تصاعد وتيرة الجهود الأردنية الدبلوماسية لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة

الصورة
الملك عبد الله الثاني
الملك عبد الله الثاني

تصاعدت وتيرة الجهود الأردنية الدبلوماسية لوقف العدوان المجرم على غزة مع الدول الغربية لتغيير موقفها الأولي الذي ساند دولة الاحتلال الإسرائيلي بشكل مطلق. وبدأت هذه الجهود تؤتي ثمارها في تليين مواقف دول أوروبية وإحراجها أمام المواثيق والعهود الدولية وحقوق الإنسان التي تنادي بها وما يشكله الاعتداء الإسرائيلي من جريمة حرب. 

الملك يسعى لحشد موقف دولي لوقف الحرب على غزة

الملك التقى رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وأصر في لقائه على أن منع الغذاء والمياه والكهرباء عن المدنيين الأبرياء في قطاع غزة ما هو إلا جريمة حرب يجب أن يدينها العالم ويرفضها، حيث شدد على ضرورة فتح ممرات إنسانية لإدخال المساعدات الطبية والإغاثية العاجلة إلى القطاع. 

وخلال اللقاء، جدد الملك تحذيراته المتكررة من أية محاولة للتهجير القسري للفلسطينيين من جميع الأراضي الفلسطينية، أو التسبب في نزوحهم، مؤكدا أن ذلك خرقا آخر من خروقات الاحتلال الإسرائيلي للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، كما أعرب عن رفض الأردن ترحيل الأزمة إلى دول الجوار ومفاقمة قضية اللاجئين، مؤكدا أن المجتمع الدولي يجب أن يرفض سياسة العقاب الجماعي التي ينتهجها الاحتلال تجاه سكان قطاع غزة. 

ازدواجية المعايير الدولية يجب أن تتوقف 

ولفت الملك إلى ازدواجية المعايير العالمية في التعامل مع القضايا، حيث أكد خلال لقائه رئيس الوزراء البريطاني أن المجتمع الدولي يجب أن يدين استهداف المدنيين الأبرياء دون تمييز، انسجاما مع القيم الإنسانية المشتركة والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. 

وكانت مواقف المجتمع الدولي مؤخرا مليئة بالازدواجية، حيث أدان مرارا قتل المدنيين الإسرائيليين، فيما لم يحرك ساكنا عندما تعلق الأمر بالمدنيين في غزة. 

واستكمالا لجولته في أوروبا، جدد الملك عبدالله الثاني تحذيراته خلال اتصال هاتفي مع نظيره الإسباني فيليب السادس، من محاولات تهجير الفلسطينيين والتسبب بنزوحهم، والآثار الكارثية لذلك على المنطقة بأكملها، إضافة إلى التشديد على أهمية حشد موقف دولي لوقف الحرب على غزة‬، وتكثيف الجهود لضمان إيصال المساعدات الطبية والإغاثية للقطاع. 

لا سبيل لتحقيق السلام في المنطقة إلا بتلبية حقوق الفلسطينيين 

وفي إطار الجولة ذاتها، أجرى وزير الخارجية أيمن الصفدي أمس الأحد‏ مقابلة مع قناة الجزيرة من لندن، قال فيها إن المحادثات التي يجريها الملك مع المسؤولين الأوروبيين ستركز على ضرورة وقف العنف والحرب على غزة، وعلى حماية المدنيين الغزيين وإيصال المساعدات الإنسانية لهم، كما أكد أن الحرب لن تحقق إلا الدمار والقتل، وأنه لا سبيل لتحقيق الأمن والسلام في المنطقة إلا عبر تلبية حقوق الشعب الفلسطيني في حريته ودولته على ترابه الوطني. 

‏وأكد الصفدي خلال المقابلة أن الملك يتحدث بصوت الحق والفلسطينيين والعرب والإنسانية، وعبر الصفدي عن ذلك بقوله: 

"إن وقف هذه الحرب وتلبية حقوق الشعب الفلسطيني ليعيش بأمن وسلام في دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط 1967 إلى جانب إسرائيل هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار للجميع".

