مع دخول اليوم الـ454 للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تستمر آلة الحرب باستهداف المدنيين وسط أوضاع إنسانية كارثية، في ظل الأمطار الغزيرة
الأردن 2024.. حراك نحو إيقاف نزيف غزة
يطوى عام 2024، أكثر الأعوام إيلاما وفقدا وحزنا على قطاع غزة دون أن تطوى معه الآلام أو تضمد الجروح أو يجف النزيف، وطوال هذا العام، وفي ظل ازدياد احتياج سكان القطاع إلى الدعم بكافة جوانبه؛ الإنسانية، والدبلوماسية، والإغاثية، والاقتصادية، وحتى المعنوية، بذل الأردن وسعه لتخفيف وطأة العدوان على القطاع، بكافة الوسائل المتاحة، وباستجابة إنسانية حقيقية لمناشدات أهلنا في القطاع.
حيث بدت لغة الخطاب الدبلوماسي الأردني واضحة وبسقف مرتفع، سعى من خلالها الملك عبد الله، ووزير الخارجية أيمن الصفدي إلى الضغط على المنظمات الدولية لوقف العدوان، ولوضع الأمور ضمن سياقها الطبيعي في مواجهة السردية الإسرائيلية، التي يحاول الاحتلال فرضها على واقع فلسطين المحتلة عامة وعلى غزة خاصة.
المساعدات البرية إلى قطاع غزة
وعلى الرغم من التضييقات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي على دخول المساعدات البرية إلى القطاع، يصر الأردن دائما على الضغط بكافة الوسائل لإيصال أكبر قدر من المساعدات الإغاثية والغذائية والصحية.
وبحسب الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، تمكن الأردن خلال عام 2024 من تسيير أكثر من 4600 شاحنة، وبواقع 70 ألف طن من المساعدات الغذائية والإغاثية والصحية على مدار العام، وأكد الأمين العام للهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية حسين الشبلي، أن الهيئة كثفت جهودها خلال العام، ليصل عدد القوافل التي تدخل إلى القطاع من ثلاث إلى أربع قوافل أسبوعيا، بما يعادل 150 شاحنة على الأقل، ولا تزال الهيئة تسعى بكل الطرق للضغط على الاحتلال، ساعية بذلك إلى زيادة عدد القوافل.
ويذكر أن الأردن كان من بداية العدوان على غزة، وكأول وسيلة لإيصال المساعدات، قد أرسل ما مجموعه 53 طائرة مساعدات إلى مطار العريش على الجانب المصري.
الإنزالات الجوية
ومع استمرار التضييق الكبير من قوات الاحتلال الإسرائيلي على دخول المساعدات إلى القطاع برا، لم يقف الأردن عاجزا عن إيصالها، بل استمر بعمليات الإنزال الجوي التي كانت ولا تزال هي الطريقة الفاعلة التي تكسر الحصار الذي يفرضه الاحتلال.
وخلال عام 2024، استطاعت القوات المسلحة الأردنية تنفيذ ما يقارب 125 إنزالا جويا، وما يقارب 266 إنزالا جويا بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة.
شملت الإنزالات مواد إغاثية وإنسانية وطبية، تخدم أهالي القطاع، وتمد المستشفيات الميدانية الأردنية باللوازم الصحية لاستمرار عملها.
المستشفيات الميدانية
أما عن الدعم الصحي للقطاع، فقد أرسلت القوات المسلحة الأردنية منذ بدء العدوان على غزة مستشفى عسكريا ميدانيا إلى جنوب القطاع في خانيونس، كما عززت المستشفى العسكري الميداني في شمال القطاع بكوادر طبية متخصصة.
وفيما يلي أرقام تبين الجهود المبذولة على مدار العام 2024 داخل المستشفى الميداني الأردني جنوب غزة 4 في خانيونس:
-
500 ألف مراجع للمستشفى من كافة الأعمار.
-
إجراء أكثر من 2000 عملية كبرى، و20 ألف عملية صغرى.
-
أكثر من 800 طفل يراجعون المستشفى أسبوعيا.
-
50 عملية ولادة طبيعية، و16 قيصرية، و16 عملية نسائية كبرى.
هذه الجهود تمت بمشاركة أكثر من 193 طبيبا و361 ممرضا في مهام المستشفيات الميدانية على مدار العام.
وكل هذه الأرقام لا تشير إلا إلى أن حجم الكارثة الإنسانية في غزة لا يمكن وصفه وتحمله، في ظل خذلان المجتمع الدولي وفشله في إيقاف آلة الحرب على القطاع.
