تعتزم الحكومة عقد مؤتمر صحفي للحديث عن مطاعيم الحصبة والحصبة الألمانية التي سيتم إعطاؤها لنحو 2.6 مليون طالب وطالبة، حيث سيقوم وزير الصحة فراس الهواري بتوضيح الحقائق العلمية والطبية المتعلقة باللقاحات برفقة مختصين في القطاع الصحي. 

وقال وزير الصحة د. فراس الهواري لـ حسنى اليوم الأحد إن التطعيم الجاري في المدارس الآن هو للمطعوم الثلاثي للوقاية من "الكزاز والدفتيريا والخناق" ضمن البرنامج الوطني للمطاعيم، أما حملة التطعيم التي ستطلقها الوزارة للوقاية من الحصبة فلم تبدأ حتى الآن، لأن مطعوم (MR) الهندي لم يصل إلى الأردن بعد. 

ويأتي هذا المؤتمر الصحفي الذي تنوي الحكومة عقده غدا الإثنين على خلفية تزايد دعوات الأهالي لتعطيل أبنائهم عن المدارس احتجاجا على أخذ المطعوم، كما أعلنت بعض المدارس الخاصة عبر مجموعات (وتس آب) عن دعمها لمثل هذه الحملات من خلال عدم إعطاء المطعوم للطالب إلا بعد موافقة ذويه.

وزير التربية: الطالب ملزم بأخذ مطعوم الحصبة

من جهته أكد وزير التربية والتعليم د. عزمي محافظة عبر حسنى اليوم أن الوزارة لن تتوانى في تطبيق أسس الحضور والغياب على الطلبة في المدارس الحكومية والخاصة، مشددا على أن الطالب ملزم وفق قانون الصحة العامة بأخذ مطعوم الحصبة، مبينا أن امتناعه عن أخذه سيسبب خطرا على المجتمع المحيط به وسيقلل من نسبة المناعة المجتمعية الواجب تحقيقها تجاه مرض الحصبة. 

وأكد محافظة أن إلزامية أخذ مطعوم الحصبة لا تتعارض مع حقوق الطفل أو الأهل، إذ إن لوزير الصحة الأحقية في إلزام المجتمع بمطعوم ما في حال استشرى الوباء، لافتا إلى أن تسجيل 163 حالة لمن هم دون 18 عاما يعد مؤشرا خطيرا تحمل وزارة الصحة مسؤولية مجابهته.

نسب متدنية لنسب المناعة من الحصبة 

يقول محافظة بصفته اختصاصي الأحياء الدقيقة والمناعة، إن مرض الحصبة من الأمراض الفتاكة التي تنتشر بسرعة ولا يمكن وقف انتشارها إلا بتحقيق نسبة مناعة مجتمعية عالية جدا، حيث تدنت نسبة المناعة من الحصبة في الأردن إلى نحو 80% بسبب جائحة كورونا، بينما يجب أن لا تقل عن 95%. 

وكان الأردن قد حقق خطوات كبيرة تجاه مرض الحصبة، حيث لم يتم رصد أو تسجيل حالات بالحصبة منذ سنوات بسبب حملات التطعيم، إذ سجلت نسب المناعة المجتمعية ضده نحو 98% في سنوات عديدة ماضية، في حين أن تسجيل 163 حالة جديدة في مجتمع كان قد خلا من الحصبة لسنوات يستدعي قطعا إجراءات حازمة وشديدة حياله -بحسب محافظة-. 

هذا وتصنف الأمراض بأنها أوبئة في حال تسجيل إصابات بأعداد أكبر بكثير مقارنة بالسنوات السابقة، حيث صنفت وزارة الصحة مرض الحصبة بالوباء.

جمعية المهندسين الوراثيين يجب أن تحاسب

ودعا محافظة إلى محاسبة جمعية المهندسين الوراثيين بوصفها مسؤولة عن نشر شائعات تشكك في مطعوم الحصبة دون دراية أو دراسات علمية، ووصف محافظة ما يتم تناقله بأنه خرافات مضللة لا أساس علمي لها وخارجة عن اختصاص الجمعية.

الحصبة.. إجهاضات وأجنة مشوهة

وفي حديثه عن خطورة مرض الحصبة، بين الطبيب المختص في المناعة د. محمد خليفة أن مرض الحصبة لا يؤثر فقط على الطفل المصاب به بل ينتقل تأثيره إلى ذويه، إذ إن تأثيراته الشديدة تظهر على النساء الحوامل، وفي حال انتقلت العدوى لامرأة حامل فقد تسبب إجهاضات متكررة أو تشوهات في الأجنة، كما أنه قد ينتقل إلى كبار السن أصحاب المناعة القليلة ما يؤثر على صحتهم. 

