معتقلات خاصة وإعدامات جماعية.. خطط الإرهاب الإسرائيلي تجاه الأسرى

الصورة
أسرى فلسطينيون في سجون الاحتلال
أسرى فلسطينيون في سجون الاحتلال
المصدر

مع دخول حرب الإبادة الإسرائيلية الإرهابية على قطاع غزة يومها الرابع والأربعين، وارتقاء أكثر من 12 ألف شهيد، وعشرات الآلاف من الجرحى، نادى متطرفون صهاينة بتنفيذ إعدام جماعي بحق الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. 

ومنذ بداية معركة طوفان الأقصى ينفذ جيش الاحتلال اقتحامات لمدن وبلدات الضفة الغربية مما أسفر عن اعتقال أكثر من 2500 شخص، مدعيا أن عددا منهم ينتمون إلى حركة حماس كانوا يخططون إلى تنفيذ عمليات انتقامية بحق الجنود والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.

بن غفير يقدم مشروع قانون لإعدام الأسرى

ولم يكتف وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن جفير بتسليح المستوطنين وحثهم على قتل الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بل تعداه إلى مساع حثيثة لإقرار قانون يسمح بإعدام أسرى فلسطينيين. يأتي هذا بعد تغيير جذري في تعليمات إطلاق النار، مما يسمح بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق الفلسطينيين. 

ما يسمى "مجلس الأمن القومي الإسرائيلي" سيبدأ مناقشة المقترح الذي يتيح للمحاكم إصدار حكم الإعدام بحق الأسرى الفلسطينيين، وهو ما أثار قلقا دوليا وتحذيرات من انتهاكات لحقوق الإنسان، خاصة أن المشروع حصل على موافقة مبدئية من الكنيست في آذار الماضي. 

ويلزم القانون محاكم الاحتلال العسكرية بإصدار أحكام إعدام بحق أي فلسطيني يدان في هجمات يقتل فيها إسرائيليون. 

بعد إقرار مشروع القانون في وقت سابق، كتب بنيامين نتنياهو، في إشارة إلى الموافقة على المقترح:

"ردنا على "الإرهاب" سيكون بقوة وتعزيز قبضتنا على أرضنا".

ويستمر العدو الإسرائيلي في تعذيب الفلسطينيين وتكدير حياتهم عبر ارتكاب مختلف الجرائم من خلال قوات جيشه التي تقتحم المدن والقرى والبلدات الفلسطينية وتنفذ حملات مداهمة واعتقالات تطال عموم الفلسطينيين عدا عن هدم منازلهم ومصادرة أراضيهم فضلا عن المستوطنين الذين يعيثون خرابا في الضفة الغربية المحتلة بغطاء من جيشهم. 

من جهته وصف وزير العدل الفلسطيني ذلك المقترح بأنه جريمة حرب دولية وانتهاكا للقانون الدولي الإنساني. 

وأكد الوزير أنه وفقا للقانون الدولي، لا يقدم الأسرى الفلسطينيون للمحاكمة، وبالتالي لا بد من الرد على هذا التشريع وفتح دبلوماسية قضائية لوسم "إسرائيل" بدولة فصل عنصري. 

لكن السلطة الفلسطينية لا تقوم بأي إجراءات عملية في سبيل حماية الفلسطينيين من جرائم الاحتلال، علما بأن لديها أكثر من 60 ألف عنصر في أجهزتها الأمنية، إلا أنهم يتبخرون في الوقت الذي تقتحم فيه قوات الاحتلال أو المستوطنون المناطق الفلسطينية التي تقع ضمن سيطرتها، عدا عن استمرارها بالتنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، ما يضع علامات استفهام كبيرة حول الدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية في هذه المرحلة. 

الضوء الأخضر الذي حصل عليه جيش الاحتلال من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية لارتكاب مجازر بحق أهل غزة، فتح شهية المستوطنين للمطالبة أيضا بإعدام جماعي لكل من اعتقل واتهم بالانتماء لحماس. 

