إيدي كوهين أداة "إسرائيل" في الحرب على الوعي العربي

الصورة
المصدر

 يثير ايدي كوهين الذي يقدم نفسه كإعلامي إسرائيلي الكثير من الجدل في العالم العربي و ذلك  من خلال تغريداته عبر حسابه على تويتر  و من خلال اطلالاته التلفزيونية و تحديدا على العربية منها، بسبب ما يروج له من معلومات يدعي أنها تسريبات  تتعلق بواقع العالم العربي و تحديدا المعلومات التي تتحدث عن أنظمة الحكم العربية.

الكثيرون يتلقفون ما يكتبه و ما يقوله ايدي كوهين حتى أولئك الذين يتخذون مواقف مبدئية معادية للكيان المحتل بالإضافة الى اللذين يقدمون أنفسهم للشارع العربي على اعتبار أنهم معارضون لبعض أنظمة الحكم العربية المستبدة.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا ، هل ايدي كوهين بالفعل هو مجرد اعلامي إسرائيلي ، أم أنه أداة في حرب الوعي التي تشنها " إسرائيل " على شعوب العالم العربي؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال دعونا نحيط  بمعلومات مهمة عن ايدي كوهين، 

ايدي كوهين ولد و ترعرع في لبنان وهذا ما أكده سابقا  الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وذلك قبل وفاته في تغريدة على تويتر

الصورة

 

بعد  أن هاجر  إيدي كوهين الى فلسطين المحتلة التحق بشعبة الاستخبارات العسكرية  التي تعرف بــ "أمان"   و تتبع هذه الشعبة  لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وهي  مسؤولة عن جمع المعلومات العسكرية و تحليلها، و يعمل بالتنسيق مع باقي أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الأخرى حسب تقدير الأهداف.

تدرّج كوهين حتى وصل إلى رتبة عقيد في تلك الشعبة  و من ثم حصل على الدكتوراة  في مجال دراسات الشرق الأوسط  و يعمل حاليا في جامعة  "بار إيلان"  التي تعتبر معقل اليمين الديني المتطرف في الكيان المحتل، كما يعمل باحثا في مركز بيغن السادات للدراسات الاستراتيجية  التابع لنفس الجامعة وهو يتبنى مواقف دينية متطرفة ، لذلك فإن إيدي كوهين  صاحب خلفية عسكرية و أيديولوجية يمنية متطرفة

المفارقة أن ما يكتبه  و يقوله إيدي كوهين بالعربية و الذي يوجهه للجمهور العربي عبر تغريداته على تويتر أو من خلال اطلالاته على شاشات التلفزة العربية

 لا يقوله و لا يتطرق له في مقابلاته بالإنجليزية أو العبرية أو  في مقالاته   التي ينشرها  باللغة الانجليزية على موقع  مركز بيغن  للدراسات  أو التي ينشرها باللغة العبرية في صحيفة إسرائيل( هايوم )  ما يعني أن ما يقوم به كوهين  موجه خصيصا للجماهير العربية و يخدم المؤسسة العسكرية و الأكاديمية الإسرائيلية وذلك لتحقيق عددٍ من الأهداف ..

أولاً- التأثير على الوعي الجمعي العربي  بحيث يقدم "إسرائيل" كقوة لا يمكن الانتصار عليها  فمثلا تجده دائما يسخف من قدرات ايران أو من قدرات فصائل المقاومة بشكل عام   و إبراز "إسرائيل" كقوة متفردة بالمنطقة

ثانياً- يهدف كوهين من خلال تلك الهجمات  تيئيس المتلقي العربي من عوائد مواجهة "إسرائيل"و تكريس وجدها على أنه قدر بحيث لا يمكن حسم المواجهة معها و بالتالي على العرب أن يستسلموا لهذا الواقع بل و التعامل معه

ثالثاً- تسويغ و ترويج التطبيع مع "إسرائيل" حتى عندما يسب الأنظمة المطبعة ويوجه لها الانتقادات بالجملة

رابعاً-  اختراق النخبة العربية و مد جسور التواصل معها لاستخدامها لاحقاً في خدمة مشروع التطبيع

الهدف الأخطر لـ ايدي كوهين

 من المعلومات المؤكدة أن إيدي كوهين  خدم كمجنّدِ عملاء في وحدة "504"، المسؤولة عن تجنيد العملاء و التحقيق مع الأسرى، و التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الصهيونية  و ارتكبت هذه الوحدة جرائم مروعة ضد آلاف الأسرى العرب في الحروب مع الكيان وفي الفترات التي تفصل بينها، ناهيك عن أنها استخدمت أحط الوسائل في محاولاتها إسقاط بعض العرب في براثن العمالة للاحتلال.

وقد تقلد كوهين مناصب كبيرة داخل هذه الوحدة قبل أن يتسرح من الخدمة العسكرية و ينضم للعمل "الأكاديمي"، شأن الكثير من رجال الاستخبارات الصهاينة.

 الوحدة (504)  هي من أخطر  وحدات  الاستخبارات و يطلق عليها أيضا “ميني موساد”، مهمتها توفير المعلومات  العسكرية لقادة الكتائب في جيش الاحتلال الذين يتواجدون في ساحة المعركة، وأيضا تجنيد العملاء في البلاد العربية إضافة للتحقيق مع الأسرى في الأوقات العادية و في أوقات الحرب، وذلك بالتنسيق مع جهاز “الموساد” وجهاز “الشاباك” الإسرائيليان.

