عام 2021 على الأردن .. أعوام في عام

الصورة

"كان أعواما في عام".. هكذا وصف الأردنيون الأردن 2021 الذي لم يمر عليهم بأحسن مما مر عليهم عام 2020، لما ضمّه من أحداث مهمة ومفصلية.

فما استيقظ الأردنيون من حادثة انقطاع الأكسجين عن مستشفى السلط، حتى تفاجؤوا بفتنة وئدت بين ليلة وضحاها، وما لبثوا أن خرجوا من هذه الفتنة حتى غرقوا بانقطاع كهرباء دام عدة ساعات عم أنحاء المملكة. 

العيون تفتحت بعدها على إنشاء اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ومنها إلى حادثة النائب أسامة العجارمة ووثائق باندورا والاتفاقية الثلاثية التي ترهن وفق محللين مقدرات الأردن بيد العدو الإسرائيلي. 

أحداث مفصلية لا تنسى، رسمت شكلا جديدا للأردن، الذي كشفت أرضه مطلع العام عن آثار رومانية وجدران وأقبية تم تغطيتها وحفظت حتى توفر الإمكانيات المالية.

كورونا في المقدمة

 

بداية العام 2021 لم تكن مختلفة عن نهاية 2020، بل كان حظر يوم الجمعة مستمرا مع أوقات حظر جزئية وإغلاق للمنشآت التجارية. 

ومع مطلع العام بدأت قصة مطاعيم كورونا بالتشكل بدءا من جرعة واحدة للكوادر الصحية وكبار السن حتى وصلنا إلى جرعة ثالثة مقررة  لفئات المجتمع مع نهاية العام.

أما طلبة المدارس فأكملوا العام والنصف خلف الشاشات في تعليم إلكتروني على الرغم من بدء وزارة التربية في السابع من شباط خطة تدريجية لعودة التعليم وجاهيا إلا أنها لم تلبث أن عادت أدراجها بسبب تفشي فيروس كورونا. 

الفرحة لم تكتمل إلا في شهر آب حين تزينت المدارس بطلبتها وبدأنا نبصر نور التحرر من تبعات جائحة كورونا من عودة القطاعات التجارية وإلغاء للحظر بشكل كامل وفتح أبواب المساجد في كافة الصلوات. 

مستشفى السلط الحكومي

مستشفى السلط الجديد

 

في 13 من آذار 2021 استيقظ الأردنيون على كارثة إنسانية أودت بحياة 10 أشخاص من مرضى كورونا نتيجة انقطاع الأكسجين عنهم، والتي غادر على إثرها وزير الصحة نذير عبيدات.

وبعد توجيه الملك بالإسراع في محاكمة المقصرين، صدرت قرارات الإدانة بعد 9 أشهر من الحادثة لخمسة مسؤولين حكوميين من بينهم مدير مستشفى السلط السابق عبد الرزاق الخشمان بالحبس ثلاث سنوات.

ولم تكن حادثة انقطاع الأكسجين الوحيدة هذا العام، بل إن 25/ تموز شهد حادثة مشابهة في مستشفى الجاردنز، إذا أدى انقطاع الكهرباء عن المستشفى إلى انقطاع الأكسجين عن مرضى كورونا وأدى إلى وفاة أيضا، إلا أنه لم تتم إدانة أي طرف في الحادثة.

أسامة العجارمة

النائب أسامة العجارمة

 

ومن انقطاع الأكسجين عن مرضى كورونا، إلى اقتحام النائب أسامة العجارمة أحد المصانع الخاصة في منطقة ناعور، وبعد أشهر عاد العجارمة إلى الواجهة عقب تلفظه بعبارات مسيئة لمجلس النواب وهيبته أدت إلى تجميد عضويته عاما واحدا، وقبل مضي 10 أيام على قرار التجميد، ظهر العجارمة في أحد الفيديوهات يتفوه بعبارات وصفت بالمنحرفة تجاه الملك، ما دفع المجلس إلى اتخاذ قرار بفصله.

وبدأت محكمة أمن الدولة بمحاكمة النائب أسامة العجارمة في أيلول المنصرم الذي تسبب بأعمال شغب في منطقة ناعور واعتداء على أفراد الأمن العام.

