بين الناطق الإعلامي باسم الهيئة المستقلة للانتخاب محمد الرواشدة خلال حديثه لـ حسنى اليوم الثلاثاء بعض النقاط التي تهم المواطنين خلال عملية
سمير الرفاعي: ضعف الإدارة والمحسوبيات يعيقان التنمية.. والاعتماد على الذات هو الحل

في لقاء عفوي ضمن برنامج "صوتك حر" على إذاعة حسنى استعرض رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي محطات أساسية من مسيرته وتجربته في الحكم والعمل العام، مقدما رؤية نقدية وواقعية لمسار الإدارة الأردنية، وموقفه من أبرز القضايا الإقليمية والداخلية، بدءا من الإصلاح السياسي والاقتصادي وصولا إلى التحديات الإقليمية.
سمير الرفاعي.. النشأة والمسيرة في العمل العام
أشار الرفاعي إلى أن نشأته في بيت كان فيه والده وجده رؤساء وزراء أثر بلا شك على تكوينه النفسي والعقلي والإداري. وقد توفر له ما لم يتوفر لأي شخص آخر في الأردن، فمنذ طفولته، كان المحور الأساسي للحديث العائلي يدور حول العمل العام والخدمة العامة والسياسة، هذه البيئة أوجدت لديه رغبة وشغفا في الخدمة العامة، وأوضح أنه عند دخوله الديوان الملكي عام 1988 لم يكن هدفه أن يصبح وزيرا أو رئيسا للحكومة، بل كانت رغبته هي خدمة وطنه.
تحديات "ابن رئيس الوزراء" ودروس القيادة
كشف الرفاعي أن كونه ابن شخصية سياسية بارزة فرض عليه مضاعفة الجهد لإثبات ذاته، خاصة بعد أحداث 1989 التي تعرض فيها والده لانتقادات واسعة، وأكد أنه تعلم ألا يحمل الضغائن وألا يتخذ قرارات شخصية، بل أن يبني قراراته على مصلحة الدولة.
مؤكدا أن القرارات يجب أن تبنى على مصلحة الدولة لا المصلحة الشخصية. كما شدد على أهمية احترام الذات ومعاملة الناس كما يحب المرء أن يعامل.
فترة رئاسته للحكومة 2009–2011
استعرض الرفاعي أبرز برامج حكومته التي تشكلت في كانون أول 2009 واستقالت في كانون الثاني 2011، أي استمرت 13 شهرا. كانت أولويتها الأولى وضع برنامج قابل للقياس والتطبيق ذي أبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية، وقد تم إنشاء مديرية في رئاسة الوزراء لمتابعة هذا البرنامج، وكان لكل وزارة موظف مسؤول عن متابعة تنفيذ البرنامج ووضع تقاريرها على الموقع الإلكتروني لرئاسة الوزراء، مع مؤشرات بالألوان (أخضر، برتقالي، أحمر) لتقييم الأداء، وكان الهدف من ذلك هو بناء الثقة بين القطاع العام والحكومة، وإظهار الشفافية للمواطن الأردني.
إضافة إلى ذلك، عملت حكومته على:
-
مدونة سلوك إعلامية لضمان حرية الإعلام ومنع تضارب المصالح بين الصحفيين والحكومة.
-
مدونة سلوك للوزراء تمنع الوزير من الالتحاق بشركة في قطاع خاص عمل فيه سابقا بعد تركه للحكومة، حماية من شبهات الفساد.
-
خفض العجز بمقدار 500 مليون دينار في سنة واحدة، على الرغم من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية لعام 2008، وتم ذلك عن طريق تخفيض الضرائب على جميع الشرائح، بما في ذلك الأفراد والشركات، مما أدى إلى تحريك السوق وزيادة إيرادات الحكومة، وضرب مثالا على تخفيض ضرائب بيع وشراء الأراضي حيث زاد الإيرادات 100 مليون دينار.
-
زيادة رواتب العاملين في القطاع العام والعسكريين والمتقاعدين العسكريين بـ20 دينارا. وشدد على ضرورة أن تكبر "الكعكة الاقتصادية" بدلا من أن تصغر، بحيث يستفيد المواطن والقطاع الخاص قبل أن تحصل الحكومة على نصيبها من الضرائب.
اقرأ المزيد.. الأردن يتراجع في مؤشر حرية الصحافة ويحتل المرتبة 147
غياب الاستمرارية في السياسات
أبدى سمير الرفاعي أسفه لغياب استمرارية الخطط الحكومية، مشيرا إلى أن إنجازات حكومته لم يكتب لها الاستمرار بعد مغادرته، وهو ما وصفه بظاهرة تضعف مسار الإصلاح في الأردن، وأشار إلى أن هذا يعكس مشكلة في الأردن حيث "تأتي كل حكومة وتنسف ما عملته سابقتها".
