ملاحظات على نتائج وإفرازات قانون الانتخابات البرلمانية

الصورة
جانب من عملية الاقتراع في الانتخابات النيابية لمجلس النواب العشرين | المصدر: المملكة
جانب من عملية الاقتراع في الانتخابات النيابية لمجلس النواب العشرين | المصدر: المملكة
آخر تحديث

استطاع الأردن أن ينجز المرحلة الأولى من الإصلاح السياسي الذي تم إقراره في عام 2022، إذ امتازت الانتخابات بالشفافية والنزاهة وسادت حالة من الارتياح على المستوى الشعبي والرسمي، ليصف الملك الحالة السياسية الأردنية بأن الأردن أصبح أقوى. 

رغم كل الحالة الإيجابية التي رافقت المرحلة الأولى من التحديث السياسي ونجاح الانتخابات البرلمانية إلا أن نتائج الانتخابات أظهرت أن هناك عوارا قانونيا واضحا وغيابا للعلة التشريعية لوجود العتبة الانتخابية، عوار قانوني يفضي إلى برلمانات معلقة بالمعنى السياسي، وإذا ما تمت معالجة تلك الثغرات القانونية فإن القانون سيكون قانونا مثاليا في الانتخابات القادمة لنصل إلى المرحلة نكوّن فيها حكومة برلمانية ونظاما برلمانيا مستقرا فيه حزب أغلبية يحكم وحزب أقلية يعارض. 

أهم التعديلات التي نراها ضرورية لنجاح مسيرة التحديث السياسي 

هذه من أهم التعديلات التي نراها ضرورية لنجاح مسيرة التحديث السياسي: 

1- رفع العتبة الانتخابية في القوائم المحلية من 7% إلى 10% 

على أرض الواقع لم تحدث العتبة الانتخابية في القوائم المحلية أي أثر يرجى من وجود العتبة الانتخابية، ففلسفة العتبة الانتخابية تقوم على فكرة استبعاد الضعفاء في الانتخابات وتضخيم فرصة الأقوياء حتى تكون في البرلمان كتل برلمانية متجانسة ذات برنامج يمكن تطبيقه. 

فعلى سبيل المثال في دائرة إربد الأولى خُصصت للدائرة الأولى 7 مقاعد برلمانية ومقعد كوتا، وتجاوزت العتبة الانتخابية 8 قوائم ونجحت 7 قوائم بمقعد لكل قائمة بينما القائمة الثامنة تجاوزت العتبة الانتخابية لكنها لم تحصل على مقعد. 

لم تترتب أي نتيجة على وجود عتبة انتخابية في القوائم المحلية 7% فلم تحصل أي كتلة على أكثر من مقعد إلا في حالة نادرة وهذا سوف يبقي مجلس النواب في حالة من الفردية النيابية، كما أن القوى الحزبية لن تستطيع أن تشكل أي تكتلات وازنة تحت القبة. 

بينما لو تم رفع العتبة الانتخابية إلى 10% فإن قائمة واحدة في دائرة إربد الأولى مثلا وهي قائمة العدالة التي حصدت أكثر من 22 ألف صوت سوف تحصد المقاعد الـ7 لأنها الكتلة الوحيدة التي تجاوزت نسبة الـ10%، ولو اشترط القانون أن يكون الحد الأدنى في الدائرة قائمتين أو ثلاث وتم تنزيل العتبة الانتخابية درجة في كل مرة للوصول إلى نجاح قائمتين فإن قائمة العدالة وقائمة حزب جبهة العمل الإسلامي سوف تستأثر بالمقاعد الـ7 مما يعطي قائمة العدالة 4 مقاعد مع الكوتا وحزب الجبهة 3 مقاعد، وبذلك نحصل على كتل وقوائم متجانسة تحت قبة البرلمان بدل توزيع مقعد على كل قائمة وتشتيت المقاعد البرلمانية. 

2- رفع العتبة الانتخابية في القوائم العامة أو القوائم الحزبية المغلقة من 2.5% إلى 5% 

فلو تم إسقاط هذا التعديل على الانتخابات التي حصلت قبل أسابيع، فإن الحزب الوحيد الذي يكون قد تجاوز العتبة الانتخابية هو حزب جبهة العمل الإسلامي، وللحفاظ على وجود المعارضة تحت القبة يمكن تنزيل العتبة في كل مرة درجة واحدة حتى يكون هناك 3 قوائم فائزة، وبذلك نستطيع تخفيض الأحزاب الفائزة من 10 أحزاب إلى 3 أحزاب، مما يوجد كتلا سياسية متماسكة تحت القبة ونصل إلى الحالة المثالية في الأنظمة البرلمانية التي يكون فيها حزب أو تحالف أغلبية وحزب أقلية ونتخلص من شبح البرلمانات المعلقة التي تفشل الحياة السياسية وتحول الحكومات البرلمانية إلى حكومات محاصصة وتوزيع المكتسبات. 

3- تعديل قانون الانتخابات ليجرم التبرعات التي تزيد على 1000 دينار

بحيث يتم تجريم التبرعات التي تزيد على 1000 دينار داخل الأحزاب قبل إجراء الانتخابات النيابية بعام على الأقل، وتستثنى من ذلك التبرعات التي تتم من غير المرشحين بعد تشكيل الكتل حتى لا يتدخل المال الأسود في ترتيب القوائم الحزبية المغلقة. 

المفارقة في الانتخابات الماضية أنه لا يوجد حزب أجرى انتخابات داخلية لفرز القائمة الحزبية المغلقة، ومعظم الأحزاب شكلت القوائم الحزبية إما عبر اللجان المكلفة من المكاتب التنفيذية والتي تشكل القائمة العامة وفقا للرغبات القيادية أو من خلال المال السياسي الأسود حتى تم بيع المقاعد الثلاثة الأولى بأرقام وصلت إلى مئات الآلاف لدى بعض الأحزاب. 

الحالة التشريعية التي يتمتع بها قانون الانتخاب أكاد أجزم أنها حالة مثالية لا توجد في أي بيئة عربية لو تم رفع العتبة الانتخابية في القوائم المحلية والعامة، وتم إغلاق المنافذ التي يتسرب منها المال السياسي الأسود في تشكيل القوائم العامة المغلقة. 

اقرأ المزيد.. حتى لا يرذل العمل الحزبي في الأردن وتفشل التجربة

دلالات
الأكثر قراءة
00:00:00