قضية الفتنة

قضية الفتنة

 

ليلة الثالث من نيسان.. لم تمر هذه الليلة على الشعب الأردني بشكل عادي، بل كانت ساخنة باعتقالات طالت الشريف حسن بن زيد وباسم عوض الله الذين رصدت لهم تحركات مع الأمير حمزة تستهدف أمن الوطن واستقراره بمشاركة جهات خارجية وفق ما قالت الحكومة حينها.

وقبل انقضاء 4 أشهر على الحادثة، أصدرت محكمة أمن الدولة أحكامها بالحبس 15 عاما بالأشغال المؤقتة على المتهمين باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد، وبقي الأمير حمزة تحت رعاية الملك وفق رسالة وجهها الملك للشعب الأردني قال فيها "أطمئنكم أن الفتنة وئدت، وأن الأردنَ الأبي آمن مستقر".

اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية

اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية

 

وبشكل وصفه محللون بالخطوة الجادة للإصلاح السياسي، صدرت في 10/ حزيران الإرادة الملكية بتشكيل اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي اعتبرت شعلة أمل لتحقيق إصلاح سياسي حقيقي يضع قوانين جديدة للانتخاب والأحزاب ويضمن تشكيل حكومات برلمانية.

اللجنة سلمت مخرجاتها إلى مجلس النواب الذي استهل مناقشته بالتعديلات الدستورية.

وبين مؤيد ومعارض لهذه التعديلات نتطلع العام المقبل 2022 بأن ترى قوانين الإصلاح السياسي النور، والتي من المفترض أن تسهم في تشكيل حكومات برلمانية تؤسس لنقلة نوعية في العمل السياسي الأردني.

حادثة إطفاء عامة للكهرباء

 

في أيار 2021، كادت المملكة تغرق في ظلام دامس إثر انقطاع الكهرباء عنها بالكامل قرابة 5 ساعات، لولا أن الحادثة وقعت في وضح النهار، بسبب تأرجح الأحمال بين الخط الأردني والمصري.

وقد استعانت الحكومة في عهد وزيرة الطاقة هالة زواتي بشركة تشيزي الإيطالية لبحث أسباب هذا الانقطاع، إلا أن المحللين ما زالوا يرون في عدم نشر تقرير الشركة غمغمة وعدم وضوح خاصة وأن ملف التقرير أغلق بتلاوة مختصرة للأسباب أمام لجنة الطاقة النيابية.

حرائق مفتعلة من الاحتلال 

 

وفي شهر أيار أيضا، عانت أراضي الأغوار الشمالية جزءا مما تعانيه شقيقتها فلسطين، حيث تعرضت منطقة المشارع لحرائق مفتعلة أتت على آلاف الدونمات من مزارع الحمضيات والقمح والتي يقول مزارعون إنها ليست المرة الأولى وإنما حادثة متكررة بقصد تهجيرهم من هذه المناطق.

ومع نهاية العام أكدت وزارة الزراعة سعيها لتحصيل كلف الأضرار من الجانب المحتل التي وصلت إلى مليون دينار، وصرفها  للمتضررين من خزينة الدولة. 

تطبيع نساء الأغوار

ولن يمر هذا التقرير دون الحديث عن الصفعة التي تلقاها الشعب الأردني حين نشرت صفحة "إسرائيل تتحدث العربية" فيديو لنساء من لواء الأغوار الجنوبية يتبادلن العناق مع نساء من دولة الاحتلال بأجواء حميمية.

والتي تبين أنها استغلال للحاجة الاقتصادية بالمنطقة وكشفت عن عوار كبير في الوعي بمصطلح التطبيع خاصة وأن النساء كن يعتقدن أن انضواء هذه المشاريع تحت معاهدة السلام يشرعنها في المجتمع الأردني.

الباص السريع 

 

أما في جانب التطور على مستوى البنى التحتية، فبعد 11 عاما من الانتظار والأزمة المرورية والأعمال الإنشائية، أبصر "الباص سريع التردد" النور وبدأ بالتجول في مسربه الذي لطالما استثمره الأردنيون لممارسة رياضة المشي والتنزه، وهو ما استمر بعد افتتاحه، ما دفع الحكومة لتعيين شرطي مرور يقف على نقاط التقاء الباص السريع مع الشوارع العامة لمنع تكرار مشاهد رحلته الأولى من حوادث دهس واصطدام مع المركبات.