أسباب الاستقالة ومسؤولية الحكومة
كشف الرفاعي أنه طلب الاستقالة من الملك عام 2011 لتخفيف الاحتقان في الشارع الأردني في بداية "الربيع العربي"، وأكد أن هذه كانت مسؤوليته كرئيس للحكومة أن يتحمل الانتقادات التي تعرض لها.
وشدد على أن الحكومة هي المسؤولة عن كل ما يحصل داخل الأردن، وأن أي رئيس وزراء يدعي عكس ذلك يكون قد حنث بالقسم أو لم يعرف كيف يقود.
التحديث السياسي توجه ملكي والتعددية الحزبية لا عودة عنها
شدد الرفاعي على أن تحديث الحياة السياسية توجه ملكي قديم يعود إلى عام 2000، وترسخ من خلال اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية التي ترأسها. وأكد أن مرحلة التعددية الحزبية الحالية "لا عودة عنها".
وأضاف أن قناعة ملكية بأن الأردن يحتاج إلى أحزاب فاعلة وحياة برلمانية حقيقية، ولا علاقة لها بضغوط خارجية أو وضع مالي. وعزا عدم تحقيق هذا الحلم إلى أن المبادرات السابقة "مثل الأجندة الوطنية والميثاق الوطني" كانت توصيات وليست مشاريع تنفيذية.
ولذلك، جاءت اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، التي ترأسها الرفاعي، بإرادة ملكية واضحة لتقديم مشاريع قوانين قابلة للتنفيذ "الأحزاب، الانتخاب، التعديلات الدستورية"، وأمر الملك الحكومة بعدم تغييرها. وأكد أن الملك ما زال مصمما على الاستمرار في مرحلة التحديث السياسي.
النقابات والإخوان المسلمين
أشار سمير الرفاعي إلى أن نقابة المعلمين، برأيه الشخصي، كانت غير دستورية وفقا لتفسير المجلس العالي لتفسير أحكام الدستور عام 2012، معتبرا أن موظف القطاع العام لا يجب أن يكون "ندا" للمؤسسة التي يعمل بها. ودعا إلى إعادة النظر في جميع النقابات، مشددا على أن النقابات يجب أن تكون مهنية بينما تتولى الأحزاب الدور السياسي.
بخصوص "حظر الإخوان"، ذكر الرفاعي أن القرار صدر عام 2020، ومنح فترة لتصويب الأوضاع، لكنهم لم يفعلوا، وأكد أن أي حزب أو جماعة يجب أن تعمل ضمن الدولة الأردنية وتحت الدستور والقوانين، وأن من يشعر بأنه فوق الدستور "ليس له مكان في العملية السياسية".
وشدد على أن قانون الأحزاب الجديد، الذي شارك في إعداده ثلاثة أعضاء بارزين من الإسلاميين، يمنع أي انتساب لعلاقات خارجية أو حمل السلاح.
وفي سياق تقديم نصيحة مباشرة لحزب جبهة العمل الإسلامي، قال الرفاعي:
"لو كنت ناصحا إياهم.. بقول أي أخطاء تم ارتكابها صححوها.. الأخطاء القانونية يجب تصحيحها، والبوصلة يجب أن تكون أردنية بحتة.. ويجب تقوية الجبهة الداخلية وتحسين الأوضاع الاقتصادية.. الندية مع الدولة شيء غير محمود".
ودعا الرفاعي الجميع للمشاركة في العملية السياسية، لكن بشرط أن يتذكروا أنهم يعملون تحت الدستور وتحت القانون. وأوضح أن الحزب الذي يخالف القانون يجب أن يصحح أوضاعه، ولا داعي للتفاهم معه إذا كان القانون واضحا.
القضية الفلسطينية أولويتنا والجيش الأردني خط الدفاع الحصين
جدد سمير الرفاعي التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي الأولى للأردن، لكن قوتها لا يجب أن تكون على حساب الأردن، لأن الأردن الضعيف لا يستطيع مساعدة أحد، حسب قوله.
ودعا إلى توحيد الصف الفلسطيني تحت السلطة المعترف بها دوليا لمواجهة المخططات الإسرائيلية وحذر من مخططات اليمين الإسرائيلي لضم الضفة الغربية والتهجير، مؤكدا أن الجيش الأردني خط الدفاع الحصين. كما أثنى على جهود الملك في دعم غزة على المستويين الإنساني والدبلوماسي.
إلغاء اتفاقية السلام مع "إسرائيل" أكبر هدية لليمين المتطرف
وحول اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية، أشار إلى أن هذه الاتفاقية منعت فكرة "إسرائيل الكبرى" باتجاه الأردن، لأن العلاقة بين الأردن و"إسرائيل" مبنية على اتفاقية سلام.
وفي رده على سؤال حول ما إذا كانت "إسرائيل" ملتزمة باتفاقياتها وما إذا كانت هذه الاتفاقية تمنع مخططات التهجير، أشار الرفاعي إلى وجود تيارات مختلفة داخل "إسرائيل"، بما في ذلك "رئيس الوزراء" نتنياهو الذي يسعى للهروب من تبعات رحيله عن الحكومة، واليمين المتطرف الذي يسعى لضم الضفة الغربية وتحقيق "إسرائيل الكبرى".