مهام في الدول العربية

هناك قسم آخر من هذه الوحدة يعمل في مناطق بعيدة عن دولة الاحتلال، هذه المناطق هي الدولة العربية، حيث تعمل هذه الوحدة من تونس إلى بيروت إلى العواصم العربية كلها، يشغل ضباط الوحدة وكلاء و يقومون بإرسالهم إلى الدول العربية المجاورة لدولة الاحتلال و مناطق السلطة الفلسطينية وقطاع غزة. مهمتهم البحث في العمق العربي و التغلغل  في أعماق العواصم العربية “ لذلك تجد تغريدات ايدي كوهين تتحدث  أحيانا عن مناطق داخل العاصمة عمّان وذلك في محاولة اكتساب ثقة الجمهور العربي 

 

 

 ومن أخطر المهام التي يقوم بها إيدي كوهين هو نشر معلومات يزعم أنها  سرية حصل عليها، تكشف خفايا وأسرار بعض الأحداث التي تدور في عواصم العالم العربي كما حدث مؤخرا عندما كشف في تغريدة  و قبل يومين من مطالبة الجيش الأردني للأمير حمزة بالتوقف عن "تحركات ونشاطات يتم توظيفها لاستهداف أمن الأردن واستقراره"، قائلا "إن معلومات لديه تفيد بأن ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين "يحاول بكل قوته أن يصبح ملكا".

 

وما فعله  كوهين مع الأردن يفعله مع معظم الدول العربية حيث يتعمد استفزاز العرب بمنشوراته عنهم و عن حكامهم، فمثلا عمد كوهين إلى نشر   صورة مرزوق الغانم أثناء فوزه برئاسة البرلمان الكويتي، متهما إياه بـ"الكذب"، وقبلها  أثار جدلاً كبيراً بعد سخريته من الرئيس التونسي، قيس سعيّد، بسبب قانون يمنع التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي وفي وقت سابق تحدث كوهين في تغريدة أثارت حيرة و جدلاً و اسعاً بين العرب، إد قال إن حاكماً عريباً يستعد لشراء منزل في تل أبيب في حال تمت الإطاحة به. 

 كوهين ومن خلال السعي الى  اكتساب ثقة الجمهور العربي يمكنه أن يسهم بشكل كبير و ضار جدا في حرب المعلومات التي تشنها المخابرات الصهيونية ضد العالم العربي بشكل عام  عبر تسريب معلومات محددة لتحقيق هدف سياسي أو أمني،...الخ.

من هنا، فهو معني بكسب ثقة أكبر عدد من متابعيه العرب حتى يمرر رسائل محددة تنسجم مع أهداف هذه الحرب

 ومن أجل تحقيق ذلك   عمد مؤخرا على إطلاق ما أسماه خطة "هدهد سليمان"،  يعرض  من خلالها على متابعيه الاستفسار عن أي معلومة تخص أي نظام، حيث أنه سيقوم بتوفيرها!!!.

 

 لذلك إن التواصل مع كوهين  والتفاعل معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي قد يمثل أقصر الطرق إلى السقوط في براثن المخابرات الصهيونية، حيث أن لديهم الكثير من الطرائق التي تفضي إلى التوريط، و يتضاعف هذا الخطر عندما يدور الحديث عن شخص عمل لسنين طويلة في مجال تجنيد العملاء، مثل كوهين، حيث  بإمكانه أن يساعد في فتح  مسارات تفضي إلى إيجاد احتكاك بين ضباط المخابرات الصهاينة و متابعيه على مواقع التواصل.

فمن خلال اعترافات الكثير من الفلسطينيين و العرب و الإيرانيين الذين أدينوا بالتخابر مع "إسرائيل" في العقد الأخير، تبين أن مواقع التواصل الاجتماعي هي أحد أهم الساحات التي توظفها الاستخبارات الصهيونية في الاستدراج لوحل العمالة و الخيانة. فلماذا نستبعد ان حساب إيدي كوهين، الذي عمل لفترة طويلة كمجند عملاء يلعب نفس الدور؟

الطامة الكبرى تتجسد في حال كان هناك عرب يتواصلون مع إيدي كوهين بشكل خاص عبر تقنية الرسائل الخاصة، لطلب المساعدة أو الاستفسار، ....الخ...هذه ستكون وصفة مؤكدة نحو الإسقاط الأمني،  فمن المرجح أنه سيربط هؤلاء المغفلين بأشخاص و مؤسسات إسرائيلية بهدف تقديم المساعدة تكون في الواقع واجهة لمنظومة استخبارية، وعندها تحدث الكارثة

هذه مناسبة للتحذير من آليات التقمص التي تنتهجها المخابرات الصهيونية على مواقع التواصل الاجتماعي في محاولاتها إستدراج عرب للوقوع في وحل العمالة، وتقوم على تقمص رجل الاستخبارات شخصية ما لتضليل الشخص الذي يحاولون اسقطاه عبر تسهيل الاحتكاك به.

وعلى كل الأحوال، فإنه لا حاجة للقول إن تجاهل عدو مغتصب مثل الصهيوني أيدي كوهين تفرضه أبسط متطلبات الكرامة الوطنية وأوضح مظاهر الحصانة القيمية.

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00