بسم الله الرحمن الرحيم، "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم
خطاب أبو عبيدة في اليوم 100 من معركة طوفان الأقصى
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الذي أمرنا فأعددنا وحثنا على القتال عن أرضنا ومقدساتنا فاستجبنا، وأدخلنا عليهم الباب فغلبنا، وسدد رمينا وكبت عدونا، وجعلنا من حراس مسراه وسدنة أرضه المباركة وقدسه الشريف، والصلاة والسلام على نبينا المجاهد الشهيد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بجهاد إلى يوم الدين وبعد.
يا أبناء شعبنا المجاهد الحر العظيم، يا أمتنا الإسلامية والعربية، يا أحرار العالم في كل مكان، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
100 يوم على بدء معركة طوفان الأقصى
100 يوم على بدء معركة طوفان الأقصى هذه المعركة التاريخية المفصلية في حاضر شعبنا وأمتنا، هذه الصرخة التي دوت في سمع الزمان وملأت بقوة الله بصر الدنيا لتحرر كل الشعوب والأمم المستعبدة ولتعطي نموذجا كيف للكف أن يناطح المخرز، وكيف لاحتلال عنصري نازي بغيض يراد له أن يكون قدرا لشعبنا أن يصبح الكيان الأكثر بشاعة أمام كل العالم، تارة بسحق كبريائه والرد على عنجهيته في السابع من أكتوبر، وتارة لمواجهة بطشه وإجرامه في معركة طوفان الأقصى الأسطورية التي تبدو من نسج الخيال وضرب من المستحيل.
نعود 100 يوم إلى الوراء لنذكر المتعامين والمتواطئين والعاجزين من قوى العالم الذي تحكمه شريعة الغاب، نذكر بعدوان بلغ أقصى مداه على مسرانا وأقصانا، وبدأ تقسيمه الزماني والمكاني فعلا، وأحضرت البقرات الحمر تطبيقا لخرافة دينية مقيتة مصممة للعدوان على مشاعر أمة كاملة في قلب عروبتها ومسرى نبيها ومعراجه إلى السماء. بل بلغت جريمة هذا العدو وحكومته الفاشية حد المطالبة بسحق شعب وتهجيره وتدنيس مقدساته علنا وقتله ببطء في غزة والضفة والقدس وفي فلسطين المحتلة عام 48. وبات قادة العدو بسادية وعنصرية جبانة يتلذذون في تعذيب أسرانا وقتلهم في السجون، ويشددون الخناق على غزة في سياق لإرضاء ناخبيهم وإشباع غرائز جمهورهم المعبأ بالحقد والكراهية على كل ما هو فلسطيني وعربي ومسلم.
فلم يكن أمامنا سوى أن نفعل ما امتلكناه من قوة، ونذكر العالم بأن لهذه الأرض ولهذا المسرى رجالا وأهلا وحماة، فكانت ملحمة السابع من أكتوبر التي جاءت لتدفيع الثمن لهذا المحتل وعصاباته التي ترتكب المجازر على مدار 100 عام ضد أهلنا وشعبنا وتحتل قبلة المسلمين الأولى وتسعى لإبادة شعبنا وتصفية وجوده.
يا شعبنا المعطاء يا أمتنا الكبيرة، 100 يوم ارتكب فيها العدو المجرم مذابح يندى لها جبين الإنسانية، وإن عدالة الأرض لو وجدت لحكمت على هذا الكيان بنزع السلاح ولقدمت كل قادته وجيشه للمحاكمة، ولأوقعت بهم أشد العقوبة، لكن العدالة المختطفة في هذا العالم حالت وتحول دون ذلك، مما يزيدنا قناعة بصوابية ووجوب ما فعلناه يوم السابع من أكتوبر وما يفعله شعبنا ومقاومتنا منذ عقود من مقارعة للاحتلال والاعتماد على سواعد رجاله ومقاوميه.
