عمارة اللويبدة تفتح ملف المباني القديمة

الصورة
المصدر
آخر تحديث

تشعر وأنت تدخل إلى جبل اللويبدة أن حيوية زهرة جبال عمان قد خفتت؛ حزنا على ضحايا عمارة اللويبدة المنهارة وما حدث من فاجعة كبيرة أفقدت سكانه أحباء كانوا يعيشون معهم.

بعد هذه المأساة أصبح الصوت عاليا في جبل اللويبدة التي ينادي سكانه منذ سنوات بعدم العبث في المباني القديمة، فأكثر ما يحزن أهالي اللويبدة أن الأمر سيكون مخيبا إن لم يتم محاسبة المقصرين ووقف الانتهاكات العمرانية التي تشوه صورة البناء المعماري لهذا الجبل.

يجب حماية جبل اللويبدة

يجب حماية اللويبدة من المتسللين إليها لشراء بيوت قديمة ومن ثم هدمها لإنشاء عمارات سكنية، "فجبل اللويبدة أو زهرة عمان له خصوصية تختلف عن كل الأماكن، في الأصالة والبناء والعمارة وبأدراجه وأزقته والألفة التي تجمع الناس، وما يميزه أيضا من طابع اجتماعي يجمع سكانه فمعظمهم يعرفون بعضهم البعض، وكأنهم يعيشون في قرية صغيرة"، كما يقول المصور صلاح أبو وهدان، الذي يسكن إلى جوار العمارة التي انهارت.

ويتابع حديثه وترتسم على وجه علامات الحزن، وهو ينظر إلى البناية التي انهارت، "أعرفهم جميعا وتربطني بهم علاقات وطيدة ونزور بعضنا ونشرب القهوة معا في الصباح.. إنه شيء محزن أن يذهبوا بسبب الطمع والجشع".

ولم يستوعب نبيل الحاج قاسم صاحب البيت الذي سقطت عليه العمارة المنهارة، ما حصل لبيته ، فقد بدت على ملامحه الحيرة بعد أن تحول بيته إلى كومة من الحطام، وقد ألجمته  الفاجعة التي ألمّت بالعائلة المستأجرة لبيته فقد توفيت المرأة وابنها، داعيا لهما بالرحمة والغفران.

يقول الحاج قاسم قمت بتأجير بيتي وعمره نحو 66 عاما منذ خمس سنوات لعائلة ولم يسبق أن حدّثت في بيتي أي تشققات، ولم تبلغني العائلة المستأجرة عن أي مشاكل في البيت.

لكن مع التوسع في المشاريع الإسكانية، لا يخفي الحاج قاسم العروض التي كانت تأتيه لشراء منزله البالغة مساحته 250 مترا ويتكون من 4 غرف وصالون ومرافقها، فقد عرض عليه شراء المنزل من قبل أحد الورثة من العمارة المنهارة، ولكنه فضل عدم البيع.

يبدو أن البيوت القديمة في جبل اللويبدة أصبحت مطمعا لأصحاب المشاريع الإسكانية دون النظر إلى طبيعة الجبل العمرانية والمنحدرات التي بداخله التي يمكن أن تحدث تصدعات بداخله، "فالكثير من البيوت القديمة تحتاج إلى ترميم في جبل اللويبدة"، كما تقول إحدى ساكنيه إيمان قطيشات.

حتى لا تتكرر حادثة عمارة اللويبدة

وحتى لا يتكرر حادث عمارة اللويبدة المنهارة، وجّهت قطيشات نداء إلى أمانة عمان الكبرى للاستجابة إلى مطالب الأهالي في جبل اللويبدة بإجراء مسح ميداني للبيوت القديمة والمساهمة في ترميمها، مؤكدة أنه سبق أن قمنا بالاتصال في الأمانة لمعالجة هذه الأوضاع، حيث عرضت مشكلة تسرب المياه من سطح البناية التي تقطن بها من سنوات لإيجاد حل لها وترميمها.

وتتابع قطيشات، إلى جوارنا في المنطقة التي أسكن بها بالقرب من حديقة اللويبدة في شارع أحمد بن حنبل هناك بيت مهجور ومعروض للبيع للمستثمرين، قائلة "في حال بيع هذا البيت إلى مستثمرين وأقيم مكانه عقار للاستثمار فقد تنهار بيوت مجاورة"، مطالبة الأمانة عدم الموافقة على إنشاء أي بنايات استثمارية لأنها حتما ستؤدي إلى تصدع بنايات وربما انهيارات وعندها لن نقف عند عمارة واحدة منهارة.

عمارة اللويبدة المنهارة ربما تدق ناقوس الخطر حول أوضاع البنايات القديمة ليس في جبل اللويبدة فقط، رغم ما يحمله من خصوصية، ولكن في مختلف المناطق وخاصة في جبال عمان التي تتربع عليها بيوت وعمارات تحتاج إلى حماية من الزحف العمراني، الذي يتمدد ويحدث تأثيرات سلبية على الأرض والبيئة والمباني السكنية القديمة، لذلك جاءت دعوة المركز الوطني لحقوق الإنسان إلى إجراء مسح وطني للمباني القديمة في كل محافظات المملكة تجنبا لوقوع حوادث مماثلة كما حصل في اللويبدة وفي مناطق أخرى.

00:00:00