بسم الله الرحمن الرحيم، "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُم
خطاب أبو عبيدة في معركة طوفان الأقصى بتاريخ 7-7-2024
بسم الله الرحمن الرحيم، "فَقَـٰتِلۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلا نَفۡسَكَۚ وَحَرِّضِ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ عَسَى ٱللَّهُ أَن یَكُفَّ بَأۡسَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ۚ وَٱللَّهُ أَشَدُّ بَأۡسࣰا وَأَشَدُّ تَنكِیلا".
الحمد لله رب العالمين، ناصر المجاهدين ومذل الطغاة المستكبرين، والصلاة والسلام على نبينا المجاهد الشهيد وعلى آله وصحبه ومن جاهد جهاده وبعد.
يا أبناء شعبنا العظيم المجاهد يا أبطالنا المجاهدين والمقاومين في ميادين الرجال وثغور الكرامة في كل محاور القتال والمواجهة، في قطاع غزة والضفة المحتلة، يا مجاهدي أمتنا ومقاتليها في كل جبهات الإسناد والمقاومة، في لبنان واليمن والعراق، يا شعوب أمتنا ويا كل أحرار العالم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تسعة شهور على معركة طوفان الأقصى
تسعة شهور مضت منذ بدء معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر من العام الماضي، ولا يزال شعبنا يتعرض للعدوان النازي الصهيوأمريكي وللإبادة الجماعية كعقاب له على تمسكه بأرضه ومقدساته وممارسته لحقه الطبيعي بل واجبه في المقاومة لاسترداد حقوقه وطرد محتليه.
تسعة أشهر نذكّر بعدها العالم أن طوفان الأقصى لم يكن بداية التاريخ لعملنا المقاوم ولا لعدوان الاحتلال، بل مثّل الانفجار في وجه العدو لما سبقه من عقود قهر وظلم وطغيان من عصابات الصهيونية طال البشر والحجر والشجر والأرض والمقدسات، وبلغ ذروته مع حكومة صهيونية يراها العالم اليوم تجاهر بعدم الاعتراف حتى بوجود شعب فلسطيني، وتمارس التطهير والإبادة الممنهجة في الضفة والقدس وفي غزة، وتحرض على الوجود الفلسطيني في داخل فلسطين المحتلة عام 48.
وإن فهم شعبنا لطبيعة هذه المعركة وعملية طوفان الأقصى هو ما تعكسه استطلاعات الرأي المستقلة التي أظهرت بعد شهور طويلة من العدوان كيف أن شعبنا في غزة والضفة يؤيد بشكل كاسح عملية طوفان الأقصى ويلتف حول مقاومته.
المقاومة تقاتل في غزة دون دعم أو إمداد خارجي
تسعة أشهر وما كلت مقاومتنا ولا لانت ولا استكانت، إذ لا زلنا نقاتل في غزة بلا دعم ولا إمداد خارجي بالسلاح والعتاد، ولا زال شعبنا يصمد بلا غذاء ولا ماء ولا دواء، وتحت حرب إبادة مجرمة ظالمة. لتدخل غزة التاريخ من أوسع أبواب المجد كأعظم نموذج حرية عرفته البشرية في العصر الحديث، وكمدرسة ملهمة لكل حر ومقاوم وإنسان في العالم.
يا أهلنا يا شعبنا يا أمتنا يا كل أحرار العالم، يقاتل مجاهدونا ومقاومو شعبنا قتالا ملحميا منذ تسعة شهور. ويكسرون أهداف العدو ويقهرون جيشه المدجج بالسلاح والعتاد والمغطى بالنار من البر والبحر والجو، والمدعوم من شريكي العدوان والإبادة: الولايات المتحدة وبريطانيا. يقاتل مجاهدونا ببسالة ويخرجون للعدو كما توعدناه من اليوم الأول للعدوان، فيقتلون ويصيبون جنوده في كل يوم رغم طول أمد المعركة وبشاعة العدوان، ورغم أننا نقاتل الجيش الأكثر نذالة ودونية ولا أخلاقية في العالم، جيش يستخدم المدنيين كدروع بشرية ويوهمهم بمناطق آمنة ثم يقصفهم فيها، ويقصف البيوت المدنية على رؤوس ساكنيها، ويستبيح المشافي والمنظمات الدولية والمدارس ومراكز الإيواء المدنية، ويتعمد تدمير الآثار والمناطق التاريخية، والمساجد والكنائس والمقابر والمكتبات، لأنه يخاف من التاريخ الذي يخبره أنه لا مستقبل للغزاة وأنه سيذهب إلى مزابل التاريخ معهم.
