محرر و مذيع أخبار
برامج الإقامة تعود للواجهة.. بحادث مروري لطبيبة ناوبت 27 ساعة
ما الذي حدث مع الطبيبة بيان موسى بعد مناوبة دامت 27 ساعة؟
تطفو قضية برامج الإقامة الطبية في الأردن على السطح بين الحين والآخر، لتسلط الضوء على معاناة الأطباء المقيمين الراغبين بالتخصص، إلا أن هذه القضية عادت إلى الواجهة هذه المرة بسبب حادث مروري تعرضت له الطبيبة "بيان موسى"أدى إلى انقلاب مركبتها عدة مرات إثر اصطدامها بتل على جانب الطريق.
بيان كانت في حالة إرهاق شديد بعد انتهائها من مناوبتها في مستشفى البشير لـ 27 ساعة، ولم يستغرق الأمر سوى سنة من النوم لثوان معدودة حتى تتعرض بعد لهذا الحادث المخيف. لطف الله حمى بيان من هذا الحادث ولم تصب إلا ببعض الرضوض.
تصف بيان الحادث بالمروّع، وتقول إنه جاء بعد يوم عمل منهك استمر 27 ساعة دون نوم، سبقها يوم مناوبة استمر 32 ساعة.
لا تشريع يحكم عدد ساعات المناوبة
وتشير بيان إلى أن لا تشريع يحكم عدد ساعات المناوبة، لكن الأمر مرهون بعدد وتعاون الفريق المناوب من المقيمين، و تضيف: "إذا كان الفريق متعاونا.. نقسم ساعات الراحة بيننا".
ولا تنكر بيان أن مستشفى البشير يعاني من نقص في الكوادر الطبية والمقيمين، ما زاد من ساعات مناوبة المقيم لتغطية الحالات المرضية التي تصل المستشفى خاصة مقيمي السنوات الأولى، حيث أن ساعات المناوبة تقل مع زيادة سنوات الإقامة.
وتقول إن المستشفى لا يهيء لهم مكانا لأخذ القيلولة حيث كانت تضطر للنوم في غرفة الولادة عند فراغها حتى تتمكن من الاستمرار في مناوبتها.
"قدرتي كطبيبة تختلف عن قدرة الطبيب في تحمل الضغط"
وتؤكد بيان ضرورة مراعاة الفرق بين الجنسين في برامج الإقامة،وتقول: "إن قدرتي الجسمانية تختلف عن زملائي الرجال في تحمل الضغط الهائل في العمل وساعات الدوام وبيئة العمل".
وتبدي بيان قلقا كذلك من تأثير ساعات المناوبة التي تصل إلى 30 ساعة على كفاءتها في التعامل مع المرضى، وترى بأنه لا بد من إيجاد حل يحفظ حقوق الطبيب والمريض ويؤمن بيئة صحية تحفظ كرامة الجميع.
لم تتواصل أي جهة رسمية معها لمعرفة إن كان لإرهاقها في العمل ارتباط بالحادث الذي تعرضت له، لكن رئيس قسمها اتصل للاطمئنان على صحتها بعدما بلغه الخبر.
مقيمون: ساعات المناوبة غير طبيعية!
مقيمون في أحد مستشفيات الصحة قالوا لـ حسنى إن برامج الإقامة وساعات المناوبة غير طبيعية، وأكدوا عدم التزام المستشفى بنظام 24 ساعة مناوبة وتجاوزها مرات عديدة 30 ساعة، وأكدوا ما قالته لنا بيان أن الأمر يترك كثيرا لمدى التعاون بين الأطباء.
من جهته، أضاف الاختصاصي طارق الخطيب وهو الناطق باسم حملة هجرتونا للدفاع عن حقوق الأطباء المقيمين عدم وجود أي ضابط على برامج الإقامة يحفظ حقوق الأطباء المقيمين ويحدد واجباتهم، عدا عن الرواتب الزهيدة.
"المشكلة فيها شقين، الأولى تتعلق بالتشريعات الناظمة للعملية والثانية نقص الكوادر الطبية"، ويضيف الخطيب أن الطبيب المقيم يتحمل وزر نقص التعيينات الحاصل في مستشفى البشير مثلا ومعظم المستشفيات الأخرى.
فيما قال الاختصاصي في مستشفى الملك المؤسس الجامعي رامي العزب إن برامج الإقامة لن تتحسن طالما أن المجلس الطبي الأردني يتبع لوزارة الصحة؛ لعدم ممارسته واجباته كجهة مشرفة، حيث أنه يشرف على امتحانات البورد فقط.
وأكد ضرورة وجود جسم موحد يضبط برامج الإقامة، بدلا من وجود تعليمات منفصلة لكل جهة.