استهداف نحو 1000 آلية عسكرية صهيونية منذ بدء طوفان الأقصى
وإننا أمام ما يمارسه المحتل الجبان منذ 100 يوم، فاجأنا العدو من جديد، وكبدناه ولا زلنا نكبده خسائر فادحة وأثمانا باهظة فاقت وستفوق كلفتها ما تكبده الاحتلال يوم السابع من أكتوبر، حيث استهدفنا وأخرجنا عن الخدمة خلال 100 يوم بفضل الله وعونه نحو 1000 آلية عسكرية صهيونية توغلت في قطاع غزة في شماله ووسطه وجنوبه، كما نفذنا مئات المهام العسكرية الناجحة في كل نقاط توغل وعدوان الاحتلال، أعلنا عنها أولا بأول.
وقد أبدع مجاهدونا ولا يزالون رغم الفارق الهائل في ميزان القوى المادي والعسكري، ورغم ما يرتكبه العدو من جرائم إبادة ومجازر هي علامة مسجلة باسمه في التاريخ، إلا أن مجاهدينا بعون الله وتأييده حافظوا خلال مئة يوم على تماسك صفوفهم وازدادوا قناعة بالدفاع عن أرضهم أمام عدو همجي بغيض. فقدموا التضحيات العظيمة وسطروا ملاحم عز نظيرها في هذا الزمان، وتمترسوا في عقدهم القتالية، واستبسلوا في تكبيد العدو خسائر هائلة في صفوف ضباطه وجنوده.
وإن الملاحم التي سطرها مجاهدونا مما أعلنا عنه وما لم نتمكن من إعلانه بعد، ستخلد كواحدة من أعظم وأبدع وأعدل وأقدس المعارك في تاريخ أمتنا.
صناعة الإنسان المقاتل هي ما منحت المقاومة القدرة على التصدي لأسلحة الاحتلال المتطورة
يا شعبنا العظيم يا صانع المعجزات، يا أمتنا ويا أحرار العالم، إن جل ما قاومنا ونقاوم به عدوان الصهاينة هو من صنع كتائب القسام، من عبوات ناسفة ومقذوفات صاروخية وراجمات ومدافع ومضادات للدروع وقنابل بمختلف أنواعها وبنادق القنص وحتى الرصاص، وهذه الصناعات لم تكن لتجدي نفعا أمام الترسانة الأمريكية الهائلة القذرة، التي نواجهها في أيدي مرتزقة الصهاينة في الميدان لولا الصناعة الأهم التي نمتلكها وهي صناعة الإنسان المقاتل.
ذلك الفلسطيني المقاوم المجاهد الذي لا تقف قوة في الأرض أمام إرادته وإصراره على مواجهة قاتلي أجداده وآبائه ومدنسي مسراه ومحتلي تراب وطنه.
كما أن إساءة وجهه هذا العدو وكسر عدوانه لم تكن لتحدث لولا عطاء وصمود وعظمة شعب حر كريم شامخ يجود بكل عزة وكبرياء بكل شيء ولا يعطي الدنية في وطنه وأرضه ومقدساته، فماذا ستفعل تكنولوجيا الصواريخ والدبابات المحصنة والطائرات الحديثة بأسلحتها الفتاكة أمام قوة إيمان مجاهد يمكث شهرين وأكثر في عقدته الدفاعية وموقعه المتقدم، منتظرا الظفر بعدوه وتنفيذ مهمته محتسبا كل ذلك لله، مؤمنا بعدالة قضيته.
المجاهدون يروون قصصا عن بكاء الجنود الصهاينة وفرارهم
وإن شهادات مجاهدينا الأبطال العائدين من خطوط المواجهة في شمال ووسط وجنوب القطاع تؤكد مدى بطولتهم العظيمة وإيمانهم الكبير بمعركتهم واستبسالهم في الدفاع والهجوم والتصدي، وهم في المقابل يعودون بشهادات صادمة عن ضعف إيمان ودافعية الجندي الصهيوني والمرتزقة اللمم، وكيف يجرون إلى القتال جرا، وكيف يبكون فزعا وجزعا، ويفرون أمام مجاهدينا رغم كل ما يحملونه من سلاح وعتاد وغطاء ناري ضخم. وإن ما يعرضه جيش العدو وما يعلن عنه من بطولات موهومة لجنوده، هو محل سخرية لأصغر طفل فلسطيني.