واعتبر الصهاينة أن مطالبتهم بإعدام المعتقلين، يمثل انتقاما من المقاومة التي هدرت كرامة جيش العدو وكشفت مكامن ضعفه وهوان قواته بعد إطلاق معركة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول الماضي. 

وقالت صحيفة "كالكاليست" العبرية إن "إسرائيل" لم تقرر الطريقة التي ستحاكم بها الأسرى، مدعية أن الاحتلال سيقدم الأسرى إلى "العدالة"؛ ليحاسبهم بعقوبات ترتقي إلى ما يعتبرونه اعتداء عليهم. 

وينفذ كيان الاحتلال محاكمات صورية بحق الفلسطينيين، يدعي خلالها أن قضاته يتبعون معايير ديموقراطية تستند إلى أدلة مشروعة ومثبتة تبرر اعتقال الأسرى الفلسطينيين ومحاكمتهم. 

ويقبع في سجون المحتل نحو 7 آلاف أسير، منهم 559 محكومون بالحكم المؤبد، و2070 معتقلا إداريا، عدا عن وجود 62 أسيرة ومئات المرضى، وفقا لأرقام صادرة عن جمعية نادي الأسير الفلسطيني.

اقرأ المزيد.. الضفة الغربية والقدس.. معركة موازية عنوانها التضييق والاعتقالات

استنساخ معتقل على شاكلة غوانتانامو 

ذهب المتطرفون إلى أبعد من ذلك، حيث روج قانونيون إسرائيليون إلى فكرة إنشاء محاكم خاصة لجرائم الحرب بالتعاون مع الأمم المتحدة، أو معتقلات خاصة كتلك التي أنشئت بعد هجمات الـ 11 من أيلول عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية. 

وأنشأت الولايات المتحدة معتقل غوانتانامو سيئ السمعة، حيث خضع الأفراد للأسر داخله ضمن إجراءات تعسفية من دون محاكمات، كما تعرضوا للتعذيب والتنكيل، وهو ما يعد انتهاكا لحقوق الإنسان التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة.

معتقلون في غوانتنامو في كوبا

ولم تخجل الصحيفة العبرية من قول إنه يمكن إعدام الأسرى من خلال إسناد تهم بحقهم تتعلق بتورطهم في "قتل إسرائيليين"، حيث يعاقب القانون "الإسرائيلي" بالإعدام على مثل هذه الأفعال. 

وتقول الصحيفة إن "إسرائيل" لن تكون قادرة على تنفيذ الإعدام بحق الأسرى؛ نظرا إلى أن ذلك سيضع أسراها الموجودين لدى المقاومة الفلسطينية تحت خطر حقيقي، مرجحة خضوعهم إلى محاكمة جنائية تحت إشراف جهاز الأمن لدى الاحتلال "الشاباك" وفقا لقوانينه. 

وتعاملت المنظمات الدولية ودول العالم مع المطالبات الإرهابية للصهاينة بصمت مطبق لا يختلف عن تعاملها مع حرب الإبادة المستمرة في غزة، حيث لم تصدر عنها مواقف واضحة ترفض أو تدين مثل هذه الدعوات التي تتنافى مع القيم والقوانين الإنسانية.

اقرأ المزيد.. مستشفيات غزة.. قصة صمود خلال الحرب وقبلها

الأسرى الفلسطينيون في ضوء القانون الدولي الإنساني

ويخضع الأسرى الفلسطينيون لاتفاقيات جنيف الثالثة والرابعة للعام 1949 والبروتوكول الإضافي الأول الخاضع لها، وبالرغم من عدم انضمام دولة الاحتلال الإسرائيلي له فإنها ملزمة بتطبيقه في إطار مبادئ القانون الدولي العام. ومنذ بداية الاحتلال الإسرائيلي رفضت "إسرائيل" تطبيق اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949 على الأرض المحتلة بحجة أنها لم تحتل أرض فلسطين من دولة ذات سيادة لكنها تصرفت بناء على قواعد الاتفاقية الرابعة، والتي أجازت للاحتلال سن التشريعات وإنشاء محاكم عسكرية. 

