من كنفاني إلى أنس الشريف.. نصف قرن من الاغتيال الممنهج على يد "إسرائيل"

الصورة
من اليمين إلى اليسار ناجي العلي، أبو يوسف النجار، كمال عدوان، شيرين أبو عاقلة، أنس الشريف
من اليمين إلى اليسار ناجي العلي، أبو يوسف النجار، كمال عدوان، شيرين أبو عاقلة، أنس الشريف
آخر تحديث

منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، اعتمدت "إسرائيل" سياسة ممنهجة لإسكات كل صوت فلسطيني، وكان اغتيال الصحفيين الفلسطينيين والمثقفين جزءا أساسيا من هذه السياسة؛ فهم يكشفون جرائمها وينقلون معاناة الشعب الفلسطيني إلى العالم. لم تكن هذه السياسة مجرد اعتقالات أو اضطهاد أو رقابة، بل شملت اغتيالات متعمدة، استهدفت أبرز الأصوات التي فضحت المشروع الصهيوني. 

منذ عام 1972 وحتى آب 2025، نفذت "إسرائيل" سلسلة اغتيالات منظمة استهدفت الكتاب والفنانين والصحفيين الفلسطينيين، في الداخل والشتات، نهج الاغتيال المتكرر، من تفجير سيارة غسان كنفاني في بيروت إلى قصف خيم الصحفيين أمام مستشفى الشفاء في غزة، يؤكد أن الاحتلال يضع العقل الفلسطيني والرسالة الإعلامية في مقدمة بنك أهدافه.

اغتيال الصحفيين الفلسطينيين والمثقفين تاريخيا

غسان كنفاني – 1972 

اغتيل الكاتب والصحفي الفلسطيني غسان كنفاني في بيروت بواسطة سيارة مفخخة زرعها الموساد الإسرائيلي. كان كنفاني مؤسس ورئيس تحرير مجلة الهدف، أول صحفي فلسطيني تغتاله "إسرائيل"، وذلك بتفجير سيارته في بيروت في 8 تموز 1972، واستشهدت معه لميس نجم ابنة شقيقته فايزة. 

عرف كنفاني بقدرته على نقل القضية الفلسطينية بلغة أدبية وبلاغة سياسية، وكان اغتياله جزءا من استراتيجية" إسرائيل" لإسكات الأصوات التي تكشف مشروعها الاستيطاني والإجرامي.

كمال ناصر وكمال عدوان وأبو يوسف النجار – 1973 

في عملية عسكرية معقدة استهدفت بيروت، قامت "إسرائيل" بتصفية هذه القيادات الفلسطينية البارزة، الذين كانوا قادرين على تحريك الرأي العام الفلسطيني والدولي وكشف الانتهاكات الإسرائيلية، ما جعلهم أولويات في سياسة التصفية.

ناجي العلي – 1987 

اغتيل رسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي في لندن، وهو أحد أعمدة الثقافة الفلسطينية. استخدم فنه لمواجهة الاحتلال وانتقاد الأنظمة العربية المتواطئة. وجاء اغتياله بسبب رسوماته التي لم تترك مجالا للطعن في الحق الفلسطيني.

هذه الاغتيالات لم تكن أعمالا فردية، بل جزء من خطة إسرائيلية ممنهجة لإسكات كل صوت قادر على نقل الحقيقة الفلسطينية للعالم.

خط دموي ضد الصحفيين: من الثمانينيات حتى اليوم

 امتدت سياسة الاستهداف لتشمل الصحفيين بشكل متكرر:

1985 – 2000

هذا التسلسل الزمني يعكس سياسة الاحتلال في اغتيال الصحفيين الفلسطينيين عبر أساليب متعددة:

  • 22 كانون الأول 1985: استشهد الصحفي حسن عبد الحليم الفقيه من جريدة القدس بعد اختطافه على يد المخابرات الإسرائيلية، إثر كشفه أسماء سماسرة بيع الأراضي في القدس ورام الله.

  • 2 تشرين الثاني 1994: فجر الاحتلال سيارة الصحفي هاني محمود عابد في خانيونس جنوب غزة.

  • 28 تشرين أول 2000: أصابت رصاصات الاحتلال رأس الصحفي عزيز يوسف التنح في رام الله.

2001 – 2004

  • 31 تموز 2001: قصف الجيش الإسرائيلي مقر المركز الفلسطيني للدراسات والإعلام في نابلس، ما أدى لاستشهاد محمد البيشاوي وعثمان القطناني.

