كشف مدير مستشفى الأمير حمزة الدكتور كفاح أبو طربوش لـ حسنى اليوم الخميس عن توجه وزارة الصحة نحو تعزيز قدرات المراكز الصحية الشاملة للتخفيف
من يملك حق بيع أراضي البلديات؟ أهالي منطقة بدر الجديدة يطالبون بكشف الحقيقة
أثارت قضية بيع قطع أراض عامة مملوكة لأمانة عمان الكبرى في منطقة بدر الجديدة استياء واسعا بين الأهالي، بعد كشف عمليات بيع تمت، وفق ما يقول السكان، دون إعلان أو مزاد، ودون الالتزام بالإجراءات القانونية التي تنظم التصرف في الملكيات العامة.
القضية، التي فجرها المحامي فضيل العبادي عبر حسنى فتحت الباب أمام سؤال كبير:
من يمتلك حق التصرف بملكيات البلديات؟ وهل يجوز بيع أراض مخصصة للمنفعة العامة؟
بداية الاشتباه.. كيف اكتشف أهالي بدر الجديدة عمليات البيع؟
بدأت القصة قبل نحو شهرين حين لاحظ أهالي بدر الجديدة التابعة لأمانة عمان الكبرى، عمليات بيع غير اعتيادية على قطع أراض مملوكة للأمانة في المنطقة.
وبحسب المحامي فضيل العبادي، تبين للسكان وجود حالات بيع لقطع كبيرة تعود ملكيتها للمنفعة العامة، بعضها تعود ملكيته منذ السبعينيات والثمانينيات حين كانت المنطقة مجلسا قرويا.
يقول العبادي إن القطع المباعة ليست مساحات هامشية، بل تقدر قيمتها بمئات الآلاف لكل دونم، ما أثار صدمة الأهالي ودفعهم إلى الاحتجاج ورفع الصوت، وصولا إلى تدخل الديوان الملكي في إحدى القضايا وإلغاء بيع إحدى القطع.
ما طبيعة هذه الأراضي؟ ومن يملكها؟
توارثت أمانة عمان ملكية هذه الأراضي بعد ضم البلديات السابقة ودمجها، ووفق العبادي، فإن العديد من القطع كانت أصلا مملوكة للمجلس القروي، وقدمت تبرعا للمنفعة العامة بهدف إنشاء مرافق عامة كالمدارس أو المباني البلدية، ثم انتقلت ملكيتها بعد ذلك إلى الأمانة.
وبحسب المحامي العبادي فإن جزءا من هذه الأراضي هو "ربع قانوني" أو "فضلات تنظم" تحصل عليها البلديات بعد إدخال الأراضي الزراعية إلى التنظيم، وبالتالي تسجل في قيودها كأملاك عامة.
ماذا يقول القانون؟ وهل يجيز بيع أراضي البلديات؟
يؤكد العبادي أن بيع أي أرض مملوكة لأمانة عمان أو البلديات مقيد بشروط صارمة؛ إذ يشترط القانون ما يلي:
-
تقدير قيمة القطعة قبل البيع من قبل لجنة مختصة.
-
طرحها في مزاد علني وإعلان ذلك في الصحف الرسمية.
-
عدم بيعها بسعر أقل من التقدير الرسمي.
-
الحصول على موافقة مجلس الوزراء في حال تجاوزت قيمة البيع حدا ماليا معينا.
ويضيف:
"حتى لو أردت أنا كمواطن شراءها فلا يجوز بيعها لي إلا عبر هذه الآليات.. فكيف بيعت لغيري دون إعلان ولا مزاد؟".
الإطار القانوني للتصرف بأملاك البلديات غير المنقولة
يؤكد قانون البلديات بشكل صريح أن جميع الأملاك غير المنقولة العائدة للبلدية تسجل باسمها في قيود دائرة الأراضي والمساحة باعتبارها ملكية عامة لا يجوز التفريط بها. ويضع القانون قيودا مشددة على أي عملية بيع أو تخصيص أو هبة أو رهن لهذه الأملاك، بما يحول دون التصرف بها بشكل فردي أو غير منظم.
كما ينص التشريع على أنه لا يجوز تأجير الأملاك البلدية لمدة تتجاوز خمس سنوات إلا بقرار يصدر عن المجلس البلدي نفسه، وبعد تنسيب لجنة الاستثمار المشكلة داخل البلدية، وبشرط الحصول على موافقة الوزير المختص. ويهدف هذا التدرج في الموافقات إلى ضمان الرقابة المؤسسية ومنع أي تجاوزات قد تمس المال العام أو تفتح الباب أمام عمليات بيع غير قانونية أو غير شفافة.
