في واقعة صادمة هزت مدينة الزرقاء، كشفت التحقيقات الرسمية أن مادة الكحول الميثيلي السامة "الميثانول" كانت السبب المباشر في وفاة 9 أشخاص، وأدت إلى تسمم آخرين في محافظات الزرقاء وعمان والبلقاء. 

وأعلنت المؤسسة العامة للغذاء والدواء، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، عن إغلاق 3 مصانع منها مصنع مرخص ينتج هذه المادة، مع استمرار التحقيقات لتحديد المسؤوليات وتوقيف المخالفين.

التحقيقات تكشف: الكحول الميثيلي القاتل في خمور مغشوشة

أكد مدير عام مؤسسة الغذاء والدواء نزار مهيدات أن الفحوصات أثبتت وجود مادة الكحول الميثيلي في أجسام المتوفين، كما وجدت آثارها في مواقع الحادث. ونتيجة لذلك، تم تشكيل 4 فرق تحقيق بالتعاون مع الأجهزة الأمنية. 

وأشار إلى أن استخدام الكحول الميثيلي قد يكون ناتجا عن غش تجاري، حيث يخلط أحيانا بكحول الإيثانول لخفض التكلفة، رغم خطورته القاتلة حتى بكميات ضئيلة. 

أوضح مهيدات أن هناك قواعد فنية تعتمدها مؤسسة المواصفات والمقاييس تسمح بوجود نسب "بسيطة جدا" من الكحول الميثيلي في الخمور، لكن النسب العالية تدل على خلل أو غش في التصنيع. 

وأشار إلى أن إجراءات إضافية تجرى الآن لتحليل ما إذا كان الضحايا قد تناولوا مواد أخرى ساعدت على تفاقم حالات الوفاة.

الأمن العام: تتبع مصدر الكحول الميثيلي قاد إلى مصنع مرخص

الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام أوضح أن فرق التحقيق تمكنت من تحديد مصدر الكحول الميثيلي، حيث تبين أنه ينتج داخل أحد مصانع المشروبات الكحولية المرخصة. 

وقد عثر المحققون على آثار الكحول الميثيلي في عينات مأخوذة من خطوط الإنتاج، وكذلك من منتجات كحولية توزع بأسماء تجارية مختلفة، مما أدى إلى اتخاذ قرار بإغلاق المصنع.

أعراض التسمم بمادة الكحول الميثيلي

الكحول الميثيلي لا يمهل ضحاياه.. ويُفقد البصر قبل أن يقتل

في مداخلة عبر حسنى قدم الدكتور محمد حسان الذنيبات، أستاذ الطب في الجامعة الهاشمية واختصاصي أمراض الكلى، شرحا علميا دقيقا عن خطورة مادة الكحول الميثيلي، مبينا أن الجسم يحولها إلى مركبات سامة تؤدي إلى حماض دموي وفقدان البصر والوفاة السريعة. 

وأوضح أن "الكحول الميثيلي لا يمنح ضحاياه فرصة للإدمان عليه، لأنه يقتلهم بسرعة"، مضيفا أن ملعقة شاي واحدة منه قد تكون قاتلة.

الكحول الميثيلي.. مادة قاتلة ووسيلة غش رخيصة

أشار الذنيبات إلى أن الكحول الميثيلي لا رائحة له ولا لون، ويستخدم صناعيا كمذيب أو في وقود السيارات، لكنه يخلط أحيانا بالغش مع الكحول لزيادة الكمية وتقليل التكلفة. 

ولفت إلى أن هذه المادة كانت تستخدم قديما في الحروب كسلاح كيميائي خفي لتسميم خطوط إمداد العدو.

الكحول: خطر مضاعف على الصحة والمجتمع

بين الدكتور الذنيبات أن الكحوليات بأنواعها تؤدي إلى أكثر من 200 اضطراب صحي، بينها السرطان، وتليف الكبد، والعجز الجنسي، والتهابات الدماغ، مؤكدا أن الكحول مسؤول عن ملايين الوفيات حول العالم سنويا، ويعد من أهم مسببات حوادث الطرق والعنف الأسري.

ضرورة تشديد الرقابة والتحذير من الاستخدام القاتل

المؤسسة العامة للغذاء والدواء، بالتعاون مع الأمن العام، أكدت استمرار التحقيقات لتحديد جميع المسؤولين عن هذا الحادث المأساوي، مع التشديد على خطورة تداول المواد الكحولية غير الآمنة، ودعت المواطنين إلى الابتعاد عنها.

15 حالة تسمم حرجة بين الزرقاء وعمان والبلقاء

أعلن الدكتور عماد أبو يقين، مدير إدارة الشؤون الفنية في وزارة الصحة ورئيس اختصاص طب الطوارئ، عن تسجيل 15 حالة تسمم خطيرة بمادة كحولية تحتوي على الكحول الميثيلي. 

وقال إن الحالات وصلت من محافظات الزرقاء وعمان والبلقاء، وكانت جميعها في وضع صحي حرج، مع نقل بعض المرضى إلى وحدات العناية الحثيثة وخضوعهم لغسيل دم طارئ. 

وأضاف أن بعض المرضى ما زالوا في العناية المكثفة، وهناك احتمال لوفاة حالات أخرى بسبب تدهور حالتهم. وأشار إلى أن التسمم بدأت أعراضه بالظهور خلال ساعة واحدة فقط من تناول المادة، وأن استقبال المرضى في أوقات متأخرة يزيد من خطورة المضاعفات.

دعوة للتشديد على الرقابة وتوعية المواطنين

أكدت الجهات الرسمية ضرورة تشديد الرقابة على تصنيع المواد الكحولية وتداولها، وحذرت من مخاطر استخدام المواد غير الآمنة التي قد تسبب وفيات. 

ودعت المواطنين إلى توخي الحذر والابتعاد عن شراء المشروبات مجهولة المصدر أو التي تحمل علامات تجارية غير موثوقة. 

اقرأ المزيد.. لجنة حكومية لمراقبة الحليب المجفف