يدخل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ433، في ظل استمرار القصف الجوي والمدفعي الذي يخلف يوميا عشرات الشهداء والجرحى، فيما تتزايد
العرب يقابلون وقاحة بلينكن الداعم للاحتلال بدبلوماسية باهتة
في خضم جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في الشرق الأوسط والتي بدأها بزيارة "دولة الاحتلال الإسرائيلي" ليظهر تضامن بلاده معها بعد معركة طوفان الأقصى المباغتة التي نفذتها المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال العسكرية في محيط غزة، بدت الدبلوماسية العربية بالية وتستخدم لغة باهتة وصفها البعض أنها لا ترتقي إلى مستوى الجرائم الإسرائيلية بحق غزة، كما أنها بدت مائعة تجاه موقف واشنطن الداعم بأقصى الحدود لتل أبيب في حربها على القطاع.
بلينكن يجوب عواصم الشرق الأوسط مصرحا بدعمه للاحتلال
وفي جميع اللقاءات التي عقدها وزير الخارجية الأمريكي في عواصم دول الشرق الأوسط لم تستطع لغة الدبلوماسية العربية أن تدين دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل واضح وصريح عن الجرائم التي ترتكبها بحق أهل غزة أو تحملها المسؤولية عن تلك الوحشية، بينما حمل بلينكن موقف بلاده بكل وضوح وتبجح به بكل صلافة في عمان والدوحة والمنامة والرياض.
وقبيل توجه بلينكن إلى تل أبيب قال إن بلاده عازمة على التأكد من أن "إسرائيل" لديها كل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها، حسب تعبيره. وفور وصوله إلى تل أبيب الخميس الماضي، قال بلينكن في مؤتمر صحفي مع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو:
"لم آت لإسرائيل كوزير لخارجية الولايات المتحدة، ولكن كيهودي فرّ جده من القتل".
في إشارة منه إلى محرقة النازيين لليهود "الهولوكوست" وخلال المؤتمر، قال بلينكن إن إدارة الكونغرس تعمل على التأكد من أن احتياجات "إسرائيل" الدفاعية المتزايدة تلبى على أكمل وجه، وأنها ستكون دائما موجودة إلى جانب "الإسرائيليين" فهم ليسوا مضطرين للدفاع عن أنفسهم بمفردهم، حسب قوله.
كما تطرق بلينكن إلى قضية الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، حيث قال إنه سيعمل مع حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين لمحاولة تأمين إطلاق سراحهم، كما أشار إلى مقتل عدد من الأمريكيين خلال طوفان الأقصى.
بلينكن يلتقي الملك ومحمود عباس في عمان
وفي المحطة الثانية من الجولة، حطت طائرة بلينكن في العاصمة عمان، الجمعة الماضية، حيث التقى بوزير الخارجية أيمن الصفدي لبحث وقف التصعيد في غزة، وأكد الصفدي على موقف الأردن بضرورة إيصال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. وأدان الجانبان في بيان ما وصفوه "استهداف المدنيين وقتلهم"، وحمّلا طرفي الصراع في الأراضي المحتلة المسؤولية الأخلاقية والإنسانية تجاه أي مدني يستهدف.
ويأتي ذلك على الرغم من تأكيد حركة حماس عدم استهدافها للنساء أو الأطفال منذ أول يوم في معركة طوفان الأقصى، في ظل تبني الإعلام الغربي الرواية الإسرائيلية والترويج بأن مقاتلي حماس قطعوا رؤوس أربعين رضيعا يهوديا في مستوطنة كفار عزة، بينما يمارس جيش الاحتلال القتل بالجملة أمام شاشات التلفزة العالمية عبر استهداف المدنيين العزل وقصف منازلهم ومساجدهم ومستشفياتهم في قطاع غزة، كما عمد إلى قطع جميع موارد الحياة الرئيسية من ماء وكهرباء ودواء.
وعقب ذلك، التقى بلينكن بالملك عبدالله الثاني، حيث أكد الملك عبدالله على ضرورة فتح ممرات إنسانية لإدخال مساعدات لغزة، مشددا على أهمية وقف التصعيد والحرب على غزة وحماية المدنيين، كما نبه إلى ضرورة عدم إعاقة عمل المنظمات الدولية في القطاع، مبينا ضرورة تكثيف الجهود الدولية لوقف التصعيد في غزة ومحيطها ومنع تدهور الأوضاع وتوسعها إلى الضفة الغربية.
وحذر الملك من أية محاولة ينتهجها الاحتلال لتهجير الفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية أو التسبب في نزوحهم، في رسالة واضحة من الملك على أن موقف الأردن ثابت كداعم رئيسي للقضية الفلسطينية.
وفي الزيارة ذاتها لعمان، التقى وزير الخارجية الأمريكي برئيس السلطة الفلسطينية الذي شدد لبلينكن على ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وبشكل فوري، والرفض الكامل لتهجير الفلسطينيين، لأن ذلك سيمثل نكبة ثانية، كما حذر عباس من حدوث كارثة إنسانية جراء توقف كافة الخدمات الإنسانية في القطاع، وتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة فيه.
هذا وقد غادر بلينكن العاصمة عمان دون عقد مؤتمر صحفي وذلك بعد ختام الزيارة.
بلينكن يؤكد من الدوحة على حق دولة الاحتلال الإسرائيلي بالدفاع عن نفسها
وفي محطته الثالثة توجه بلينكن يوم الجمعة إلى دولة قطر حيث التقى برئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وناقشا خلال اللقاء سبل خفض التصعيد في قطاع غزة وحماية المدنيين، حيث أكد آل ثاني موقف دولة قطر الثابت في إدانة كافة أشكال استهداف المدنيين، مبينا سعيها منذ اليوم الأول لاندلاع المواجهات إلى خفض التصعيد والإفراج عن الأسرى والتواصل مع الأطراف المختلفة لضمان احتواء المواجهات وعدم اتساعها إقليميا، في لغة دبلوماسية غير واضحة عبر عدم تحديد الطرف المدان في هذه المعركة.
وأكد بلينكن في المؤتمر الصحفي الذي عقد بُعيد لقائه نظيره القطري على حق "إسرائيل" في الدفاع عن نفسها وعن شعبها وضمان عدم تكرار ما حدث يوم السابع من تشرين أول الجاري.
كما شدد آل ثاني على ضرورة العمل لفتح ممرات إنسانية للسماح للمنظمات الدولية بإدخال المساعدات الطبية والغذائية إلى غزة.
والموقف ذاته تبناه ولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة خلال لقائه بلينكن في محطته الرابعة العاصمة البحرينية المنامة، حيث جدد التأكيد على ضرورة فتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية والغذاء والماء والكهرباء إلى غزة، وأن موقف مملكة البحرين ثابت في دعم وتأييد جهود السلام الشامل، ووقف وتجنب العنف الذي يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي.
الموقف في السعودية، والتي بدأ بلينكن بزيارتها اليوم السبت، لم يكن بعيدا عمن سبقها، كما أفاد مصدر مقرب من الحكومة السعودية لوكالة مونت كارلو الفرنسية أن الرياض قررت تعليق محادثات التطبيع التي كان مع المزمع أن تبرمها في الفترة المقبلة مع تل أبيب، وذلك على خلفية الحرب على غزة، وبينت مونت كارلو أن المسؤول الذي لم تذكر اسمه، أكد لها أنه تم إبلاغ المسؤولين الأميركيين الذين يقومون برعاية المباحثات بين الرياض وتل أبيب بإيقاف المفاوضات.