استفاق قطاع غزة اليوم على وقع مجزرتين مروعتين ارتكبتهما قوات الاحتلال الإسرائيلي، أسفرتا عن استشهاد 88 فلسطينيا، بينهم أطفال ونساء، وإصابة
200 يوم من العدوان على غزة.. المستشفيات هدف لآلة الحرب الإسرائيلية
أسس العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ السابع من تشرين أول 2023 نهجا جديدا ترك تداعيات مرعبة بكل المعايير، حيث لم يكن لجهة أن تفعل ما فعلته دولة الاحتلال الإسرائيلي من جرائم إبادة جماعية في غزة وعلى مسمع ومرأى من المجتمع الدولي.
وقبيل العدوان كان في غزة 35 مستشفى يقدم خدمات الرعاية الطبية لأهالي القطاع البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة، وهي تتوزع على 5 مناطق، 18 منها داخل مدينة غزة، و6 في خانيونس، و5 تقع في الشمال، و3 في دير البلح ومثلها في رفح، بمعدل 1.59 مستشفى لكل 100 ألف نسمة، جميعها تحولت إلى أهداف مباشرة للاحتلال بعد السابع من تشرين الأول.
استهداف مستشفيات غزة جريمة حرب مكتملة الأركان
وتضمنت قائمة المشافي المستهدفة ما يلي:
-
مستشفى القدس.
-
مستشفى العودة.
وقد قطع جيش الاحتلال الكهرباء والمياه والوقود عن هذه المرافق الصحية وهو ما يشكل جريمة حرب بجميع المعايير.
ولطالما كان المساس بالمشافي أو الهجوم عليها وتدميرها خطا أحمر وجريمة شنيعة بحسب القانون الدولي الإنساني، حيث تنص القاعدة 35 من القانون على ما يلي:
"يحظر توجيه هجوم على منطقة أنشئت لإيواء الجرحى والمرضى والمدنيين وحمايتهم من آثار القتال".
كما أن القانون الدولي الإنساني يحمي جميع الموجودين داخل المستشفى من مدنيين وجرحى ومرضى، ويشمل ذلك العاملين في المجال الطبي والديني، وموظفي الإغاثة الإنسانية، فهم جميعا من الفئات المحمية وفقا لقواعد القانون الدولي العرفي 1 و47 و25 و27 و31 بالترتيب.
إلا أن جيش الاحتلال حاصر المستشفيات والمراكز الطبية المنتشرة في قطاع غزة، واستهدفها بالقصف والتخريب المتعمد وأخرج معظمها عن الخدمة، كما اعتدى على النازحين الذين أووا إليها، الأمر الذي تعداه إلى الاعتداء على الكوادر الطبية واعتقالهم وإخضاعهم للتحقيق والتعذيب.
حيث أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة في تقريره الإحصائي بمناسبة مرور 200 يوم على العدوان أمس الثلاثاء، أن 485 من الطواقم الطبية استشهدوا، فضلا عن استشهاد 67 من كوادر الدفاع المدني، كما وثق نحو 310 حالة اعتقال بين الكوادر الطبية.
اقرأ المزيد.. رفح المهددة بالاجتياح.. ماذا تعرف عنها؟
عدوان همجي بمبررات واهية
ويوصف هذا العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي بالأكثر وحشية وهمجية، فلم يسلم منه البشر ولا الحجر، وكانت المستشفيات ومراكز إيواء النازحين من سكان قطاع غزة بعد تدمير منازلهم وإجبارهم على ترك مناطقهم قسرا.
وحمل العدوان أهدافا استراتيجية في طياتها جرائم حرب عديدة، ومنها تلك التي ركزت على المستشفيات والمجمعات والمراكز الصحية ومنذ اليوم الأول بحجة وجود شبكة أنفاق تحت تلك المشافي تتخذها المقاومة الفلسطينية مركز عمليات تطلق من خلالها الهجمات ضد جيش الاحتلال، بحسب زعمهم.
فبدأ جيش الاحتلال باستهداف القطاع الطبي مستفتحا ذلك بالهجوم على مستشفى بيت حانون حيث قصف باحات المستشفى عدة مرات بحيث قطع الطرق المؤدية إليه بهدف إخراجه عن تقديم الخدمات.