ما أكد عليه أبو عبيدة في اليوم 100 من معركة طوفان الأقصى
يا شعبنا يا أهلنا يا أمتنا يا كل من يسمعنا، إننا في كتائب الشهيد عز الدين القسام وبعد 100 يوم من معركة طوفان الأقصى ومن المواجهة ومن التصدي للعدوان نؤكد على ما يلي:
طوفان الأقصى هي معركة الكل الوطني الفلسطيني
-
أولا: إن معركة طوفان الأقصى هي معركة الكل الوطني الفلسطيني، يقاتل فيها شعبنا بكل قواه ومقاوميه في خندق واحد، وإن أي حديث سوى وقف العدوان عن أهلنا ليس له قيمة في مسار هذه المعركة التي ستتوسع يوما بعد يوم وتحرق هذا العدو وكل من دعمه وسانده وأعانه، وإن أهداف العدو قد تكسرت على صخرة صمود شعبنا ومقاومتنا، فها هي قيادة العدو المتغطرسة تتجرع الألم وتغوص في وحل الفشل والإخفاق، فلا التهجير الذي يحلم به قادة الحرب الإرهابيون تحقق، ولا التدمير العشوائي حقق أو سيحقق لهم سوى الخزي، ولا هم تمكنوا من استعادة الأسرى.
كما سقط القناع عن هذا الكيان النازي البغيض الذي ارتكب محرقة ضد الأبرياء صنعت له عدوا ومقاتلا حاضرا ومستقبلا في كل بيت فلسطيني وعربي ورسخت صورة الاحتلال البشعة أصلا لدى كل حر في العالم.
-
ثانيا: إن ما يعلن عنه العدو من إنجازات مزعومة حول السيطرة أو تدمير ما يسميه مستودعات أسلحة وما يطلق عليه منصات صواريخ جاهزة للإطلاق، وما يزعم أنها بالكيلومترات، هي أمور مثيرة للسخرية بالنسبة لنا، وسيأتي اليوم الذي نثبت فيه كذب هذه الدعاوى وعبثيتها.
ونود أن نقول بشكل مختصر، إنه قبل السابع من أكتوبر وضمن خطة العمليات لم يكن هناك أي مستودع أسلحة للقسام في أي مكان في قطاع غزة، ولا يوجد لدينا منصات صواريخ مذخرة كالتي يدعي العدو أنه دمرها ويعلن عنها، كما لا يزال لدينا الكثير لنقوله للعدو وللعالم في الوقت المناسب.
-
أما فيما يتعلق بموضوع الأسرى الصهاينة، فنريد أن نقول إن مصير العديد من أسرى ومحتجزي العدو بات خلال الأسابيع الأخيرة مجهولا، أما الباقون فهم جميعا دخلوا نفق المجهول بفعل العدوان الصهيوني، وعلى الأغلب سيكون العديد منهم قد قتل مؤخرا، فيما لا يزال الباقون في خطر داهم وكبير كل ساعة، وقيادة العدو وجيشه يتحملان كامل المسؤولية عن هذا الملف.
ثالثا: نحيي الأيدي الضاربة الوفية من مقاتلي أمتنا في لبنان العطاء والبطولة وفي يمن الحكمة والإيمان وفي العراق وفي كل ساحات أمتنا، وننعى إلى أمتنا شهداءهم، ونبارك جهدهم وعطاءهم والعالم يرى كيف هرعت قوى الظلم وشكلت التحالفات واستدعت زبانية النفاق والغطرسة لضرب وتهديد من ينصر شعب غزة، بعد أن عبروا عن تضامنهم ونصرتهم بما يمليه واجب الأخوة الإسلامية والعربية والإنسانية. وبعد أن وجهوا للعدو ولمن وراءه ولا يزالون لكمات كبيرة وضربات مباركة وقوفا في وجه المحرقة النازية الصهيونية ضد شعبنا وأهلنا.