كما تطرق الرفاعي إلى مسألة إلغاء اتفاقية السلام، حيث أوضح أن إلغاء معاهدة السلام سيكون "أكبر هدية لليمين الإسرائيلي". وبرر ذلك بأن إلغاء الاتفاقية سيوجه رسالة للعالم بأن الأردن لا يريد السلام، مما سيعطي "إسرائيل" مبررات منع الدعم الأردني لفلسطين، ومحاولة الانتقام من الأردن بخصوص القدس وغيرها من القضايا.
ورأى الرفاعي أن الحفاظ على قوة الدور والموقف الأردني يتطلب الاستفادة الذكية من اتفاقية وادي عربة، إذ تتيح هذه الاتفاقية للأردن إرسال المستشفيات الميدانية وإدخال المساعدات إلى غزة برا وجوا، كما تعزز موقفه السياسي والدبلوماسي في فضح السياسات الصهيونية المتطرفة وتساعده على حشد الدعم الدولي نحو إيجاد حل عادل وشامل للفلسطينيين.
نصح الرفاعي بأنه يجب على الأردن أن يكون أكثر ذكاء من "الإسرائيليين" في التعامل مع العالم الغربي للضغط عليهم، وأن يستفيد من الاتفاقية "لآخر رمق" ولكن مع الحفاظ على "خطوط حمراء".
لا منعة داخلية للأردن إلا بإصلاح إداري والاعتماد على الذات
وصف سمير الرفاعي وجود "مشكلة إدارية" في الأردن، مبينا وجود "انفصام" في النظرة للقطاع العام مقارنة بالثقة المطلقة بالقوات المسلحة، وانتقد ديوان الخدمة المدنية ومحسوبيات التوظيف، مؤكدا ضرورة وجود قيادة عادلة وقوية لا تخشى اتخاذ القرارات الصعبة لمصلحة الوطن.
ودعا إلى الاعتماد على الذات اقتصاديا، مشيرا إلى أن وجود أكثر من مليوني عامل وافد في الأردن يعني ضياع فرص عمل على الأردنيين، وضرورة محاربة "ثقافة العيب".
كما انتقد توجه 90% من الشباب للجامعات بتخصصات بعيدة عن التقنية، مما يزيد من البطالة، داعيا إلى إعادة هيكلة التعليم العالي ليتناسب مع احتياجات سوق العمل. كما انتقد ضعف الإدارة العامة، ووجود "محسوبيات" في التوظيف، ودعا إلى مواجهة البطالة عبر استغلال فرص العمل التي يشغلها 2 مليون عامل وافد، وتغيير ثقافة التعليم العالي ليتناسب مع متطلبات سوق العمل.
العلاقة مع الملك عبد الله الثاني
وصف الرفاعي الملك عبد الله الثاني بأنه "الأكثر ديمقراطية"، مشيرا إلى أنه يستمع للجميع، ويترك مجالا للاختلاف، وقد يغير رأيه بناء على النقاشات.
وأشار إلى أن الملك طلب من رؤساء الحكومات ألا يختلفوا معه عبر الإعلام، وأن بابه مفتوح للجميع.
أصعب قرار مر على الرفاعي
اعتبر الرفاعي أن أصعب قرار في ذاكرته هو إنهاء عمل الفريق الشاب الذي جلبه للعمل معه في رئاسة الوزراء وذلك بعد استقالته، ما اعتبره ظلما شخصيا لهم، حيث كان قد وعدهم باستمرارية عملهم لخدمة الأردن.
الأزمة النخبوية والنميمة آفة صالونات عمان
انتقد سمير الرفاعي "النميمة" السائدة في صالونات عمان المخملية، وأكد على وجود "أزمة نخب" و"أزمة نفسية عند النخب" في الأردن، مشيرا إلى أنه يجد كلاما وطنيا أصيلا ويتعلم أكثر من الأطراف والمحافظات مقارنة بـ "صالونات عمان" التي يغلب عليها التشكيك. وشدد على أن الوطنية تقاس بالأفعال لا بالأقوال، وأن لا أحد يملك احتكار مفهوم الوطنية. وفي ظل الظروف الإقليمية الراهنة، دعا الرفاعي الأردنيين إلى الوقوف معا يدا بيد في خندق واحد لعبور هذه العاصفة، مؤكدا أن ما يجمع الأردنيين أكثر بكثير مما يفرقهم.
الرفاعي: متفائل بمستقبل سوريا.. والأردن قادر أن يكون بوابة لإعمارها
عبر الرفاعي عن تفاؤله بمستقبل سوريا إذا ما سارت باتجاه الانفتاح والحلول الداخلية، محذرا من أن تفتيت سوريا سيكون كارثة على العالم العربي. وأكد أن الأردن يمد يد العون للنظام السوري الجديد، ويسعى ليكون بوابة لإعادة بناء سوريا وربطها بالخليج وأوروبا.