كل هذا يحدث على مرأى ومسمع من العالم، وعلى شاشات البث المباشر؛ ليرى العالم من خلال غزة أكذوبة المنظمات الدولية، وعجز قوانين حقوق الإنسان المزعومة، وعوار العدالة الدولية الانتقائية.
ورغم كل ذلك، فإن مجاهدينا يقاتلون بكل صلابة، ويبتدعون الوسائل والتكتيكات، ويواجهون العدو بروح قتالية عظيمة وبإيمان منقطع النظير، وكأنهم من زمن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويجري الله على أيديهم من الكرامات والثبات ما يعجز اللسان عن وصفه، وصدق الله العظيم: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ".
24 كتيبة للمقاومة تقاتل في غزة
على مدار تسعة أشهر كاملة بفضل الله تعالى قاتلت كل كتائبنا الأربعة والعشرين وكل أسلحة الدعم القتالي من أقصى بيت حانون شمالا إلى أقصى رفح جنوبا، ومعنا فصائل المقاومة إخوة ورفاق السلاح والجهاد، وخاضت كتائبنا ملاحم وجولات متتالية ولا تزال فكان أداء مجاهدينا في كل مرة يتقدم ويتطور ويتعاظم، بل يثخن مجاهدونا الجراح في العدو أكثر، ويستفيدون من تجاربهم في كل مرة.
وقد قدمنا الشهداء الأبرار من الجنود والقادة من كافة المستويات، لكن الراية لا تسقط ولن تسقط بإذن الله تعالى وعونه. وها هم مجاهدونا يقولون للعدو في كل يوم أن لا مكان في غزتنا الأبية لا لناقلة النمر ولا لجنود مرتعدين مجهزين بأحدث تكنولوجيا حربية ولا لمرتزقة يقاتلون بالأجرة في معركة خاسرة، ولا لقوات تتحصن في البيوت كاللصوص ولا لضباط يختبئون خلف المدرعات، كلهم سيرحل قتيلا أو مصابا أو هاربا مذعورا بإذن الله تعالى.
5 محاور أكد عليها أبو عبيدة في خطابه بتاريخ 7-7-2024 من معركة طوفان الأقصى
يا أهلنا وشعبنا ويا أمتنا ويا كل أحرار العالم، إننا في كتائب الشهيد عز الدين القسام، وبعد تسعة أشهر من بداية معركة طوفان الأقصى ومن الحرب والعدوان على شعبنا نؤكد على ما يلي:
-
أولا: إن معركة رفح الجارية منذ نحو شهرين وما يقدمه مجاهدونا فيها بكل بسالة، وما يسطره مجاهدونا أيضا منذ نحو أسبوعين في الشجاعية، وما رافق هذه العمليات من معارك مشتعلة في شمال القطاع ووسطه وجنوبه لهو أكبر دليل على بأس مقاومتنا وعنفوانها وعلى فشل العدو وتخبطه، فكل العالم يشهد كيف أن المجرم الفاسد نتنياهو ووزير حربه كانوا يمنون جمهورهم ويخدعون العالم بأن معركة رفح هي الضربة القاضية وهي المحطة الفاصلة فلم تكن معركة رفح سوى استكمال من العدو لسياسة التدمير الممنهج والمجازر ضد المدنيين. وفي المقابل تلقى العدو ولا يزال جوابه من مجاهدينا ومقاومتنا في رفح؛ قتلا لجنوده وتدميرا لآلياته وكمائن لقواته، وبالتوازي فإنه يتلقى الضربات الموجعة في كل مكان يتوغل فيه من جديد، بل وفي محور وسط القطاع المسمى "نتساريم" الذي سيكون محورا للموت والرعب بإذن الله لجنود العدو المحتلين، وسيخرج منه العدو مندحرا كما خرج من قبل، بقوة الله تعالى.