وما زال الأردنيون يعتبرون هذا المشروع خيبة أمل لحل الأزمة المرورية الخانقة في العاصمة عمان أو دافعا للتوجه نحوه والاستغناء عن السيارات.

وثائق باندورا

 

أما في تشرين أول، لم يكن الأردن بعيدا عن وثائق باندورا التي كشفت عن تهرب ضريبي وأملاك وعقارات لملوك ورؤساء دول ورؤساء حكومات، حيث كشفت الوثائق ادعاءات بامتلاك الملك عبد الله الثاني لشركات وعقارات بقيمة تفوق 106 مليون دولار وهو ما دعى الديوان الملكي لاصدار بيان توضيحي حول تلك العقارات واستخداماتها واعتبر  ما ورد في الوثائق ادعاءات باطلة للتشهير بالملك وسمعة المملكة بشكل ممنهج وموجه.

نقابة المعلمين

 

أما نقابة المعلمين والتي نالت ما نالت في عام 2020، فقد بدأت قضيتها بالانفراج عام 2021 حيث أصدرت محكمة الاستئناف أواخر تشرين أول قرارا يقضي بإلغاء قرار حل مجلس نقابة المعلمين ورد الدعوى المقامة لعدم استنادها إلى سند قانوني ولعدم الإثبات.

وكذلك صدر قرار ببراءة ناصر نواصرة نائب نقيب المعلمين عن تهم إشاعة أنباء كاذبة وتهديد أمن الدولة على خلفية ما عرفت بقضية الفيديوهات المجتزأة التي تحتوي ألفاظا وصفت بأنها تحريضية.

وكذلك قررت الحكومة إعادة معلمين أحيلوا إلى الاستيداع على إثر قضية النقابة التي بدأت عام 2019. 

ولا تزال بعض قضايا النقابة عالقة، إلا أن الأمل كبير بحلها وعودة نقابة المعلمين إلى مكانتها للتعبير عن أكثر من 135 ألف معلم ومعلمة في أنحاء المملكة كافة. 

اتفاقية الطاقة مقابل المياه

 

وفي أواخر عام 2021، وبعد إنكار شديد من الحكومة للاتفاقية، نشر الإعلام العبري صورة أخذت طابع البياض ضمت وزير المياه محمد النجار ووزير دولة الاحتلال ووزير دولة الإمارات يوقعون اتفاق نوايا على تبادل الطاقة والمياه بين الأردن والاحتلال.

اتفاقية كانت كالصاعقة على الأردنيين لما اعتبروه تطبيعا مرفوضا مع دولة الاحتلال ورهنا لمقدرات الدولة الأردنية، فخرجوا إلى الشوارع معلنين الرفض التام لمثل هذه الاتفاقيات. 

ولا يزال اتفاق النوايا منظورا بين الجانبين حتى منتصف 2022 للبت في تنفيذه أم إعادته إلى أدراج الطاولة تلبية لصوت الشعب الأردني. 

مطرقة القضاء

 

مطرقة القضاء عام 2021 طرقت في قضايا مفصلية وحساسة، بدأت بالحكم على 6 من مرتكبي جريمة فتى الزرقاء بالإعدام شنقا حتى الموت، وكذلك الحكم في قضية مصنع الدخان المخالف حيث قررت المحكمة على المتهم الأول عوني مطيع بالأشغال المؤقتة لمدة عشرين عاما، وفي أكبر عملية تصنيع للمخدرات قررت محكمة أمن الدولة سجن المتهم الأول الرئيس في القضية لمدة 30 سنة وتغريمه مبلغ 30 ألف دينار.

الأردن 2021

وها نحن نطوي عام 2021 مسدلا الستار على صورة من مجلس النواب تحمل صراخا وألفاظا نابية وعراكا بالأيدي أثناء مناقشة التعديلات الدستورية لتحقيق إصلاحي سياسي، ما جعل المواطن الأردني يسأل "هل سيسهم قانون الانتخاب في إيصال مجلس نواب يمثل الشعب الأردني خير تمثيل؟"

00:00:00