في الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت الدامي حياة لا تطاق في لبنان

الصورة

لبنان نحو مزيد من الانهيار وتعثّر التحقيق في الانفجار

المصدر

مع اقتراب الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت المميت، أصبحت الحياة لا تطاق لملايين اللبنانيين بسبب ظروفهم المعيشية المتدهورة جراء الأزمة الاقتصادية في لبنان، مما أجبر بعضهم على مغادرة البلاد، إذ تسببت الكلفة الأزمة الاقتصادية والسياسية في لبنان في أن ينام ثلث الأطفال اللبنانيين جائعين، وتعاني معظم الأسر من نقص الغذاء، جهات عدّة حذرت من نفاد الفرص في البلاد إذا لم يتم العثور على حلول.

ففي الرابع من آب/أغسطس 2020، سبب انفجار عملاق صدمة كبيرة في بيروت، جلبت الحادثة الموت والدمار والخوف من مستقبل كان قاتمًا أصلا بسبب أزمات البلاد السياسية زادتها الحالة الاقتصادية سوءًا وأودى الانفجار بحياة أكثر من 200 شخص وجرح حوالي 6500 وسوى أجزاء من بيروت بالأرض.

حدث ذلك بسبب انفجار جزء من حوالي 2750 طنًا من نترات الأمونيوم، وهي مادة كيميائية تستخدم كسماد ولكن أيضًا في المتفجرات، تم تخزين المواد القابلة للاحتراق بشكل غير صحيح في المستودع 12 بالميناء منذ عام 2014، بمعرفة حفنة من كبار المسؤولين السياسيين والقضائيين والجمارك والأمنيين، ولكنها غير معروفة للجمهور.

 

عام على كارثة المرفأ وتعثر التحقيق

بعد مرور عام على المأساة، لم يشرح أحد حتى الآن كيف اشتعلت نترات الأمونيوم، أو سبب وجودها هناك.

لم يتم تحميل أي شخص مسؤولية إبقاء الشحنة المميتة على مسافة قريبة من الأحياء السكنية، أو الكارثة التي تلت ذلك.

أصبح لبنان كابوسًا حيًا بنسب سريالية، فالبلد الآن من أدنى حد أدنى للأجور في العالم، حيث يبلغ 675 ألف ليرة لبنانية، أي بالكاد 30 دولارًا، وهذا أقل بمرتين من الحد الأدنى للأجور الشهرية مقارنة مع دول أفريقية كجمهورية الكونغو الديمقراطية "55 دولارًا أمريكيًا".

وبدلاً من الضغط من أجل الحقيقة والمساءلة، قامت الطبقة الحاكمة المتهمة بالفساد بإعاقة تحقيق قضائي مستمر من خلال رفض رفع الحصانة عن المسؤولين الذين يريد القاضي استجوابهم.

وتعاون السياسيون وأعوانهم في القضاء على عزل القاضي الأول الذي يحقق في القضية، بعد أن تجرأ على توجيه اتهامات لعدد من الوزراء ورئيس الوزراء آنذاك حسان دياب، مطالبا إياهم بالمثول أمامه لاستجوابهم كمشتبه بهم، وقد ركز القاضي الذي حلّ محله على بعض المسؤولين أنفسهم، ما يعني إمكانية مواجهة نفس مصير سلفه، وحتى اللحظة لم يسفر التحقيق عن تقدم يذكر.

ومن جانبها دعت منظمة العفو الدولية في تموز/ يوليو الماضي السلطات في لبنان رفع الحصانة عن "مسؤولين كبار" للتحقيق معهم حول الانفجار، قائلة إن الامتناع عن رفع الحصانة عنهم يعد "إعاقة للعدالة".

كما دعت حوالي 50 منظمة غير حكومية في منتصف حزيران/ يونيو إلى إجراء تحقيق في الانفجار برعاية أممية، وذلك بسبب "التدخلات السياسية الصارخة، وعدم احترام معايير المحاكمة العادلة".

 

لبنان نحو مزيد من الانهيار وتعثر التحقيق بانفجار مرفأ بيروت

 كانت سنة كابوسية، فيما أصبحت الدولة سريعة الانهيار، حتى اللحظة لم يتم تشكيل حكومة تضطلع بمهامها ثلاثة أسماء منذ الانفجار، وحتى اليوم لم يتم تشكيل حكومة جديدة بعد بسبب الاقتتال السياسي والخلافات الشخصية الصغيرة، فقدت العملة أكثر من 90% من قيمتها، مما أدى إلى إغراق أكثر من نصف دولة ذات دخل متوسط ​​في الفقر، فرضت البنوك قيود سحب شهرية صارمة جعلت المودعين يراقبون قيمة أموالهم المحاصرة وهي تتلاشى، لقد فقد الناس مدخرات حياتهم، انتشر التضخم المفرط ثلاثي الأرقام، ارتفع سعر الخبز "الذي حددته وزارة الاقتصاد" على الأقل ستة أضعاف هذا العام، وتقول اليونيسف إن ثلث الأطفال في لبنان ينامون وهم جوعى.

