شخصية ترامب التفاوضية!

الصورة
دونالد ترامب خلال مؤتمر صحافي مع بنيامين نتنياهو 5/2/2025 | المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية
دونالد ترامب خلال مؤتمر صحافي مع بنيامين نتنياهو 5/2/2025 | المصدر: وكالة الأنباء الفرنسية
آخر تحديث

يلتقي الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الأمريكي ترامب في أجواء مشحونة جدا تبعت تصريحاته العدائية التي تزعزع الأردن ومصر، والتي تزامنت مع توقيعه لقرارات تهدد مستقبل القضية الفلسطينية برمتها. 

ويحتاج الوفد المرافق للملك قبل هذا اللقاء إلى مراجعة السمات الشخصية الأساسية للرئيس الأمريكي وفهم أسلوبه التفاوضي والاستعانة بمتخصصين في العلوم النفسية كون الرجل يطغى بشخصيته في قراراته السياسية وسلوكه الدولي حتى فوق كل المؤسسات الأمريكية.

ترامب يعتمد على أسلوب الضغط العالي 

‏‎يشرح ترامب في كتابه فن التفاوض "The Art of the Deal" الأسلوب القائم على الضغط العالي، والمساومة القاسية، والتصريحات الصادمة التي تتجاوز كل الحدود بهدف إرباك الطرف الآخر وإضعاف موقفه النفسي. ثم حين تبدو على الطرف المقابل علامات التردد أو الانكسار، يقدم فجأة عرضا يبدو وكأنه تنازل. 

‏‎أسلوب ترامب هذا ليس مجرد نهج سياسي، بل انعكاس لشخصيته التي تشكلت في عالم المال قبل السياسة، فهو يبحث دائما عن الشعور بالسيطرة والانتصار السريع، لكنه في الوقت ذاته ينهار أمام الحزم الحقيقي. 

ترامب لا يرى العالم أيديولوجيا بل شخصيا 

على عكس الرؤساء الأمريكيين التقليديين، فهو لا يحلل القادة وفق الأيديولوجيا أو المصالح الاستراتيجية بقدر ما يقيمهم وفقا لانطباعاته الشخصية وتجربته المباشرة معهم. لذا فإنه: 

  • يحترم بوتين لأنه يرى فيه قائدا مسيطرا.

  • يتردد أمام أردوغان لأنه لا يقبل الإملاءات بسهولة. 

  • حاول كسب ود كيم جونغ أون من خلال التصعيد ثم "الصداقة".

صفقة أمريكا مع طالبان أنموذجا 

‏‎رغم أن الانسحاب الفوضوي من أفغانستان حدث في عهد بايدن، فإن ترامب هو من بدأ الصفقة مع طالبان عبر اتفاق الدوحة 2020. وبدأ بموقف تفاوضي قوي، لكنه في النهاية قبل بتنازلات كبيرة لصالح طالبان، منها إخراج الحكومة الأفغانية حينها من المفاوضات. والنتيجة النهائية خروج مذل لأمريكا لم يتمكن فيه الجيش الأمريكي حتى من سحب أسلحته ومعداته بالكامل.

هوس ترامب بجائزة نوبل للسلام 

‏‎ترامب لديه هوس شخصي بجائزة نوبل للسلام، ويعتقد أنه يستحقها لإنجازاته الدبلوماسية -رغم أنها سطحية في كثير من الأحيان-. وهذا يجعله يحذر من الانخراط في حروب غير متوقعة لأنها تخرب صورته أمام العالم وتمنع حصوله على الجائزة. ولذلك فإنه إذا واجه وضعا قابلا للانفجار يفضل التراجع عن التصعيد بدلا من المخاطرة بموقف غير محسوب.

نتنياهو يتلاعب بترامب 

‏‎في المؤتمر الصحفي اليوم، نتنياهو تلاعب بترامب بوضوح من خلال الإفراط في المديح والثناء، باستخدام العبارات نفسها التي يصف بها ترامب نفسه مع تكرار الحديث عن إنجازاته العظيمة لاستدراجه عاطفيا. وعلى هذه الأنغام التي يحب سماعها دخل ترامب في الطواف حول نفسه منتقدا فترة الأربع سنوات السابقة و كرر ذلك أكثر من 5 مرات. 

تفضيل الإيجاز والاختصار 

شخصية ترامب توحي بأنه قليل الصبر ومتكبر على التعلم، وبالتأكيد أنه لا يقرأ ويحب الإيجاز ولا يميل إلى التفاصيل المعقدة التي تشعره بأنه غير ملم بالموضوع. ولذلك يجب تقديم الرسائل بوضوح وباختصار دون تعقيدات.

استبعاد المساعدات من النقاش 

يجب استبعاد موضوع المساعدات تماما من النقاش، فهي ليست منة ولا ورقة ضغط، بل نتيجة اتفاقات قديمة ومصالح استراتيجية مشتركة. وضعها على الطاولة وكأنها أداة تفاوضية يقلل من الموقف الأردني، بينما المطلوب هو التركيز على الاستقرار الإقليمي كأولوية.

‏‎وكل هذا -وأكثر منه يحتاج إلى متخصصين- يعكس نقطة أساسية وهي أن ترامب مهووس بذاته، ويريد تحقيق إنجازات شخصية، ويخشى المغامرة والخسارة إذا شعر بحزم الطرف المقابل وجديته وأنه إذا استمر في تعنته التفاوضي قد تخرج الأمور عن السيطرة وتؤدي إلى فوضى إقليمية تضيع فيها المصالح المستقرة ويتهاوى معها الوضع القائم "Status Quo" ويصبح فيها تحقيق السلام المنشود جزئيا غير ممكن، وفي ظل كل ذلك يتعزز حضور الخطاب المعادي للمصالح الغربية وتصعد النزعات العنيفة في معالجة الأمور لدى شعوب المنطقة، إذا وصلته الرسالة حول كل ذلك فهو غالبا سيتراجع.

اقرأ المزيد.. سياسة لاعب البوكر

دلالات
شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00