اقرأ المزيد: برامج الإقامـة الطبية غير مدفوعة الأجر إجحاف يبدد جهد الأطباء
وزارة الصحة تصر على سلامة تعليمات برامج الإقامة
وتعليقا على شكوى الأطباء المقيمين، أكدت أمين عام وزارة الصحة إلهام خريسات في حديث لـ حسنى سلامة إجراءات وتعليمات برامج الإقامة بما يمنع الإرهاق الزائد للطبيب ويحفظ سلامة المريض، مبينة أن وزير الصحة عمم في تشرين أول الماضي على عدم تجاوز ساعات المناوبة 16 ساعة كحد أقصى.
ورغم تصريحات المقيمين بعدم الالتزام بساعات المناوبة، تقول خريسات إن قرارات الوزير واضحة حول ساعات المناوبة مستغربة عدم تطبيقها من قبل الأطباء.
وتضيف خريسات بأن وزير الصحة وجّه لجنة من الرقابة الداخلية أمس الأحد إلى مستشفى البشير للنظر في حيثيات برامج الإقامة وأسباب قصة الطبيبة بيان.
المجلس الطبي: الطبيب المتعب يقدم عذرا
أما الأمين العام للمجلس الطبي الأردني محمد العبداللات فلا يرى ضرورة لوضع تشريع موحد لبرامج الإقامة، ويؤكد أن نظام المناوبات مرهون بتفاهم الأطباء بينهم في توزيع الفترات وبالنظام الداخلي للمؤسسة التي يعملون فيها.
وأوضح العبداللات أن برامج الإقامة في وزارة الصحة محكومة بنظام الخدمة المدنية، ولها أنظمة خاصة في الخدمات الطبية والقطاع الخاص.
وأشار إلى إمكانية تقديم عذر من قبل الطبيب المقيم المتعب إلى رئيس القسم أو رئيس الاختصاص ليقوم البديل بدوره عنه.
وأكد العبداللات أن جميع التعليمات الناظمة تنضوي تحت منهجين هما رجوع الطبيب بسلامة وأداء المهمة بكفاءة.
نقيب الأطباء: ساعات مناوبة الطبيب المقيم عرف
من جهته، وصف القائم باسم نقابة الأطباء د. محمد رسول الطراونة وضع برامج الإقامة بغير الجيد، عازيا ذلك إلى عدم وجود إطار تشريعي ينظم هذا العمل.
وأكد الطراونة أن المشكلة قديمة متجددة، وأن حالة الطبيبة بيان الموسى تماثل حالات أخرى وتحديدا في مستشفيات الأطراف، مستشهدا بحالة وفاة لطبيب في حادث سير قبل عامين بسبب ضغط العمل الشديد.
وأشار إلى عدم وجود تعليمات مكتوبة حول ساعات عمل الطبيب المقيم أو ساعات المناوبة، وإنما هي عرف منذ استحداث برامج الإقامة في الثمانينات بأن لا يتجاوز عدد ساعات المناوبة 24 ساعة إلا في الحالات الطارئة كالحالات الجوية.
وأكد الطراونة ضرورة تنظيم برامج الإقامة في جميع الجهات من وزارة الصحة أو القطاع الخاص أو المستشفيات الجامعية أو الخدمات الطبية.
وقد طالبت نقابة الأطباء المجلس الطبي الأردني بوضع أسس واضحة لبرامج الإقامة، وخاطبت وفق الطراونة وزير الصحة بصفته رئيس المجلس لتنظيم العمل بحيث يصبح ما هو خارج التشريع مسؤولية الطبيب نفسه.
وطرح النقيب سؤالا حول أسباب استغلال الأطباء المقيمين، وأجاب عليه بالقول إن "هذا الطبيب متدرب بحاجة لرؤية حالات مرضية أكثر من غيره، فقد يختار هو البقاء للحصول على مهارات أكثر"، وأشار إلى أن ساعات المناوبة ترتبط بتعاون أفرقة المقيمين في المستشفيات مع بعضها البعض.
اقرأ المزيد: أطباء برامج الإقامـة معاناة مستمرة وهجّرتونا تطالب بحمايتهم
الطبيبة بيان على مواقع التواصل الاجتماعي
وقد انتشرت قصة الطبيبة بيان الموسى على مواقع التواصل الاجتماعي، ونالت تفاعلا واسعا من أطباء أردنيين، مشيرين إلى مشكلة برامج الإقامة في الأردن والتي تمثل استغلالا للأطباء وإجحافا لجهودهم، وظلما للإنسانية.
فقد تساءل طارق طهبوب عبر صفحته على فيسبوك عن المسؤولية التي تقع على عاتق نقابة الأطباء بهذا الشأن.
من جهته، روى بهاء البلاونة ما حدث مع الموسى، مستشهدا بالبرامج التعليمية المطروحة في بلاد الغرب وتحديدها بـسبعين ساعة أسبوعيا فقط للحفاظ على إنتاجية الأطباء.
أما حازم القرالة، فقال إن إجبار الطبيب على العمل لساعات تفوق القدرة البشرية في مهنة حساسة يتعامل من خلالها مع حالات طبية طارئة سيؤدي حتما لأخطاء وكوراث تؤثر بشكل مباشر على المريض والطبيب.