وإننا إذ أبلغنا من جهات عدة في جبهات المقاومة بأنهم سيوسعون ضرباتهم للعدو في قابل الأيام في ظل استمرار العدوان على غزة، فإننا لن نكل ولن نمل في دعوة كل أحرار الأمة أن يهبوا لنصرة أقصاهم ومسرى نبيهم الذي يسير الصهاينة المجرمون في خطوات عملية لهدمه وإقامة هيكلهم، وهو ما أخرناه بدمائنا في غزة منذ 100 يوم ولأجله كانت ملحمة السابع من أكتوبر.
-
وعلى كافة مجاهدي شعبنا العظيم، أبناء العاروري والعياش والكرمي وطوالبة في ضفتنا المباركة وكافة مقاتلي الأمة الذين بقيت دماء عربية ومسلمة تسري في عروقهم، أن يلتقطوا هذه اللحظة التاريخية ليقولوا كلمتهم للعالم، ويوقعوا انضمامهم لطوفان الأقصى. واعلموا أن كابوس الزوال الذي يعيشه العدو يهرول إليه قادته النازيون بأرجلهم، نحو قدر الله المحتوم بدحرهم وتتبيرهم.
-
رابعا: نرى أن من واجبنا الجهادي والديني أن نحيط ملياري مسلم في العالم بأن العدو الصهيوني وخلال 100 يوم دمر معظم مساجد قطاع غزة، ودنس وأحرق وجرف تلك التي وصلت إليها آلياته على الأرض، وأوقف الأذان والصلاة في حرب دينية واضحة استكمالا لما بدأته عصابات الصهيونية الدينية من حرب على المسجد الأقصى، وهذا هو نذير شؤم ودمار على هؤلاء القتلة النازيين، إذ لا قِبَل لهم بالحرب على الله، وهذا ثابت بنص التوراة والإنجيل والقرآن، لكنها دعوة أيضا لكل مسلم على وجه الأرض أن يعي طبيعة الصراع وخلفياته وطبيعة هذه الحكومة الصهيونية المجرمة سليلة عصابات الهاجانا الإرهابية.
وإن أضعف الإيمان لمن عجز عن نصرة الدماء البريئة أن ينصر دين الله، إذ هدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا، فلتقم صلوات القيام والقنوت في هذا الشهر الحرام في كل مساجد العالم، ولترفع الدعوات لرب العالمين بنصر عباده المؤمنين ودحر وتدمير المجرمين المعتدين "وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ".
ختاما يا شعبنا العظيم الصابر المرابط، 100 يوم وما كلت عزائم مجاهدينا وما لانت لهم قناة، وما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا، 100 يوم وشعبنا العظيم الأسطورة يقف شامخا على أرضه رغم الألم والجراح، ويسطر أروع ملحمة في الصمود والتحدي والكبرياء، ويرابط على ساحل من سواحل الشام، متمترسا على ثغر عسقلان، متمثلا بشرى نبينا صلى الله عليه وسلم، مستظلا بأجنحة ملائك الرحمن.
فطوبى لكم يا أهل غزة، وطوبى لك يا أرض غزة، يا خيرة الله من أرضه، ساق إليها خيرته من عباده، فترقبوا نصر الله القريب، ووعده بالفتح الكبير ودخول المسجد الأقصى المبارك يقينا بالله وثقة به. وإن فجر الحرية لكل شعبنا يقترب بأمر الله، ولن يضيع الله جهاد ودماء وآلام أهلنا وشعبنا.
"وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ"
وإنه لجهاد نصر أو استشهاد
والسلام عليكم ورحمة وبركاته
شاهد | الكلمة المصورة لأبو عبيدة في اليوم 100 من معركة طوفان الأقصى
اقرأ المزيد.. خطاب أبو عبيدة بتاريخ 28-12-2023