ما بين المطرقة والسندان مر عام 2023 فمطلعه زلزال وختامه طوفان، وقد حمل هذا العام بين طيات أيامه حزنا واسعا وآلاما كثيرة، إلا أن ألطاف الله
المنطقة العربية 2022 أزمات سياسية واقتصادية وقطر نافذة فرح
شهدت المنطقة العربية العديد من الأحداث خلال العام 2022، وبعضها أعاد تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي في الدول العربية، الدول العربية وعلى تنوع أزماتها وخلافاتها خلال هذا العام إلا أن حدثا كرويا كان كفيلا أن يمنح الشعوب العربية نافذة تطل على الفرح وتعيد إلى مشاعر اللحمة العربية مكانتها حيث ألهبت ملاعب كرة القدم في مونديال كأس العالم قطر 2022 حماسة الشعور بالأخوة العربية.
تونس تراجع الديمقراطية وتكريس الاستبداد
البداية من المغرب العربي وتحديدا من تونس، حيث شهدت البلاد تظاهرات واحتجاجات متكررة فخرج التونسيون إلى الشوارع رفضا لتفرد الرئيس قيس سعيد بالسلطة في البلاد من خلال قرارات اتخذها نهاية عام 2021.
الوقفات الاحتجاجية والتظاهرات لم تتوقف طيلة العام 2022، عدا عن المعركة التي خاضها الرئيس سعيد ضد القضاء والتي انتهت بحل المجلس الأعلى للقضاء وتشكيل مجلس آخر الأمر الذي اعتبره البعض انتهاكا للدستور، ونشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان تقريرا قال فيه "إنّ حل المجلس يمس باستقلالية القضاء ويتعارض مع المبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية للأمم المتحدة".
وأشارت المنظمة إلى أن المرسوم يلغي على نحو غير مشروع بعض الحقوق الدستورية والنقابية للقضاة، إذ يحظر على القضاة الدخول في مختلف أصناف الإضرابات أو الأعمال الجماعية المعارضة التي من شأنها تعطيل العمل بالهيئات القضائية.
لم تتوقف معركة سعيد مع القضاء عند هذا الحد بل تعداه إلى إقالة 57 قاضيا بعد اتهامهم بقضايا فساد، كما شهدت البلاد حالة غضب واسعة بعد أن قرر الرئيس قيس سعيد نهاية آذار الماضي حل مجلس النواب بعد ثمانية أشهر من تجميد عمله.
كما أعلن سعيد دستورا جديدا للبلاد ودعا التونسيين للتصويت عليه بنعم، وأعلن عن تنظيم انتخابات تشريعية مبكرة يوم 17 من كانون الأول 2022 بقواعد وقوانين جديدة حيث عدل سعيد القانون الانتخابي الصادر عام 2014، وقلص عدد المقاعد في مجلس نواب الشعب من 217 إلى 161.
كما أعاد ترسيم الدوائر الانتخابية وجعل الاقتراع على الأفراد لا على القوائم، كما كان في السابق فأعلنت أغلب الأحزاب في البلاد باختلاف توجهاتها مقاطعة الانتخابات والتي أجريت ولم تتجاوز نسبة المشاركة فيها الـ 11% وهي أدنى نسبة في تاريخ الانتخابات التشريعية في تونس.
وبرّرت هيئة الانتخابات هذه النسبة "بغياب المال السياسي الفاسد والأجنبي".
تلت هذه الأرقام الضعيفة، دعوات من المعارضة مثل جبهة الخلاص والحزب الدستوري الحر والعديد من الأحزاب الأخرى لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتنحي الرئيس قيس سعيد، كما دعت حركة النهضة لإلغاء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية المقرر عقدها يوم 29 من كانون الثاني 2023.
الجزائر تقر موازنة مالية هي الأضخم في تاريخها
تتجه أنظار الجزائر إلى العام 2023 محملة بتحديات رافقتها خلال الأعوام الماضية؛ فعلى الصعيد السياسي لم تتمكن البلاد خلال العام 2022 من تجاوز الخلاف مع المغرب، حيث قطعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 2021 بسبب ما قالت عنه الجزائر إنها "أعمال عدائية" من الرباط ضدها، وهو ما نفته الأخيرة.
وخلال هذا العام شهدت العلاقات الفرنسية الجزائرية توترا وحالة من الشد الدبلوماسي حيث اتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجزائر باستغلال حقبة الاستعمار، ومما زاد حالة التوتر بين الجانبين قرار باريس بخفض عدد تأشيرات السفر التي تمنحها للجزائريين ردا على اتهامات للسلطات الجزائرية بعرقلة إعادة رعاياها الموجودين في فرنسا بشكل غير قانوني، وفي سبيل تجاوز حالة الاحتقان أجرى الرئيس الفرنسي زيارة رسمية للجزائر ما أعاد التوازن في العلاقة بين البلدين.
