خبير في النمو الاقتصادي
مشروع قانون الأراضي والأبنية 2025: مزايا محدودة وتداعيات غير محسوبة

يفرض مشروع قانون الأراضي والأبنية المقترح ضريبة على الثروة العقارية بغض النظر عن دخل المكلف وثروته (مليونير أو متقاعد) وحالة العقار (مؤجر أو متعثر أو فارغ). ورغم أن للمشروع بعض المزايا المشروطة لكن له أيضا تداعيات سلبية استثمارية واجتماعية متوقعة، وقد يتداخل مع قانون ضريبة الدخل ويتعارض مع مبدأ منع الازدواج الضريبي. ومشروع القانون يشكل امتدادا لنظام المسقفات السابق.
المادة (12) من مشروع قانون الأراضي والأبنية هي الأساس، والباقي تفاصيل، بما فيها الأتمتة، وصفة الاستعجال في الإقرار، والقيمة التقديرية "الإلكترونية" للعقار (المختلف في مدخلاتها البشرية في ظل ظروف عقارية مضطربة واستثنائية!)، وكذلك إعفاء بدل الفارغ بنسبة 60%(الإثبات يتطلب شروطا ووقتا ولجنة) وأيضا الغرامات الكبيرة والعاجلة والتدابير القانونية الاستثنائية لمن لا يذعن (على أهمية العامل الأخير اجتماعيا).
مشروع قانون الأراضي والأبنية سيزيد من تكاليف العقارات غير السكنية
كخبير في النمو الاقتصادي، أدعي بأن مشروع قانون الأراضي والأبنية لن يدعم النمو ولا عجز الموازنة، بل سيزيد من التكاليف التشغيلية للمشاريع والعقارات غير السكنية (فنادق ومطاعم ومصانع ومزارع ومنشآت خدمية وفندقية واستشارات ضريبية وحاسوب)، وسيخفض من تصنيف الأردن الدولي والهام في تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الخاص بالبنك الدولي.
كما أن مشروع القانون سيعزز من حبس السيولة النقدية والاحتفاظ بها لأغراض التحوط بدلا من الاستثمار العقاري وغير العقاري، وهو قبل ذلك وبعده يضيف طبقة إضافية من الهشاشة الموجودة أصلا في سوق العقار الأردني بوصفه مؤشرا رياديا للنمو الاقتصادي.
خصم 80% للبناء السكني من مزايا مشروع القانون
ولمشروع القانون بعض المزايا، مثل منح خصم 80% للبناء السكني من المالك أو الزوجة أو الأصل أو الفروع، والتخفيف من أثر الواسطة والمحسوبية للأطراف المتنفذة عبر أتمتة التقدير (لكن يقابل ذلك مزيد من التهميش للمستثمر الصغير والضعيف مثل أرملة تعتمد على تأجير عقار لدفع أقساط الجامعة الخاصة لابنتها بالآلاف)، والتشجيع على استغلال الأراضي الزراعية (بشرط توفر البيئة التمكينية وعوامل الاستثمار الزراعي الأخرى).
الموازنة بحاجة حاليا إلى الموارد المالية، لكن الحل ليس في معدلات الضريبة العقارية الاستثنائية، خصوصا للطبقة الفقيرة والمتوسطة، وللعقار الفارغ غير المؤجر أو غير المستغل وما أكثره في شارع مكة والجاردنز وشارع المدينة المنورة وغيره (هل من دراسة ميدانية لدى أمانة عمان تظهر نسبة المكاتب الفارغة والمتعثرة في مناطق عمان؟). الحل هو جزئيا في فرض معدلات جمارك استثنائية على سلع الرفاهية، محددة ومعرفة بدقة وفقا لتوافق مجتمعي.
والحل المستدام -كما أكدت في أكثر من مقال سابق- هو أساسا بتعزيز النمو الاقتصادي وتوسيع نشاط الأعمال، مما سيعزز القاعدة الضريبية ويقلل من التهرب الضريبي والنشاط غير الرسمي. وهنا تبرز الحاجة إلى خبراء اقتصاديين ومحللين استراتيجيين وليس محاسبين أو قانونيين.
إقرار مشروع القانون سيقود إلى مزيد من التراجع في الاستثمار العقاري
مشروع قانون الأراضي والأبنية -إذا ما أقر بعجالة كما حدث مع قانون اللجنة الوطنية لشؤون المرأة- سيقود إلى مزيد من التراجع الممتد في العائد والاستثمار العقاري، أحد أهم مؤشرات النمو المستقبلي، في وقت ما زلنا نعاني فيه من تباطؤ معدلات النمو الإجمالي والعقاري في عام 2025، ويمكن في السيناريو المقلق أن يقود إلى انهيار أسعار وسوق العقار بسبب طلبات البيع المتصاعدة للعقار والمتصاحبة مع ضعف الطلب والقوة الشرائية لأسباب محلية وإقليمية ودولية.
ما زلنا للأسف نلقي بمزيد من حواف السكاكين على البقرة التي تدر حليبا (زخم النشاط الاقتصادي والعقاري أو ما يعرف بالقاعدة الضريبية بتعبير المالية العامة) من خلال تدابير محاسبية ومالية همها الأول والأخير زيادة التحصيل الضريبي قصير الأجل دون النظر في التداعيات السلبية طويلة الأجل على الاستثمار ومستوى المعيشة والنمو القابل للاستمرار.
مسودة القانون لا تعزز الاستثمار ولا تدعم النمو ولا التحديث الاقتصادي ومن المرجح أن تسيء إلى التحصيل الضريبي في الأجل المتوسط والطويل، ودراسة محاكاة كمية للأثر الضريبي من طرف محايد غير صندوق النقد الدولي سيثبت ذلك، مما قد يستدعي إلغاء القانون لاحقا.
ولنتذكر أنه ما تزال هناك تحديات ماثلة وكبيرة أمام القطاع الإنتاجي الأضخم في المملكة بشقيه التأجيري والتداولي تحتاج إلى حلول جذرية، وهو قطاع هش ليس بحاجة إلى معوقات جوهرية إضافية.
اقرأ المزيد.. ما حقيقة فرض ضريبة جديدة على الأبنية والأراضي؟