اليوم، تعيش الغالبية العظمى من اللبنانيين من خلال الاعتماد على عائلاتهم التي تعيش في الخارج لإرسال الأموال أو إحضار المواد الأساسية لهم مثل الأدوية ومواد التنظيف، وقريبًا لن تتمكن العائلات من شراء الأدوية أو حتى العثور عليها على الإطلاق، حيث أن الحكومة ترفع ببطء الدعم عن السلع الأساسية، ويكافح الأشخاص المصابون بأمراض مزمنة مثل السكري أو أمراض القلب للحصول على علاجهم، مما يزيد من احتمالية حدوث مضاعفات صحية والوفاة.

اقرأ المزيد: أزمة لبنان الاقتصادية بين الأشد حدة في العالم منذ عام 1850

رفوف المستشفيات تُركت فارغة، والأوكسجين ينقصها، وانقطاع التيار الكهربائي يستمر لفترة أطول، والأطباء يغادرون البلاد، المرافق الصحية في لبنان تواجه كارثة، وسيزداد الأمر سوءًا إذا استمرت حالات كوفيد-19 في الازدياد.

 إلى جانب ذلك، يمكن أن تتصاعد الأزمة الإنسانية في البلاد بسرعة، حيث يواجه أكثر من 4 ملايين شخص -بما في ذلك مليون لاجئ- خطر فقدان إمكانية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب.

في لبنان، ستتوقف معظم عمليات ضخ المياه تدريجياً في جميع أنحاء البلاد في الأسابيع الأربعة إلى الستة المقبلة.

 

"احتمال تحول لبنان إلى دولة فاشلة يزداد مع مرور كل يوم، وهو بحاجة إلى مساعدة دولية أكثر من أي وقت مضى، لكن هذا لن يكون كافيا طالما لم يتم العثور على حلول داخل البلد، بسبب عجزها السياسي المستوطن لأن فرص البلاد بدأت بالفعل في النفاد".

اقرأ المزيد: شبكة المياه في لبنان على وشك الانهيار التام

وقالت جينيفر مورهيد، مديرة منظمة إنقاذ الطفولة في لبنان في بيان:

ينام مئات الآلاف من الأطفال جائعين، غالبًا دون تناول وجبة واحدة في ذلك اليوم.

لا تستطيع العائلات تحمل الكهرباء لتشغيل الثلاجة أو الماء الساخن، أو الأدوية التي يحتاجونها لعلاج المرض، وكلما طال هذا الوضع، زاد احتمال انزلاق الأطفال إلى سوء التغذية الذي قد يؤدي في النهاية إلى الموت.

وجد التحليل أن العديد من العائلات في لبنان لجأت إلى تقليص نفقات الطعام والتعليم والطب، أو بيع الأثاث، أو تحمل الديون المعوقة.

وقالت منظمة الإغاثة إن حوالي 47% من سكان لبنان لا يستطيعون شراء السلع الأساسية مثل العدس وزيت الطهي وحفاضات الأطفال والفوط الصحية والوقود.

يتضح الوضع المزري بشكل خاص بالنسبة إلى ما يقدر بنحو 1.5 مليون لاجئ سوري يعيشون في لبنان، مع 90% منهم غير قادرين على شراء السلع الأساسية، وفقًا للتحليل.

أهالي ضحايا انفجار بيروت يواصلون مطالبتهم بمحاسبة الحكومة

وبعد مرور كل ذلك الوقت منذ وقوع الانفجار، لم يهدأ غضب الشارع اللبناني على الرغم من تفاوت حدته، ما يعطي شعورا بتعب اللبنانيين من تلك التظاهرات كما حصل في احتجاجات 2019 ضد الفساد المستشري في الدولة حيث علق اللبنانيون عليها آمال كبيرة دون أن تتحقق، فباتت الاحتجاجات محدودة وغالباً يتخللها أعمال عنف.

 

اقرأ المزيد :اشتباكات بين أهالي ضحايا مرفأ بيروت والأمن اللبناني

00:00:00