كما احتضنت الجزائر خلال العام 2022 القمة العربية في دورتها الـ 31 تحت شعار "لم الشمل" بعد ثلاث سنوات من توقفها إثر جائحة كورونا، والتي عقدت وسط انقسام عربي واضح تجاه ملفات إقليمية خصوصا سوريا وليبيا علاوة على ملف التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
كما حاولت الجزائر رعاية اتفاق مصالحة فلسطينية فلسطينية عبر استضافتها عددا من الفصائل الفلسطينية على رأسها حركتا فتح وحماس.
وخلال العام 2022 أقر الرئيس عبد المجيد تبون موازنة العام المقبل والتي اعتبرت أضخم موازنة في تاريخ الجزائر وتقدر بنحو 100 مليار دولار، كما أقر تبون زيادات في أجور موظفي القطاع العام بنسبة تصل إلى 47% تدريجيا حتى العام 2024، كما أقر زيادة منحة البطالة ورواتب المتقاعدين.
المغرب يُبكي العرب مرتين خلال 2022
كان للمغرب نصيب من الفرح خلال العام 2022 بعد أن حقق نتائج تاريخية جعلته يقارع أكبر منتخبات العالم في مونديال قطر 2022، حيث حقق انتصارات مستحقة على بلجيكا وإسبانيا والبرتغال وقد أثار أداء المنتخب المغربي موجة فرح عارمة لدى كافة العرب، وهو ما تجسد على منصات التواصل الاجتماعي في العالم العربي.
وكما كان للمغرب نصيب من الفرح فبكى وأبكى معه العرب، كان له نصيب من الحزن فبكى وأبكى معه العرب أيضا حزنا على وفاة الطفل ريان بعد سقوطه في بئر جاف، واستغرقت عملية انتشاله أكثر من 100 ساعة عمل متواصلة تابعها الملايين عبر العالم لحظة بلحظة.
وشهد العام 2022 عودة العلاقات المغربية الإسبانية بعد إعلان الأخيرة دعم مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط لإنهاء نزاع الصحراء الغربية ما أنهى أزمة دبلوماسية استمرت نحو عام على خلفية استضافة مدريد زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية لتلقي العلاج على أراضيها.
الليبيون يودعون 2022 والأزمات تراوح مكانها
استقبل الليبيون العام 2022 بمشاورات مكثفة بقيادة المبعوثة الأممية لليبيا ستيفاني وليامز تمخض عنها إعلان شهر حزيران موعدا لتسليم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة السلطة، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية؛ مقترح لم يرى النور حتى اليوم.
حيث كلف مجلسا الدولة والنواب بعد مشاورات ثنائية وزير الداخلية السابق في حكومة الوفاق الوطني فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة تحمل اسم حكومة الاستقرار الوطني تحل محل حكومة الدبيبة، إضافة إلى تعديل مشروع الدستور من لجنة مشتركة وطرحه للاستفتاء.
وبعد تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة عادت الأزمة الليبية إلى المربع الأول من خلال حكومتين متصارعتين غرب البلاد وشرقها تخللها اشتباكات دامية بين أطراف النزاع وإغلاق موانئ النفط.
كما شهدت ليبيا للمرة الأولى منذ سنوات شغور منصب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة حتى أعلن تعيين السنغالي عبد الله باتيلي مبعوثا جديدا إلى ليبيا وتزامن ذلك مع توتر العلاقات بين طرابلس والقاهرة بسبب إعادة ترسيم الحدود البحرية مع تركيا، وملف ثروات شرق البحر المتوسط التي سعت أنقرة إلى حسمها بتوقيع مذكرات أمنية، وأخرى لتنقيب وتطوير إنتاج النفط مع حكومة الدبيبة في ظل رفض مصري يوناني.
مصر 2022 مديونية قياسية وانهيار الجنيه
خلال العام 2022 واجهت تحديات اقتصادية تزايدت حدتها بعد الحرب الروسية على أوكرانيا، وطيلة هذا العام عانى المصريون من تداعيات تعويم الجنيه وتراجع قيمته أمام الدولار، ما انعكس سلبا على القدرة الشرائية للمصريين.
كما عومت الحكومة المصرية الجنيه المصري كي تتمكن من الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار خلال السنوات الأربع المقبلة، ما أفضى إلى تراجع جديد في سعر الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، وقد اقترب سعر الدولار من 25 جنيها فيما وصل سعره في السوق السوداء بين 30 - 33 جنيها للدولار.
علاوة على ذلك بات حجم الديون الخارجية لمصر قريبا من 177 مليار دولار بما يشكل حاليا 89% من الناتج المحلي الإجمالي، وتهدد القروض المتزايدة بإغراق مصر بالديون، كما خسرت شريحة واسعة من المصريين أكثر من ثلث قوتها الشرائية خلال 2022.
لبنان الدولة بلا رئيس
عاش اللبنانيون خلال العام 2022، عاما استثنائيا جديدا على كافة الأصعدة وسط استمرار الأزمة الاقتصادية وما نتج عنها من انخفاض حاد في سعر صرف الليرة وانهيار القدرة الشرائية للمواطنين وخلال 2022.
تكرر مشهد اقتحام المصارف اللبنانية من قبل مودعين نجحوا في تحصيل أموالهم أو جزء منها تحت تهديد السلاح كما شهدت البلاد أزمة خبز حادة بسبب قلة الطحين؛ فشهدت المخابز اللبنانية طوابير من البشر للحصول على الخبز وسط غضب شعبي عارم.
