رحيل جيمي كارتر.. مزارع الفستق الذي تسيّد البيت الأبيض

الصورة
جيمي كارتر
جيمي كارتر

قاد جيمي كارتر الولايات المتحدة من عام 1977 إلى 1981

آخر تحديث

أعلنت وسائل إعلام أمريكية، أمس الأحد، وفاة الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر عن عمر يناهز 100 عام. وأفادت مصادر من مركز كارتر وصحف أمريكية أن كارتر توفي في منزله بمدينة بلاينز بولاية جورجيا، بعد خضوعه لرعاية تلطيفية استمرت لما يقرب من عامين.

محطات بارزة في حياته السياسية 

جيمي كارتر الذي قاد الولايات المتحدة من عام 1977 إلى 1981، ينتمي للحزب الديمقراطي، وقد اشتهر بمسيرته الحافلة سواء كرئيس أم كوسيط سلام بارز بعد مغادرته المنصب. ورغم أنه لم يتمكن من الفوز بولاية ثانية عقب هزيمته أمام رونالد ريغان، فإن فترة رئاسته شهدت إنجازات وأزمات متعددة. 

ولد جيمس أيرل كارتر في الأول من تشرين الأول 1924 في مدينة بلاين بولاية جورجيا، لأسرة ثرية مكونة من أب من أصول إيرلندية وأم تعمل في التمريض. كان فخورا بأصوله الريفية، فقد كان معظم أجداده فلاحين. 

وفي سن مبكرة، منحه والده قطعة أرض لزراعة الفستق وبيعه، قبل أن يلتحق بالأكاديمية الحربية ثم بمعهد جورجيا للتكنولوجيا في أتلانتا، حيث التقى بشريكة حياته روزلين سميث، التي تزوجها عام 1946.

خدم كارتر كضابط في البحرية الأمريكية، وفي عام 1952 كان جزءا من فريق خاص يعمل على تطوير برنامج نووي للغواصات. وفي عام 1961 تم تسريحه من الجيش، وبعد عام من تسريحه، انضم إلى الحزب الديمقراطي وانتخب نائبا في مجلس ولاية جورجيا، في وقت كانت فيه "حركة الحقوق المدنية" في أوجها. كان كارتر جريئا في أفكاره التحررية، وطالب بإنهاء التمييز العنصري، متأثرا بتجاربه مع الفلاحين الزنوج في بلاين. وعندما انتخب حاكما لجورجيا في 1971، أعلن أن "عهد التمييز العنصري قد ولى". 

في عام 1976، أعلن ترشحه للرئاسة تحت شعار "المساواة والتغيير". على عكس أسلافه في البيت الأبيض، لم يكن كارتر يرى العالم من خلال منظور الحرب الباردة الضيق، مما صعّب من فرص نجاحه في مواجهة 16 مرشحًا ديمقراطيًا، جميعهم أكثر خبرة وشهرة منه، وكانوا يتبعون السياسة التقليدية لأميركا سواء داخليًا أو في سياق الحرب الباردة.

خاض جيمي كارتر حملته الانتخابية بشغف، بدعم من زوجته، وزار خلالها 37 ولاية وألقى أكثر من 200 خطاب. وبحلول آذار 1976، تفوق كارتر على جميع منافسيه في الحزب الديمقراطي وحتى على مرشح الجمهوريين، الرئيس جيرالد فورد، الذي تولى الرئاسة بعد استقالة ريتشارد نيكسون عام 1974. 

صورة كارتر كسياسي نزيه وبعيد عن فضائح الجمهوريين، إلى جانب غضب الناخبين من العفو الذي منحه فورد لنيكسون، ساعدت في تعزيز شعبيته. وبتعهده بإحداث "تغيير"، فاز كارتر بالانتخابات وأصبح الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة في 20 كانون الثاني 1977.

مهندس اتفاقية كامب ديفيد

تعد اتفاقية كامب ديفيد بين مصر ودولة الاحتلال الإسرائيلي أبرز إنجازات كارتر خلال فترة رئاسته. الاتفاقية الموقعة في عام 1979 أنهت حالة الحرب بين القاهرة وتل أبيب ووضعت أسسا للعلاقات بين الطرفين. جهود كارتر في تحقيق هذا الاتفاق منحته جائزة نوبل للسلام في عام 2002.

جيمي كارتر دافع عن الفلسطينيين ولم يكره "إسرائيل"

لم يكن الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر معاديا "لإسرائيل" كما صوره البعض، لكنه كان يؤمن بضرورة الاعتراف بحق الفلسطينيين في الحياة وأخذ مطالبهم المشروعة. وبعد انتهاء ولايته الرئاسية عام 1981، ازدادت جرأته في دعم القضية الفلسطينية، حيث أدان مجزرة صبرا وشاتيلا في لبنان عام 1982.

وفي عام 2006، أصدر كتابه الجريء "Palestine: Peace Not Apartheid" (فلسطين: سلام وليس فصلا عنصريا)، الذي حقق مبيعات كبيرة وفقا لجريدة "نيويورك تايمز". 

وفي هذا الكتاب، وصف كارتر سياسات "إسرائيل" في الضفة الغربية وقطاع غزة بأنها "فصل عنصري"، مؤكدا أنها أسوأ مما كان في جنوب إفريقيا. 

عندما وجهت له اتهامات بمعاداة السامية، دافع كارتر عن موقفه قائلا إنه يسعى لفتح حوار حول القضية الفلسطينية في واشنطن، وهو حوار لم يكن موجودا سابقا. وأضاف أن الأراضي المقدسة لن تعرف السلام ما دامت "إسرائيل" تواصل احتلالها للأراضي العربية. واختتم قائلا: "أعظم مهمة في حياتي هي محاولة إحلال السلام".

أزمة الرهائن في إيران

شهدت فترة رئاسة جيمي كارتر أزمات معقدة في العلاقات الأمريكية الإيرانية، أبرزها تعامله مع الشاه محمد رضا بهلوي. ورغم وصفه إيران في عهد الشاه بأنها "جزيرة استقرار"، رفض كارتر تقديم دعم له عند اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979، ولم يسمح بدخوله الولايات المتحدة لتلقي العلاج إلا بعد تردد وضغوط شديدة. 

يُعتقد أن قرار استضافة الشاه أسهم في تأجيج أزمة الرهائن، حيث اقتحم طلاب إيرانيون السفارة الأمريكية في طهران واحتجزوا 52 موظفا لمدة 444 يوما، مما أضر بشعبية كارتر وأضعف موقفه السياسي.

تحديات اقتصادية وأزمة الطاقة

واجهت إدارة كارتر أزمات اقتصادية أبرزها التضخم الذي تجاوز 14% في عام 1980 وأزمة الطاقة التي شهدت طوابير طويلة أمام محطات الوقود. تفاقمت الأوضاع الاقتصادية مع ارتفاع أسعار الفائدة إلى أكثر من 17%، مما تسبب في ركود اقتصادي أثر على شعبيته.

إرساء العلاقات مع الصين

كان كارتر صاحب دور محوري في تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين، حيث بدأت الدولتان بتبادل الاعتراف الرسمي في عام 1979 بعد مفاوضات سرية امتدت شهورا.

إرث يمتد لما بعد الرئاسة 

امتدت حياة كارتر بعد انتهاء ولايته لفترة أطول من أي رئيس أمريكي آخر، وأصبح نموذجا للرؤساء السابقين الذين يسعون لخدمة المجتمع عبر النشاطات الإنسانية والوساطة الدولية. 

اقرأ المزيد.. أبرز أحداث الوطن العربي والعالم في عام 2024

دلالات
00:00:00