اعتراض الأهالي وتدخل الديوان الملكي
بحسب العبادي، فإن إحدى القطع، ومساحتها قرابة دنمين وفي أفضل مواقع بدر الجديدة، تم بيعها قبل حوالي أربعة أسابيع، رغم أن سعر الدونم يتجاوز 400 ألف دينار.
ويقول إن الأهالي تحركوا واحتجوا، وتم التواصل مع جهات رسمية عليا، ما أدى إلى إلغاء عملية البيع في إحدى القطع. لكنهم اكتشفوا لاحقا بيع قطعة أخرى جديدة بطريقة مشابهة.
هذا ما دفعه لطرح السؤال العلني:
كيف تُباع أراضي المنفعة العامة التي قد تحتاجها المدينة للبناء المدرسي أو الصحي أو الأمني؟
توضيحات دائرة الأراضي – الفرق بين أملاك الدولة وأملاك البلديات
وفي سياق توضيح الإطار القانوني، قدم طلال الزبن، مدير أملاك الدولة، والناطق الإعلامي باسم دائرة الأراضي والمساحة لـ حسنى تفصيلا في أنواع الملكيات:
أملاك الدولة "الخزينة"
-
لا تباع إطلاقا.
-
يمكن فقط تخصيصها لدوائر حكومية لتنفيذ مدارس ومستشفيات ومشاريع عامة.
-
يمكن تفويضها في حالات خاصة "مثل إسكانات المواطنين المعتدين على أراضي الخزينة سابقا".
-
يجوز تأجيرها لمشاريع زراعية واستثمارية ضمن شروط وعطاءات معلنة.
كله يتم عبر لجنة مركزية يرأسها وزير المالية، وبإعلان رسمي في الصحف.
اقرأ المزيد.. دائرة الأراضي توضح طرق التصرف في أراضي الدولة
أملاك البلديات
وبين الزبن أن البلديات، ومن ضمنها أمانة عمان، تمتلك أراضي مسجلة في سندات التسجيل باسمها، وليست جزءا من أراضي الخزينة.
وعليه، فإن التصرف بها يخضع لقانون البلديات وأنظمتها الخاصة، وليس لقانون إدارة أملاك الدولة.
وهنا يبرز السؤال الجوهري:
هل تطبق البلديات القواعد ذاتها في الإعلان والمزاد وتقدير السعر؟
فالزبن يقر بأن أراضي الخزينة يعلن عنها دائما، بينما ما جرى في بدر الجديدة يتعلق بأملاك بلدية، ما يفتح بابا واسعا للمساءلة.
غياب الشفافية.. أين موافقات اللجان والمزادات؟
وعبر المحامي فضيل العبادي، عن استغرابه من غياب أي إعلان رسمي لبيع القطع المذكورة، قائلا:
"لا إعلان في الجريدة الرسمية، لا مزاد، لا لجنة تقدير.. بيع مباشر! هذا يخالف القانون بصراحة".
ويضيف أن الحجة التي قد تطرح، كالحاجة لسداد ديون الأمانة، لا تبرر بيع أراض كاملة متكاملة صالحة لإنشاء مرافق تعليمية وصحية، وهي "أملاك مستقبل المدينة".
الحاجة إلى تحقيق شامل
وفي هذا المضمار، تبرز فجوة بين النص القانوني والممارسة، وبين ما يلتزم به قانون إدارة أملاك الدولة في وضوح الإجراءات، وبين ما يتطلبه قانون البلديات بشأن بيع أراضي الملكيات العامة.
فالقضية لم تعد مطلبا محليا لأهالي بدر الجديدة، بل تحولت إلى قضية رأي عام تتعلق بحق المجتمع في المحافظة على الأصول العامة وعدم التفريط بها.
سؤال مفتوح بانتظار إجابة
تتفق تصريحات العبادي والزبن على حقيقة رئيسية:
البلديات تمتلك أراضي يمكن أن تتصرف بها، لكن هذه الأراضي عامة وليست ملكا خاصا، ويجب أن تدار بشفافية صارمة، وأن تطرح أي عملية بيع وفق القانون.
وعليه يبقى السؤال المركزي:
من يملك حق بيع أراضي البلديات؟
وهل جرى الالتزام بالمسار القانوني في أراضي بدر الجديدة؟ سؤال ما يزال بلا إجابة واضحة، والأهالي بانتظار تحقيق رسمي يكشف التفاصيل كاملة.