنة تمكين المرأة في اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية عقدت قبل إقرار هذه التعديلات لقاءات ونقاشات عديدة شملت جميع منظمات المجتمع المدني من جميع الاتجاهات من ضمنها القطاع النسائي في حزب جبهة العمل الإسلامي.

وبينت أنه كان هناك توجها لإقرار مبدأ المساواة في المادة السادسة من الدستور، إلا أنه لغايات التوافق مع أعضاء اللجنة الملكية تم إقرار مبدأ العدالة والإنصاف، الذي أرى بأنه سوف يقوم لتمكين المرأة.

يشار إلى أن مجلس النواب شرع في مناقشة توصيات اللجنة القانونية النيابية لمشروع التعديلات الدستورية الذي شمل الفصل السادس من الدستور.

00:00:00