ويضيف خليفة أن إصابة الطفل بمرض الحصبة قد تتسبب بأعراض شديدة قد تصل إلى التهابات بالرئة أو الدماغ، موجها نصيحة للأهل المعارضين للمطعوم قائلا:

"الإصابة بالمرض أصعب وأكثر خطورة مما يسببه المطعوم من أعراض بسيطة كالحرارة أو الصداع".

ولفت خليفة إلى أن وزارة الصحة مطلعة على الآثار الجانبية للمطاعيم، وهي على معرفة بالتبعات الصحية للإصابة بالمرض، وهذا يحتم عليها إجراء عمليات التطعيم كلما استدعت الحاجة؛ حماية للمجتمع وأطفاله. 

ويتضمن مطعوم الحصبة (MR) والحصبة الألمانية (MMR) لقاحا ضد النكاف (أبو دغيم) أيضا والذي تسبب الإصابة به العقم عند بعض الذكور.

اقرأ المزيد.. مطعوم الحصبة غير مسجل لكنه آمن

كيف يعمل المطعوم في الجسم؟

وتحتوي المطاعيم على جرثومة مضعفة للمرض مع إبطال الجزء المسبب للأعراض الشديدة، ويقوم مبدأ المطعوم على تعريض الجسم للمرض وتعريفه عليه لاكتساب ذاكرة مناعة طويلة الأمد، وتجنب إصابة الجسم بأعراضه الشديدة في حال الإصابة به لاحقا. 

ويضرب د. خليفة مثالا على فاعلية المطاعيم قائلا:

"في الولايات المتحدة سُجل عام 1921 نحو 900 ألف حالة حصبة، بينما تضاءل العدد لـ 6 حالات عام 2000 بعد تطبيق برنامج التطعيم الوطني".

هل تسلّم حياة أطفالك للإشاعات؟

د. فارس البكري استشاري أول في الأمراض المعدية وجه رسالة للأهالي متسائلا: ماذا تعرف عن ناشري الإشاعات؟ ما هي مؤهلاتهم العلمية؟ فهل تضع حياتك وحياة ابنك بيد ناشر إشاعات لا تعرف اسمه، أو مؤهله العلمي؟ 

ويضيف البكري قائلا إن مروجي الإشاعات يحاولون اللعب على وتر المشاعر لإثارة الرعب دون هدف حقيقي، مؤكدا أن مرض الحصبة مرض خطير تتجاوز سرعة انتشاره وباء كورونا، كما أن الإصابة به قد تؤثر على الدماغ والرئة. 

وقال البكري إن الوضع الوبائي يخضع للمناقشة دوريا من قبل لجان على مستويات أكاديمية وطبية، وإن اتخاذ قرار إعطاء مطعوم الحصبة لا يرجع لقرار شخصي وإنما تتم مناقشته على عدة مستويات عند الإجماع على أن الوضع الوبائي يستدعي ذلك. 

ويصنف مرض الحصبة عالميا بأنه مرض خطير، حيث يحتاج 20% من المصابين به إلى الدخول للمستشفى، ويعاني الطفل المصاب به من الإعياء الشديد، كما أن له آثارا طويلة الأمد يمكن أن تظهر على الدماغ بعد مرور 10 سنوات على الإصابة به -بحسب البكري-.

لماذا خط الإنتاج هندي؟

وتناقل مروجو الإشاعات أن المشكلة في مطعوم الحصبة هي منشؤه الهندي؛ للتشكيك بجودته، رغم أن الصناعات الدوائية في الهند تخضع كغيرها للرقابة والمنافسة. 

ويقول البكري إن الشركات المصنعة للمطاعيم تنافس على أعلى المستويات وتحتاج إلى أن تنال ثقة الدول ومنظمة الصحة العالمية لاعتمادها، حيث إن الشركة الهندية التي تصدر هذا المطعوم شركة عريقة في السوق وهي تصدّر لعشرات الدول، كما أن الأردن يستورد العديد من المطاعيم منها وليس الأمر محصورا على مطعوم الحصبة. 

ويضيف البكري أن الشركة مجازة من منظمة الصحة العالمية، وهي منظمة لا تجيز الشركات إلا بعد العشرات من الدراسات والمئات من تقارير العلماء.

حملات توعية طبية مضادة لحملة الشائعات المضللة

وفي حملة مضادة، تحمّل أطباء مسؤولية قسمهم الطبي ونشروا فيديوهات عبر منصاتهم المختلفة موضحين فاعلية مطعوم الحصبة ومرسلين رسائل طمأنة للأهالي وفق أسس علمية وطبية.

اقرأ المزيد.. رسالة طمأنة من وزارة الصحة للأهالي حول مطعوم الحصبة