مبادرة استعادة أمل
وعلى صعيد إنساني وصحي، أطلق الأردن في منتصف شهر أيلول الماضي مبادرة "استعادة الأمل"، والتي تعنى بتركيب الأطراف الصناعية لمبتوري الأطراف في القطاع، جراء القصف الإسرائيلي المستمر، حيث تمت المبادرة بتدشين عيادتين متنقلتين متخصصتين في تركيب الأطراف الصناعية، في المستشفى الميداني الأردني في خانيونس.
وبحسب الخدمات الطبية الملكية، فقد ساهمت الطواقم الطبية بتركيب 185 طرفا صناعيا لأشخاص فقدوا أطرافهم خلال العدوان، ولا تزال الفرق الطبية تستقبل مبتوري الأطراف، وتعمل على تقديم الرعاية الصحية لمرحلة ما قبل تركيب الطرف وبعده.
وبين مختص الأطراف الاصطناعية أن الفرق الطبية تستقبل حالات البتر للأطراف من مراجعي المبادرة الملكية السامية "استعادة الأمل"، مضيفا أنه يراجع عيادة الأطراف الاصطناعية أسبوعيا ما يقارب 50 إلى 60 مراجعا ممن يعانون من بتر في الأطراف نتيجة التعرض للإصابات والشظايا.
وعملت الطواقم الطبية ضمن المبادرة على تركيب 102 من الأطراف منها 88 طرفا سفليا و14 طرفا علويا منذ وصولها لأرض المهمة حتى اليوم.
اقرأ المزيد.. الأردن يبادر بتركيب أطراف اصطناعية للمتضررين في القطاع
مبادرة المخبز المتنقل
وفي آخر أيام العام، في الرابع والعشرين من كانون أول 2024، أطلق الأردن بالتعاون مع منظمة المطبخ المركزي العالمي، مبادرة "المخبز المتنقل"، والذي يهدف إلى تغطية احتياج أهالي غزة من الخبز في الشمال والوسط والجنوب، وتصل قدرة المخبز إلى إنتاج 3500 رغيف خبز في الساعة، فيما سيكون المخبز متنقلا داخل القطاع، ليصل باليوم الواحد إلى الشمال والوسط والجنوب.
وأفادت الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، بأنه تمت الموافقة على المخبز وكافة تجهيزاته، وبقيت الموافقة على المواد التي يحتاجها المخبز، ليتم إدخاله إلى القطاع بعد أن عبر من خلال جسر الملك حسين.
واجه الأردن مشكلات أساسية تمثلت بتزويد المخبز بالطحين والوقود، إلا أنه بجهود كبيرة، سيكون هناك استدامة مستمرة لتأمين جميع المواد المطلوبة لديمومة عمل المخبز.
غدر الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يبق منطقة آمنة في القطاع، يشكل التحدي الأكبر والأبرز لأمان المخبز، ولأهالي غزة بشكل أساسي، حيث انعدم الأمن في كل منطقة في غزة مع استمرار عدوان الاحتلال الغاشم.
جهود الشعب الأردني
وعلى الصعيد الشعبي قدم الأردنيون دعما معنويا على مدار العام بكثافة كبيرة، تضامنا مع الجراح الغائرة لأهالي القطاع، حيث أقدم 3 شبان على تنفيذ عمليات ضد جنود من جيش الاحتلال الإسرائيلي، على الحدود مع فلسطين المحتلة، أفضت إلى استشهادهم وهم:
-
الشهيد ماهر الجازي 8 أيلول 2024.
-
الشهيدان عامر قواس وحسام أبو غزالة 18 تشرين أول 2024.
كما أقام الشعب مسيرات دائمة تنطلق أسبوعيا على مدار العام ومنذ بداية العدوان، بعد صلاة الجمعة من المسجد الحسيني في وسط البلد، ولا تزال مستمرة إلى اليوم.
وأبدى الأردنيون مواقف رافضة تماما لوجود سفارة الكيان في الأردن، فأقاموا وقفات احتجاجية يومية قرب السفارة الإسرائيلية في منطقة الرابية، تنديدا ورفضا لهذا الكيان الغاصب.
أما على صعيد التبرعات، فبذل الأردنيون جهدهم على مدار العام لجمع التبرعات المالية والإنسانية لأهالي القطاع، من خلال حملات أقيمت على مختلف المحطات الإعلامية، بمواد إغاثية وإنسانية، جاد فيها الأردنيون بكافة مستوياتهم المعيشية بملايين الدنانير دعما ونصرة لحق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن نفسه.