لقاء الملك مع بايدن طي لصفقة القرن وتحريك لعملية السلام

الصورة
AP/Raad Adayleh
AP/Raad Adayleh
المصدر

ينظر محللون إلى الزيارة التي يقوم بها الملك عبدالله الثاني إلى واشنطن ولقائه بالرئيس الأميركي جو بايدن في 19 تموز الجاري، على أنها فرصة لإعادة العلاقات بين الولايات المتحدة والأردن، بعد أن أصابها الفتور لفترة عارض فيها الملك بشدة خطة الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب" للسلام في الشرق الأوسط، والتي عرفت بصفقة القرن، حيث اعتبر أنها تقوض الدور التاريخي للأردن كوصي على الأماكن المقدسة في القدس، وتشكل تهديدا للقضية الفلسطينية من خلال الاستيلاء على القدس وأراضي غور الأردن وزيادة بناء المستوطنات في مناطق الضفة.

البيت الأبيض أعلن عن هذه الزيارة في بيان قائلا: "إن زيارة الملك ستسلط الضوء على الشراكة الدائمة والاستراتيجية بين الولايات المتحدة والأردن، الشريك الأمني الرئيسي والحليف للولايات المتحدة".

الأردن يواجه في هذه الفترة العديد من التحديات المحلية والإقليمية وأهمها الأوضاع الاقتصادية الصعبة جراء تداعيات جائحة كورونا، التي أدت إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى ما يزيد عن 25% بحسب تقديرات أولية، إلى جانب ما يعانيه من ضغوطات اجتماعية وسياسية وصحية، ناتجة عن زيادة أعداد اللاجئين وبالذات اللاجئين السوريين الذين طالت أزمتهم دون حل في الأفق، وما يواجه الأردن أيضا من نقص حاد في المياه مع جفاف إمدادات المياه الجوفية.

الملك يؤكد على مواقف الأردن الثابتة

يعتبر أستاذ الدراسات الدولية في الجامعة الأردنية الدكتور حسن المومني في حديثه لـ حسنى أن هذا اللقاء هو الأول لبايدن مع زعيم عربي في البيت الأبيض، وسيكون فرصة لإبراز قضايا المنطقة ومن أهمها ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إذ سيؤكد الملك موقف الأردن الثابت من القضية الفلسطينية والمتمثل بحل الدولتين الذي يجسد قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران، وهو الموقف التقليدي الذي ظل الأردن يطالب به إلى أن توقف في عهد الرئيس الأميركي السابق، الذي سعى إلى إنجاز صفقة القرن وتجاهل المطالب الفلسطينية والعربية والقرارات الدولية.

وإلى جانب القضية الفلسطينية هناك قضايا ستكون على طاولة المباحثات، وفق ما يقول المومني، ومن أبرزها قضايا الإرهاب والأوضاع في سوريا والعراق، وخاصة بعد الشراكة الثلاثية بين الأردن ومصر والعراق والتي أبرزت جوانب اقتصادية وسياسية مهمة تهم هذه الدول والمنطقة.

إعادة تدفق المساعدات الأميركية للأردن

ويؤكد المومني أن الأردن شريك اقتصادي للولايات المتحدة الأميركية، حيث يأتي هذا اللقاء بعد أكثر من عامين من عدم إجراء أي لقاءات على مستوى القمة بين البلدين، لذلك يمكن أن يكون موضوع المساعدات وإعادة تدفقها، أحد أهم القضايا التي ستكون ضمن المباحثات، وخاصة أن الأردن يحاول استعادة نشاطه بعد جائحة كورونا، منوها أن هذه الإدارة الأميركية داعمة للموقف الأردني، ومنذ تسلمها الحكم في الولايات المتحدة حيث ظهر ذلك الموقف من خلال "قضية الفتنة" في الأردن بالاتصال الذي أجراه بايدن مع الملك معبرا عن الدعم الأميركي القوي للأردن، والتشديد على أهمية قيادة عبد الله الثاني بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية".

ويرى المحلل سين سافيج في تقرير نشره على موقع "Syndicate News Jewish " الأميركي، أن هناك شراكة دائمة واستراتيجية بين الولايات المتحدة والأردن، الذي يعتبر شريكا أمنيا ​رئيسيا وحليفا للولايات المتحدة"، مشيرا إلى أن أميركا تحركت بسرعة لمساندة الأردن في أزمة المياه من خلال الضغط على الجانب الإسرائيلي لتزويد الأردن بالكميات التي يحتاجها من المياه بعد النقص الحاصل بسبب شح المياه وانخفاض منسوب السدود وبالذات السدود المزودة لمياه الشرب.

ويلفت أيضا إلى العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، إذ أعلنت الولايات المتحدة بهدوء أنها ستنقل قواعد جيشها من قطر إلى الأردن، معتبرا أنها خطوة لتقليل خطر الهجمات الصاروخية أو بقذائف الهاون من إيران أو ميليشياتها الإقليمية في العراق ضد القوات الأمريكية في المنطقة - فقد تكون أيضًا إجراءً لزيادة تعزيز تحالف أمريكا الاستراتيجي مع الأردن.

أمريكا ترحب بالاتفاق المائي بين الأردن والكيان المحتل

الولايات المتحدة رحبت بالاتفاقات بين الكيان المحتل والأردن المتعلقة بالجانب المائي، مشيرة إلى أن "هذه الأنواع من الخطوات الملموسة هي التي تزيد الرخاء للجميع وتعزز الاستقرار الإقليمي".

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس قال: "سنوسع التعاون الاقتصادي بين الأردن وأمريكا لما فيه خير البلدين"، وهو يتوافق مع بيان البيت الأبيض الذي أكد أن اللقاء "سيكون فرصة لمناقشة العديد من التحديات التي تواجه الشرق الأوسط وإبراز دور الأردن القيادي في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة، بحيث يعمل الرئيس بايدن مع الملك لتعزيز التعاون الثنائي في العديد من القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية، بما في ذلك تعزيز الفرص الاقتصادية التي ستكون حيوية لمستقبل مشرق في الأردن."

ديفيد ماكوفسكي، مدير مشروع كوريت للعلاقات العربية الإسرائيلية في معهد واشنطن يعتقد أن الزيارة "إشارة إلى دعم واشنطن للمملكة الأردنية الهاشمية التي يُنظر إليها على أنها حليفة موالية لأمريكا".

وقال ماكوفسكي: "بينما تظل العلاقات الأمنية ممتازة، أنا متأكد من أن الإدارة الأميركية تأمل أن تتحسن العلاقات الشخصية في حقبة ما بعد نتنياهو بين القيادة الأردنية وإسرائيل".

إذن الاحتلال الإسرائيلي الطرف المهم في المباحثات الأردنية الأميركية، لإعادة عملية السلام إلى مسارها الصحيح على أساس حل الدولتين، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وتثبيت الولاية الهاشمية على المقدسات في القدس الشريف، والأهم إعادة الاعتبار للدور المهم للأردن في المنطقة.

00:00:00