الأمة مصدر السلطات أم تابع للسلطات

الصورة

بقلم لؤي فروخ

تنص كثير من دساتير الدول بما فيها الأردن على أن الأمة مصدر السلطات، بمعنى أن الأمة بمن يمثلها من نواب الأصل أن تكون هي من تحدد من يستلم السلطة سواء كانت تنفيذية أم تشريعية، فنوابها هم السلطة التشريعية ونوابها الأصل هم من يقوموا بتنفيذ القوانين التي يتبنوها، ونوابها هم من يضعون مسودة الدستور والعقد الاجتماعي الذي ينظم العلاقة بين السلطات، هذا معنى ومضمون "الأمة مصدر السلطات" وهذا ما هو مطبق في البلاد الغربية التي تتبنى النظام الديمقراطي.

الأنظمة التي تركها الاستعمار من صاغ الدساتير العربية

لكن في بلاد العرب ومنها الأردن، بالرغم من أن دستورها ينص على أن الأمة مصدر السلطات، لكن الأمة ونوابها لم يضعوا مسودة الدستور، وإنما وضعه النظام الذي وصل للحكم دون أن يكون للناس رأي أو قرار في هذا النظام، خاصة أن معظم إن لم تكن كل الأنظمة العربية نشأت بدعم من الدول التي كانت تستعمر هذه الدول مثل بريطانيا وفرنسا، وتم فرض هذه الأنظمة بالقوة، ومن أجل شرعنة هذه الأنظمة تم تشكيل مجالس نيابية أو تشريعية موالية للنظام، وما كان من هذه المجالس إلا أن قامت بتبني مسودات الدستور حسب ما يريد النظام.

التعديلات لدينا لا تأتي من مصدر السلطات!

والآن نسمع عن تعديلات دستورية، مرة تأتي بطلب من الحاكم نفسه ومره أخرى تأتي من الحكومات التي يعينها الحاكم نفسه بدل أن تأتي من النواب أنفسهم، لأن الأصل أنهم هم مصدر السلطات وليس الحاكم وليست الحكومة.

هذه التعديلات تأتي للمجالس النيابية لإقرارها فقط، لنقاش شكلي ثم إقرارها، فالنواب أصبحوا أتباعا للحاكم والحكومة وهم يتسابقون في إقرار تعديلات دستورية تعطي الحاكم مزيدا من الصلاحيات وتحصن الحاكم من المحاسبة، بدلا من إجراء تعديلات دستورية تعيد للنواب حقهم المسلوب في أن الأمة مصدر السلطات بدل أن يكونوا تبعا للسلطات.

في ظل هذا الواقع سنرى كثيرا من المهازل في المجالس النيابية، لأنها ارتضت لنفسها أن تكون ذيلا وتابعا للسلطة وليس لها هدف سوى كيل المديح للحاكم وإعطائه مزيدا من الصلاحيات والمناكفات السياسية.

الأكثر قراءة
00:00:00