وعلى الرغم من حالة الترهل السياسي إلا أن الانتخابات النيابية أجريت في موعدها لكن أثر ذلك لم ينعكس إيجابا على قمة الهرم السياسي في البلاد بعد أن فشل البرلمان تسع مرات بانتخاب رئيس جديد، بعد خروج ميشال في الـ 31 من تشرين الأول الماضي.
وخلال هذا العام شهد مرفأ بيروت بعد أيام من الذكرى الثانية للانفجار عام 2020 سلسلة حرائق نتج عنها انهيار ما تبقى من صوامع القمح، الأمر الذي فسره اللبنانيون على أنها محاولة لطمس آخر معالم التفجير بهدف طمس أي أثر قد يوصل إلى الجناة.
سوريا هدوء داخلي وغارات إسرائيلية متكررة
لم تسجل خارطة السيطرة على الأرض في سوريا خلال العام 2022 تغيرات نوعية أو كبيرة، في حين واصل نظام بشار الأسد من وقت لآخر قصف مناطق المعارضة بمشاركة طائرات حربية روسية، الأمر الذي فسره البعض على أنه من نتاجات مسار مباحثات "أستانا" التي تشرف عليها تركيا وروسيا وإيران.
وعلى صعيد آخر كثف الطيران الحربي الإسرائيلي من غاراته على مواقع عسكرية وحيوية في محيط العاصمة دمشق ومحافظات أخرى كحلب وحماة وغيرها.
العراق حراك للانفتاح على دول المنطقة
شهدت الساحة العراقية خلال العام 2022 أحداثا عديدة منها ما هو سياسي كتشكيل الحكومة برئاسة محمد شياع السوداني وانتخاب عبد اللطيف رشيد رئيسا جديدا للبلاد، بعد أزمة سياسة شهدها الشارع العراقي أسفر عنها احتجاجات شعبية تخللها سقوط قتلى وجرحى بعد أن قرر زعيم التيار الصدري محمد الصدر الانسحاب من الحياة السياسية؛ فاقتحم مناصروه البرلمان ومقر الحكومة والقصر الرئاسي.
كما سعى العراق خلال هذا العام إلى التقارب أكثر مع دول الجوار ومحاولة تحسين دوره في المنطقة من خلال الانخراط بلقاءات مشتركة مع الأردن ومصر وتأسيس شراكة ثلاثية بين البلدان الثلاثة تنعكس على العلاقات الاقتصادية من خلال توقيع عقود لتنمية المشاريع الاقتصادية، حيث وقعت بغداد مع الأردن اتفاقية لتأسيس منطقة صناعية بينهما و اتفاقية مشروع مد أنبوب نقل نفط العراق الخام من البصرة إلى ميناء العقبة.
كما شارك العراق في قمة بغداد الثانية التي عقدت في منطقة البحر الميت، وتربع الملف الأمني العراقي على هرم أعمال القمة التي انعقدت بمشاركة 12 دولة عربية وإقليمية.
كما شهد إقليم كردستان شمالي البلاد عمليتان عسكريتان تركية وإيرانية ضد مسلحين أكراد.
السعودية موسم الحج 2022 بلا قيود كورونا
وخلال العام 2022 تنفس بيت الله الحرام الصعداء بعد أن أعلنت السلطات السعودية إجراءات جديدة للراغبين في أداء مناسك الحج وعزمها استقبال مليون حاج من داخل المملكة وخارجها، كما استحدثت بوابة إلكترونية حكومية تتيح للحجاج التسجيل مباشرة للحصول على التأشيرات.
كما ألغت إلزامية وضع الكمامة في الأماكن المغلقة باستثناء الأماكن المقدسة في مكة والمدينة، ورفع الإجراءات الاحترازية والوقائية المتعلقة بكورونا.
كما أعلنت رفع معظم القيود، بما في ذلك التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة والحجر الصحي للوافدين الذين تم تلقيحهم.
قطر 2022 حدث كروي تاريخي
وخلال هذا العام نجحت دولة قطر الصغيرة نجاحا باهرا في تنظيم أكبر حدث عالمي حيث استضافت مونديال كأس العالم 2022 الذي انطلق في استاد البيت في 20 تشرين الثاني واستمر حتى الـ 18 من كانون الأول.
وكشفت أرقام المونديال عن بيع أكثر من 3.4 مليون تذكرة لحضور المباريات التي استضافتها 8 استادات عالمية المستوى، تمكنت الدوحة من تنظيم البطولة الأكثر تقاربا في المسافات في تاريخ كأس العالم، منذ انطلاق النسخة الأولى عام 1930؛ حيث أتاحت للمشجعين حضور أكثر من مباراة في يوم واحد خلال المراحل الأولى من منافسات البطولة، واستقبلت خلالها أكثر من 1.4 مليون زائر.
واستطاعت الكرة خلال هذا المونديال لم شمل العرب الكبير في مساحة صغيرة فهتفوا لبعضهم وشجع العرب العرب وفعلوا ما لم تستطع إليه السياسة سبيلا.