وأنشأت سلطات الاحتلال الإسرائيلي محاكم عسكرية، واعتقلت مئات الآلاف من الفلسطينيين وحاكمتهم بناء على أوامر عسكرية كمجرمين، ولم تعترف أن معظمهم ينطبق عليهم تعريف أسير حرب، وبالتالي من غير الجائز محاكمته، وإنما يجب الإفراج عنه فورا بعد انتهاء ما تصفه الاتفاقية بالأعمال "العدائية " في المادة 118 من اتفاقية جنيف الثالثة لسنة 1949.

وفي المقابل، أكد المجتمع الدولي مرارا وتكرارا، رفضه سياسة "إسرائيل" من عدم تطبيق القانون الدولي، ولا سيما اتفاقيات جنيف الأربع والقانون الدولي لحقوق الإنسان في فلسطين المحتلة. 

الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت المقررين الخاصين لحقوق الإنسان وهما لجنة حقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان، كما أصدرت عشرات القرارات التي أعادت التأكيد بما لا يدع مجالا للشك أن الإطار القانوني الناظم لمسؤولية سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة هو القانون الدولي الإنساني بما فيه اتفاقيات جنيف الأربع والقانون الدولي لحقوق الإنسان والاتفاقيات ذات الشأن.

اقرأ المزيد.. إدانات المنظمات الإنسانية.. هل تتجاوز الورق لتردع الاحتلال؟

حرب على الأسرى في السجون

ولا يتعامل نظام الاحتلال الإسرائيلي بعدالة مع الأسرى الفلسطينيين، ويستمر بارتكاب انتهاكات فيما يتعلق بحقوقهم الإنسانية، كما زاد من التضييق عليهم بعد بدء معركة طوفان الأقصى. 

ومنذ بدء معركة طوفان الأقصى منع الاحتلال زيارات ذوي الأسرى ومحاميهم، كما منع المنظمات الإنسانية الدولية من متابعة أحوالهم، عدا عن قطعه كافة أشكال التواصل الممكنة معهم. 

وسلب الاحتلال من الأسرى مقتنياتهم، وسحب أجهزة التلفاز والراديو إضافة إلى معدات المطبخ البسيطة، كما أغلق المقصف "الكابينت" الذي يزود الأسرى بمواد غذائية تسد رمقهم. 

ولعل أبرز الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال بحق الأسرى هي المتمثلة بحرمانهم من الرعاية الطبية، وهو ما يتسبب أحيانا باستشهاد الأسرى الذين يعانون من أمراض عضال لا سيما مرضى السرطان، كما أن غياب اللوازم الطبية داخل المعتقلات يزيد من حدة تدهور الأوضاع الصحية للأسرى، دون تفريق بين الأسير المصاب بصداع وبين مريض القلب أو التهاب الرئة بإعطاء كل منهم حبة مسكن واحدة "أكامول". 

وبهذا السلوك تنتهك إدارة السجون المادة (91) من اتفاقية جنيف والتي تنص على ما يأتي:

"توفر في كل معتقل عيادة مناسبة، يشرف عليها طبيب مؤهل ويحصل فيها المعتقلون على كل ما يحتاجونه من رعاية طبية وكذلك على نظام غذائي مناسب".

هذا وقد سجلت الإحصائيات الفلسطينية عددا من شهداء الحركة الأسيرة نتيجة للإهمال الطبي المتعمد والذي يتم بشكل ممنهج داخل المعتقلات. 

كما تتبع سلطات الاحتلال بحق الأسرى سياسة العزل الانفرادي الذي يتم دونما مبرر قانوني، الأمر الذي يؤثر سلبا على الوضع النفسي والجسدي للأسرى.