  • 14 آذار 2002: استشهد جميل نواورة أثناء تغطية العدوان على رام الله، كما استشهد أحمد نعمان مدير تلفزيون بيت لحم.

  • 22 أيلول 2002: اغتيل الصحفي عصام حمزة تلاوي في رام الله.

  • 19 نيسان 2003: اغتالت "إسرائيل" المصور نزيه عادل دروزة أثناء تغطية اقتحام نابلس.

  • 22 آذار 2004: استشهد المصور محمد أبو حليمة في مخيم بلاطة بنابلس.

2007 – 2012

  • 15 آذار 2007: قتل الصحفي حسن زياد شقورة شمال غزة.

  • 16 نيسان 2008: استشهد مصور وكالة رويترز فضل صبحي شناعة في بلدة جحر الديك.

  • 6 كانون الثاني2009: استشهد المصور الجزائري باسل إبراهيم فرج في حي تل الهوى بغزة.

  • 20 تشرين ثاني 2012: استشهد المصوران حسام سلامة ومحمود الكومي، كما استشهد محمد موسى أبو عيشة مدير إذاعة القدس التعليمية.

حرب 2014 وما بعدها
خلال صيف 2014، استشهد 17 صحفيا أثناء الحرب الإسرائيلية على غزة، إثر استهداف الصحفيين ومنازلهم ومقار عملهم الإعلامية بشكل متعمد.

  • 6 نيسان 2018: اغتيل المصور ياسر مرتجى شرق خانيونس.

  • 25 نيسان 2018: استشهد الصحفي أحمد أبو حسين شرق غزة.

  • 19 أيار 2021: استشهد المذيع في إذاعة صوت الأقصى يوسف أبو حسنين في حي الشيخ رضوان بعد استهداف منزله.

  • 11 أيار 2022: اغتالت "إسرائيل" مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة والصحفية غفران الوراسنة أثناء تغطية اجتياح مخيم جنين.

طوفان الأقصى 2023 – 2025

حملة اغتيال الصحفيين الفلسطينيين في هذه الفترة هي الأكبر في التاريخ الحديث:

  • منذ 7 تشرين أول 2023، شن الاحتلال حملة استهداف ممنهجة للصحفيين في غزة، أسفرت عن استشهاد أكثر من 237 صحفيا وإصابة واعتقال مئات آخرين، إضافة إلى تدمير واسع للمؤسسات الإعلامية.

  • 18 تشرين ثاني 2023: قصف منزل الصحفي مصطفى الصواف ما أدى لاستشهاده مع 30 من أفراد عائلته، كما استشهد 13 من عائلة مدير مكتب الجزيرة وائل الدحدوح.

  • 10 آب 2025: اغتالت "إسرائيل" مجموعة من الصحفيين في خيمتهم أمام مستشفى الشفاء، بينهم مراسلا الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع والمصورون إبراهيم ظاهر، مؤمن عليوة، ومحمد نوفل.

سجل دموي لم يسكت الرواية الفلسطينية

"إسرائيل" تدرك أن الصحفيين والمثقفين هم رسل الحقيقة، وأن رسائلهم قادرة على تحريك الرأي الدولي، لذلك تستهدفهم لإحباط نشر المعلومات الدقيقة، وبعد أكثر من خمسة عقود من الاغتيالات، يتضح أن الاستراتيجية الإسرائيلية تقوم على إسكات الشهود لطمس الرواية الفلسطينية، ومع ذلك، فشلت هذه السياسة في تحقيق هدفها:

  • كل عملية اغتيال وثقتها المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام الدولية.

  • أسماء مثل غسان كنفاني، وناجي العلي، وشيرين أبو عاقلة، وأنس الشريف تحولت إلى رموز عابرة للأجيال.

  • الإعلام الرقمي والتواصل الاجتماعي جعلا من المستحيل السيطرة الكاملة على تدفق المعلومات.

رغم سياسة اغتيال الصحفيين الفلسطينيين وتصفيتهم والتهديد المستمر لهم، يواصل الصحفيون الفلسطينيون عملهم، مؤكدين أن الكلمة الحرة والرصد المستقل أقوى من الرصاصة، وأن الحقيقة الفلسطينية ستظل حاضرة، مهما بلغت محاولات التعتيم.

اقرأ المزيد.. العمليات الاستشهادية التي تنفذها المقاومة في غزة تربك جيش الاحتلال

دلالات
الأكثر قراءة
00:00:00