-
ثانيا: إن قدرة مجاهدينا على القتال والصمود وإرادتهم لمواجهة هذا العدو باتت أكبر وأعظم بفضل الله، وإن نار الانتقام التي أشعلها العدو بجرائمه ونازيته وساديته كافية لحرقه وتدمير كل مخططاته بإذن الله، وستنشئ جيلا فولاذيا معبأ بإرادة المقاومة والقتال والتصدي للعدو، وهذا أكبر إخفاق استراتيجي للعدو سيدركه بعد حين.
ومن هنا فإننا نؤكد بأن القدرات البشرية لكتائب القسام بخير كبير بفضل الله تعالى، وقد تمكنا بعون الله خلال الحرب من تجنيد الآلاف من المجاهدين الجدد من صفوف الإسناد وهناك آلاف آخرون مستعدون وبدافعية كبيرة للالتحاق متى لزم الأمر.
كما تمكن مجاهدونا بفضل الله من إعادة تأهيل وترميم بعض المقدرات المهمة، وتجهيز الأفخاخ والكمائن وتصنيع العبوات والقذائف وإعادة تدوير عدد كبير من مخلفات العدو من قنابل ومتفجرات وصواريخ ألقاها العدو على أهلنا المدنيين بكثافة عالية جدا وغير مسبوقة في تاريخ الحروب، وبالتالي فقد عززنا المقدرات الدفاعية لمواجهة الاحتلال في كل مكان يتواجد فيه على أرضنا، ولا يزال لدينا الكثير لنقوله للعدو بإذن الله تعالى وقوته، "وَمَا يَمْكُرُونَ إِلا بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ".
-
ثالثا: رسالتنا لجمهور العدو ولعائلات الجنود الصهاينة في غزة ولعائلات أسرى العدو، إنه بات معلوما لديكم ولكل العالم أن النصر المطلق الذي يتحدث عنه نتنياهو هو انتصاره الشخصي في إقصاء خصومه وبقائه في السلطة في مقابل التضحية بأبنائكم، فما يشغل بال نتنياهو هو إرضاء صعاليك حكومته الإرهابيين، وبالتالي فإن مصير أبنائكم أصبح ألعوبة في يد رئيس حكومتكم ووزرائه المهووسين بالتدمير والقتل، وإن كل ما يفعله نتنياهو هو محاولة للهروب من الحقيقة والإخفاق الذي سيلاحقه بقية حياته، وإن ما كُشف عنه مؤخرا في أوساط العدو من وثائق استخبارية حول الفشل المدوي في السابع من أكتوبر هو أمر هين بالمقارنة مع ما سنكشف عنه في الوقت المناسب بإذن الله من وثائق ستكون أقسى وأصعب ستظهر كيف استطعنا تنفيذ خداع استراتيجي مركب لجهاز الشاباك والمنظومة الأمنية للعدو لسنوات.
-
رابعا: إن ما يجري من تصاعد مستمر لعمليات المقاومة في الضفة المحتلة في جنين القسام وطولكرم الإباء وفي نابلس جبل النار وفي كل محافظات الضفة والقدس المحتلة، هو رد وخيار شعبنا في مواجهة الإبادة الممنهجة والتهويد والاستيطان الذي تنفذه حكومة العدوان والإجرام، وإن هذا الرد وهذه العمليات المباركة والنوعية لكافة فصائل المقاومة هو ما يليق بشعبنا المرابط الأبي وهي أكبر رسالة لهذا العدو المتغطرس ولوزراء حكومته النازية أن كابوس تحرك الضفة والقدس وخلايا الثأر من الأرض المحتلة عام 48 قادم لا محالة وبشكل لا يتوقعه العدو بإذن الله تعالى.