بينما شكل تاريخ الـ17 من تشرين أول الماضي محطة فارقة أولى بعدوان المستشفيات، حيث فجع العالم بارتكاب مجزرة المستشفى المعمداني في مدينة غزة؛ والتي أسفرت عن استشهاد قرابة 500 فلسطيني معظمهم نساء وأطفال كانوا قد احتموا داخل ساحات المستشفى فاستهدفتهم الطائرات الحربية بقنبلتين وبشكل مباشر فحولتهم إلى أشلاء.
اقرأ المزيد.. بعد مجزرة المعمداني.. القطاع الطبي على حافة الانهيار والكوادر الطبية مستنزفة
حقد أسود تجاه مجمع الشفاء الطبي
صب الاحتلال تركيزه قبل مجزرة مستشفى المعمداني وبعدها على مجمع الشفاء الطبي؛ فبدا وكأن جيش الاحتلال يتحرك تجاه المستشفى بدافع الثأر! كيف لا والشفاء عمره أكبر من عمر دولة الاحتلال حيث تم تأسيسه عام 1946.
مثّل الهجوم على المجمع الطبي هدفا استراتيجيا أساسيا للاحتلال، ارتكب خلاله جرائم إبادة جماعية مروعة استمرت منذ منتصف آذار الماضي حتى مطلع نيسان الجاري، وما إن انسحبت قوات الاحتلال حتى تكشف حجم الدمار والخراب الذي لحق بمرافق المستشفى كافة ما أخرجه عن الخدمة مدى الحياة.
ويحتوي مجمع الشفاء على 3 مستشفيات:
-
التوليد بالدمج مع حضانة الأطفال الخدّج.
-
الأمراض الباطنية.
-
الجراحة
وقد فرض عليها جيش الاحتلال الحصار واستهدفها بسلسلة من الغارات والتفجير والاقتحامات على فترات، وأمعن خلالها بترويع النازحين وإطلاق النار على أسرة المصابين وحجز عدد كبير من الطواقم الطبية لأيام أخضعوا فيها للتحقيق والتعذيب والتنكيل، وكان منهم مدير المستشفى محمد أبو سليمة، الذي ما زال قيد الاعتقال منذ تاريخ 23 تشرين الثاني 2023.
مجمع ناصر الطبي يتحول من مستشفى إلى مقبرة جماعية
لم يكن الحال في مجمع ناصر الطبي بأفضل من مجمع الشفاء، فآلة العدو العمياء اتخذته ثكنة عسكرية لها بعد مداهمته في الـ27 من آذار المنصرم، فأجبر العدو الإسرائيلي إدارة المجمع على إبقاء مرضى العناية المركزة دون طواقم طبية وهو ما يعرض حياتهم للخطر الشديد، كما نفذ الاحتلال داخله إعدامات ميدانية طالت المرضى والنازحين والكادر الطبي.
ولليوم السابع على التوالي، ما زالت كوادر الدفاع المدني في غزة تبحث عن جثث الضحايا الفلسطينيين الذين قتلتهم قوات الاحتلال ودفنتهم في مقابر جماعية داخل المجمع الطبي ويقدر عددهم بالمئات، إلا أن الكوادر تمكنت خلال تلك الأيام من انتشال أكثر من 324 شهيدا.
جُرم الاحتلال على القطاع الطبي تواصل بتنفيذ إعدامات ميدانية ونبش جثث في باحات المستشفيات المنتشرة في أرجاء القطاع وإنشاء مقابر جماعية بداخلها، قد لا تتمكن أحدث التقنيات من التعرف على أصحابها، لأنها تحولت إلى رماد في مدة بسيطة، ما يفتح الباب أمام تساؤلات بشأن نوع الأسلحة التي تستخدمها "إسرائيل" في غزة.
مع دخول العدوان يومه الـ201، دمر الاحتلال 32 مستشفى و53 مركزا صحيا أخرجهم الاحتلال عن الخدمة، كما استهدف 160 مؤسسة صحية و 126 سيارة إسعاف، وذلك بحسب بيانات صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة.
وأمام هذه المعطيات وبعد كل هذا التدمير للقطاع الطبي والصحي الفلسطيني في غزة فإن الحقيقة التي لا تخطئها العين، تقول إن دولة الاحتلال تسعى إلى جعل قطاع غزة مكانا تستحيل فيه الحياة؛ بهدف تهجير الفلسطينيين في سبيل تحقيق حلم المشروع الصهيوني بالاستيلاء على كامل التراب الفلسطيني.
اقرأ المزيد.. 200 يوم من العدوان.. جرائم إبادة وحصيلة مرعبة