كما قال الصفدي إنه لا يمكن السكوت عن ما يجري في غزة، ولا بد من أن يصل الصوت إلى العالم كله بوضوح، مبينا أن هذا جزءا من الجهد الذي يقوده الملك. 

وفي مقابلة أخرى مع قناة BBC البريطانية أمس، كرر الصفدي التأكيدات ذاتها التي يلفت إليها الملك حول ازدواجية المعايير الدولية، حيث قال: 

"إن القيم الإنسانية المشتركة تفرض على العالم إدانة قتل المدنيين الفلسطينيين كما أدان قتل المدنيين الإسرائيليين، فالفلسطيني ليس أقل إنسانية من الإسرائيلي". 

‏وقال الصفدي في المقابلتين مع الجزيرة وBBC: 

"لماذا قطع الإمدادات الإنسانية والعلاجية والغذائية عن أوكرانيا جريمة حرب، لكنها في غزة أمر يسكت عنه؟ ولا يحارب ولا يوصف بما يجب وصفه؟ وهو جريمة حرب". 

كما ‏نبه الصفدي إلى الكارثة الإنسانية المصاحبة للحرب قائلا إنه لا يجوز أن يجوع الشيوخ والأطفال والنساء في غزة، في الوقت الذي يستيقظون فيه وينامون على وقع القنابل والصواريخ. 

وفي السياق ذاته، أكد على موقف الأردن القاطع في رفض تهجير الغزيين وكل الفلسطينيين من وطنهم، وأن المملكة لن تسمح بتكرار هذا السيناريو وستتصدى له بكل إمكاناتها، حيث ما تزال ذاكرة النكبة والنكسة حية عند اللاجئين وعند الجميع. 

الصمت على ما يتعرض له أهل غزة من تدمير ممنهج غير مقبول 

رئيس الوزراء بشر الخصاونة لم يكن بمعزل عن هذه الجهود، حيث قال خلال جلسة مجلس الوزراء أمس الأحد: 

"إن الصمت ليس خيارا مقبولا على ما يتعرض له أهل غزة من حرب وتدمير ممنهج، لأنه يشكل صمتا على عدوان يجرد الغزيين من حقهم الإنساني والقانوني في الحماية، ويشكل صمتا على الخروقات الإسرائيلية الفاضحة للقانون الدولي".

كما أكد الخصاونة أن المجتمع الدولي يجب أن يتعامل مع الحرب على غزة وفق معايير محددة، يدين من خلالها قتل المدنيين الفلسطينيين مثلما أدان قتل المدنيين الإسرائيليين، لأن الضحايا المدنيين في المحصلة النهائية هم ضحايا أيا كانت هويتهم أو جنسيتهم أو عرقهم أو دينهم. 

الجهود الأردنية الإغاثية 

وفي إطار الجهود الأردنية الإغاثية لقطاع غزة، وجه الملك أمس إلى بقاء المستشفى الميداني العسكري في القطاع وعدم إجلاء طاقمه بعد تعرض محيط المستشفى لقصف إسرائيلي عنيف السبت الماضي، حيث تعاني مستشفيات القطاع من انهيار كامل حسب ما أعلنت وزارة الصحة في غزة، الأمر الذي يحتم إبقاء كافة الكوادر الصحية لتقديم المساعدة اللازمة، كما وجه الملك لتقديم مساعدات لوكالة الأونروا‬، لتتمكن من مواصلة تقديم خدماتها الإغاثية وتوفير الغذاء والدواء والاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة. 

ورغم تأخر النواب عن هذه الجهود، إلا أن المكتب الدائم في المجلس أقر أخيرا إجراء اقتطاعات مالية من مخصصات النواب دعما لأهل قطاع غزة وصمودهم بوجه آلة الحرب والعدوان التي يشنها الاحتلال ضد المدنيين العزل، كما أهاب المكتب بالأردنيين التبرع بالمال والدماء للغزيين عبر الهيئة الخيرية الهاشمية وعبر المؤسسات والمراكز الطبية المعنية.

00:00:00