فكل التحية لأبطال ضفتنا وندعوهم لمواصلة سحق كبرياء هذا العدو المرتعد، ومواصلة عملياتهم وتصعيدها، فهم محط الآمال، وهم أهم حلقة في نهاية حلم هذا الكيان الغاصب.
-
خامسا: تحية واجبة نوجهها لإخواننا المقاومين الأبطال في حزب الله في لبنان الشقيق، ولمجاهدي فصائلنا الفلسطينية والجماعة الإسلامية في لبنان ولشهدائهم ولإخواننا أنصار الله في اليمن العظيم وللمقاومة العراقية الحرة، والذين أبلغونا جميعا باستمرار الإسناد الفعال والرفع المتواصل لسقوف الرد حتى يتوقف العدوان على غزة.
وقد لقنوا العدو دروسا قاسية، وأعادوا للأمة أمل الوحدة في وجه العدوان، والقدرة على حصاره وتركيعه، وإشعاره بأنه كيان غريب منبوذ بعد أن توحدت هذه الجبهات في نصرة القدس وغزة وفلسطين بالقول والفعل والقتال وبذل الدماء وشحذ السلاح وفرض التهجير على العدو وحصاره بحرا واختراق أجوائه وإرباك منظوماته الاستخبارية والأمنية وقواته العسكرية.
وإن ضمير أمتنا الجمعي بالتأكيد ينحاز لهذه المقاومة التي نصرت غزة بإرادة فولاذية وقتال بلا هوادة، فقد سئمت شعوب أمتنا التضامن اللفظي الخجول والعجز الرسمي المقيت، وقد حقق مقاتلو أمتنا الأوفياء مفهوم النصرة والوحدة العربية كما لم يحدث من قبل، فما أسعد روح شهيدنا عبد القادر الحسيني بكم يا أبطال أمتنا، وما أشد خيبة أمله من زعماء ناشدهم رحمه الله منذ ستة وسبعين عاما ولا زال صدى صوته لا يحرك فيهم ساكنا بل إن عجزهم بات أكبر وتقاعسهم وخذلانهم أصبح أشد وأقسى، وأضحى طرد سفير وقطع علاقات مع عدو يبيد شعبا عربيا مسلما أضحى ذلك حلما لأمة كبيرة سادت أمم الأرض لقرون، ولا حول ولا قوة إلا بالله وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ختاما يا أهلنا يا شعبنا، كل الوفاء والتحية لكم يا روح الثورة ومنبع الكرامة للأمة، وإننا لا نزال الأحرص على وقف العدوان، فنحن منكم وبكم وإليكم ولن نقبل سوى برفع الظلم عن أهلنا، وإن هذه المعركة المقدسة معركة طوفان الأقصى هي قدر كل الشعوب الواقعة تحت الاحتلال ونتيجتها الحتمية هي انتصار الظلم وقهر المحتلين مهما انتفشوا وطغوا وتجبروا.
ونطمئن مجاهدينا وشعبنا وأهلنا في كل أرضنا بأن طوفان الأقصى الذي بدأ من غزة وما رافقه ويرافقه من تطورات وأحداث متلاحقة هو من تلك المعارك التي لا تؤول بإذن الله إلا إلى تغييرات كبيرة وتحولات استراتيجية قادمة، ستكونون فيها يا أهلنا أنتم صناع النصر وحملة لوائه بدماء شهدائكم الزكية ومعاناتكم الكبيرة وصبركم العظيم ورباطكم المبارك، وإن غدا لناظره قريب.
"وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ"
وإنه لجهاد نصر أو استشهاد
والسلام عليكم ورحمة وبركاته
شاهد | الكلمة المصورة لأبو عبيدة في اليوم 275 من معركة طوفان الأقصى
اقرأ المزيد.. الاحتلال يكثف غاراته على غزة وسط نزوح كبير