جبهة موحدة لمقاومة التطبيع
أذكر في العام 1982، وفي بطولة كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في إسبانيا، كنا ننتظر مباراة البرازيل وإيطاليا في الدور ربع النهائي، وقتها كان المنتخب البرازيلي مدجج بالنجوم والمنتخب الإيطالي يتقدم نحو المباراة النهائية بفضل هدافه باولو روسي.
في تلك الفترة لم تظهر الخلويات بعد ولا الفضائيات، فكانت المباريات تبث عبر اتحاد إذاعات الدول العربية ومقره تونس في بث مشترك إلى جميع الدول العربية، كانت المفاجأة أن اللجنة المنظمة لكأس العالم قامت بتعيين حكم إسرائيلي لإدارة المباراة التي ينتظرها الجمهور في الأردن وفي الوطن العربي وفي العالم، وبسبب هذا الحكم حُرم الجمهور العربي من مشاهدة المباراة بعد أن رفض اتحاد إذاعات الدول العربية بث هذه المباراة والتزمت جميع الشاشات العربية بعدم البث التزاما بقرار جامعة الدول العربية ومكتب المقاطعة الذي كان فعالا في ذلك الوقت لمنع أي تواصل مع الكيان الغاصب سواء ما يتعلق بالأنشطة الرياضية أو الاقتصادية أو غيرها من النشاطات.
كان مكتب المقاطعة يراقب ولديه سجل بكل الأشخاص والمؤسسات التي تتعاون مع الاحتلال وتتواصل معه أو مع أي جهة إسرائيلية أو تابعة للكيان، فكانت في حال ثبت تواصلها توضع على لائحة سوداء ويتم نشر أسماء الشركات سواء إسرائيلية أو غيرها ممن لديها شراكات مع الاحتلال ولها نشاطات اقتصادية ويتم التعميم على الدول العربية لمقاطعتها.
تهاوت المقاطعة هذه الأيام بعد أن سقطت الدول العربية في أحضان المحتل دولة تلو الأخرى وأصبح التواصل والتطبيع في العلن وعلى المكشوف دون رادع أخلاقي أو سياسي أو ديني، لتصل الأمور بمطالبة دول عربية وعبر حملات إعلامية بحيث تتقبل الشعوب العربية "إسرائيل" في المنطقة كونها أصبحت شريكة في تحالفات إقليمية، ولكن رغم هذه المحاولات فالشعوب العربية لم تستسلم.
اليوم يعرض في عمان فيلم بعنوان "موت على ضفاف النيل" من بطولة ممثلة إسرائيلية، وقد خرجت أصوات تنادي بعدم عرض الفيلم في دور السينما الأردنية ولكن للأسف لم يتم الاستجابة لها مع أن تاريخ هذه الممثلة مليء بالكراهية ضد العرب وسبق أن عملت مجندة في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وبررت هيئة الإعلام قرارها بالموافقة على عرض الفيلم "بأن الرقابة على المصنفات تكون على محتوى الفيلم بحيث لا يخالف التشريعات الناظمة لعمل هيئة الإعلام في هذا الاختصاص"، أما الممثلة فيمكن رؤيتها باعتبارها خارج المحتوى وكأن التطبيع لم يعد مشكلة.
إننا ننادي بوقف عرض الفيلم وعلى دور السينما أن تتوقف عن عرضه وهذه مهمتها ودورها لأن الاتفاقيات السلمية وتواصل الحكومات العربية مع الاحتلال لم ينجح في اختراق إرادة الناس الذين ما يزالون يرفضون الاستسلام والتطبيع مع الاحتلال، لا بل يجب تفعيل المقاطعة ورفض أي تعاون اقتصادي وثقافي وفني ورياضي مع الكيان الغاصب الذي ما يزال يمعن في سياسته العنصرية ضد العرب ويمارس القتل والإجرام بحق الشعب الفلسطيني والعربي.
مهما عملت الحكومات لن نعترف بهذا الكيان الغاصب وسنبقى نقاوم ونقف ضد التطبيع الذي يحتاج إلى جبهة عربية موحدة تقف بوجه هذا الكيان لتعريته وتجريمه بكافة السبل.