اقرأ المزيد.. تأثيرات طوفان الأقصى: هدم لصورة "إسرائيل" وتحديات للأردن والمنطقة

دعوات لإعادة احتلال غزة وبناء مستوطنات

دماء الأبرياء التي سفكت بفعل العدوان الهمجي والبربري الإسرائيلي على قطاع غزة لم ترو ظمأ قيادات جيش العدو الذي يحاول لملمة شتاته بعد هزيمته المذلة على يد المقاومة الفلسطينية، مما دعا جنوده إلى ترديد وهم إعادة احتلال القطاع وبناء المستوطنات الإسرائيلية على أرضه وشواطئه. 

وانسحب جيش الاحتلال من قطاع غزة عام 2005 في عهد رئيس حكومة الاحتلال المقبور أريئيل شارون عندما أجبر على إخلاء مستوطناته في حدث تاريخي، حيث لم يسبق للاحتلال أن أخلى أرضا استولى عليها بالسلاح. 

وكشف تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية وهم الرواية الصهيونية التي ما زالت تدعي أن الحرب على غزة تهدف إلى تدمير حماس، وليس قتل المدنيين وإعادة احتلال القطاع، وهي الرواية التي تفندها أيضا المشاهد المصورة للمجازر المرتكبة بحق الغزيين.

ولأن عين الحقيقة كالشمس لا تغطى بغربال، ولأن الصهاينة يذوقون الأمرّين ويتكبدون الخسائر بشكل يومي فقد حاول مغنون وضباط وأفراد من جيش العدو رفع معنويات جيشهم من خلال ترديد وهم عبارات تتحدث عن عودة جيش الاحتلال إلى أراضي غزة وسعيه لإقامة مستوطنات على أراضيها، عدا عن ترديد وهم إقامة دولة "إسرائيل" المزعومة من الفرات إلى النيل.

كما شارك العشرات من جنود الاحتلال في سلسلة من الفعاليات التي تطالب قيادتهم السياسية بإعادة احتلال غزة وإعادة بناء المستوطنات داخل القطاع، كما نشر جنود صورا يحملون خلالها الأعلام الإسرائيلية داخل قطاع غزة، مصدرين رواية إعادة احتلالهم لأجزاء من القطاع من خلال نشر مقطع فيديو يظهر فيه 3 جنود يقفون على أرض ترابية يدعون أنها داخل غزة ويحاولون غرس علم "إسرائيل" فيها.

ولا يمكن للجيش الملطخة يداه بدماء الفلسطينيين والمفضوحة صورته أمام الجميع أن يجمّل صورته؛ فهو ينفذ إعداماته الميدانية بحق الفلسطينيين بشكل شبه يومي. 

وقد حاول هذا الجيش تجميل صورته من خلال نشر جنوده لصورة مع المسن الفلسطيني بشير حجي على مواقع التواصل وهم يساعدونه بقطع الطريق مدعين الإنسانية، ليتبين لاحقا أنهم أعدموه. 

وأعدم جيش العدو الحاج بشير البالغ من العمر 79 عاما أثناء محاولته العبور من شمال قطاع غزة إلى جنوبه عبر طريق صلاح الدين الذي كان قد أعلنه طريقا آمنا للمدنيين.

وإزاء هذا القتل الذي ينفذ بحق الفلسطينيين الأبرياء أمام مرأى من العالم الحر، يبدو لنا بشكل لا لبس فيه أن ميزان العدالة ينصب حسب ما تقتضيه المصالح التي تتجاهل الدم المسفوك للأطفال والنساء دون حسابات سوى إشباع رغبة القتل لدى العدو، وسط صمت إخوة الدم والمصير تجاه ما يجري منذ 44 يوما.

اقرأ المزيد.. الخدج في غزة يحتضرون.. والحاضنات تأتيهم على ظهور الدبابات

دلالات
00:00:00