حياة لا تطاق في مسافر يطا والاحتلال يهجر ساكنيها قسرا

الصورة
"مسافر يطا" يهددها كابوس التهجير القسري
"مسافر يطا" يهددها كابوس التهجير القسري
المصدر

نظّمت منظمة أطباء بلا حدود مؤتمراً صحفياً، الأربعاء، في عمان، لتسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية في منطقة مسافر يطا جنوب الضفة الغربية  المحتلة، والتي يواجه أهلها خطر الإجلاء القسري. 

وتناول المؤتمر الصحفي الآثار الصحية الناجمة عن الاعتداءات والانتهاكات التي تمارسها سلطات الاحتلال بحق الفلسطينيين لإجلائهم من مساكنهم في مسافر يطا قسراً، والتي شهد عليها فريق المنظمة الإنسانية الدولية من خلال عمله في قرى مسافر يطا ومحيطها. 

حياة لا تطاق في مسافر يطا

وتحت عنوان "حياة لا تطاق"، أطلقت المنظمة تقريرها والذي تحدثت فيه عن حياة الفلسطينيين في ظل الخوف المستمر لسكان مسافر يطا وتعمد سلطات الاحتلال إلى عرقلة وصولهم للرعاية الصحية وتعطيلها ما يشكل تهديدا على صحة الفلسطينيين الجسدية والنفسية.

وقالت رئيسة المكتب الإعلامي الإقليمي لمنظمة أطباء بلا حدود في عمان، إيناس أبو خلف، أن الفلسطينيون الذين يعيشون في مسافر يطا ومحيطها يواجهون تحديات عظيمة؛ كالعيش في خوف دائم من الإجلاء، والتعرض لهدم منازلهم ومنع المياه عنهم، وتقييد تحركاتهم. بالإضافة إلى التعرض للعنف من قبل المستوطنين. كما تفرض السلطات الإسرائيلية ضغوطاً هائلة على سكان مسافر يطا في الضفة الغربية ليغادروا المنطقة، مما قد "يرقى إلى كونه تهجيراً قسرياً وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي الإنساني"، على حد قولها. 

شهادات حية من مسافر يطا 

وبعد عرض فيلم وثائقي بعنوان: "مسافر يطا، المُرحّلون قسراً"، والذي يتضمن شهادات لسكان القرى الذين يعانون من هدم البيوت والخيم، تخلل الحفل مداخلات لفريق منظمة أطباء بلا حدود القادم من الأراضي الفلسطينية المحتلّة للمشاركة في المؤتمر. 

من جهته، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ديفيد كانتيرو بيريز: "يعيش قرابة 1100 شخصاً من سكان مسافر يطا تحت خطرالتهجير القسري، ويمكن القول بأن خطر التهجير يشكل مخالفة للقانون الدولي الإنساني والذي يجب على إسرائيل احترامه بوصفها قوة محتلة". 

ويمنع القانون الدولي الإنساني بشكل صريح "النقل الفردي أو الجماعي القسري" للأفراد في المناطق المحتلة إلا ضمن مجموعة محددة من الظروف, ويمكن أن يُعتبر "الإخلاء القسري" الناتج عن التهجير، نقلاً قسرياً، مما يشكل خرقاً جسيماً لاتفاقية جنيف الرابعة، وبالتالي يصبح جريمة حرب.

سكان مسافر يطا يتعرضون لكافة أشكال العنف

وأضاف كانتيرو بيريز: "يتعرض سكان مسافر يطا لكافة أشكال العنف، فيدخل الجنود القرى ليلاً، ويفرضون حظر تجول وغيره من القيود على الحركة، ويقومون بتدريب عسكري بالقرب من مناطق معيشة الناس، ويصادرون المركبات ويهدمون المنازل. إنهم يجعلون حياة الناس لا تطاق". 

وختم كانتيرو بيريز: "على مدى العام الماضي، شهدنا مباشرة تأثير التدابير القسرية المتزايدة على الصحة الجسدية والنفسية للناس في مسافر يطا، وبوصفنا منظمة طبية إنسانية"

وأدان ما وصفها بـ"السياسيات" الإسرائيلية، كما دعا سلطات  الاحتلال إلى وقف فوري لخطة الإخلاء ووقف تنفيذ الإجراءات التي تقيد الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الطبية للفلسطينيين في مسافر يطا. وأضاف: "يجب لهذه المعاناة أن تتوقف" 

ودعت منظمة أطباء بلا حدود المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير عاجلة وضرورية لحماية سكان مسافر يطا وضمان احترام حقوقهم الإنسانية. 

الاحتلال يزيل كافة العقبات القانونية أما التهجير القسري

وقد كثفت سلطات الاحتلال اعتداءاتها منذ أيار 2022، في أعقاب حكم صادر عن "المحكمة العليا الإسرائيلية" أزال جميع الحواجز القانونية التي تحول دون التهجير القسري للفلسطينيين من مسافر يطا لإفساح المجال أمام إقامة منطقة عسكرية. 

وكان لذلك تأثير شديد على قدرة السكان على الحصول على الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الطبية، وهذا ما أكدت عليه مسؤولة الشؤون الإنسانية لمنظمة أطباء بلا حدود في القدس المحتلة، فريديريكيه فان دوغن، حيث قالت: "خلال السنة الماضية، شهدنا تصاعداً في الإجراءات المقيدة للحركة، مما أثر على إمكانية وصول الناس إلى الخدمات الطبية. فكان المرضى يُمنعون بشكل متكرر من الوصول إلى القرى التي تقدم فيها المنظمة الخدمات الطبية، إذا أظهرت بطاقة هويتهم أنهم من قرية مختلفة. كما تعرضت سيارات الإسعاف التي تسعى لدخول مسافر يطا إلى التأخير أو المنع أحياناً ويتم اعتراض المرضى وهم في طريقهم إلى المستشفيات من قبل الحواجز، مما يؤخر وصولهم. 

ونتيجة لذلك، أفاد العديد من السكان أن الوصول غير المضمون إلى الرعاية الطبية في مسافر يطا أجبر الأشخاص الضعفاء طبياً – بما في ذلك النساء الحوامل في الثلث الأخير من الحمل، وكبار السن الذين يعانون من حالات صحية مزمنة، والأشخاص الذين يعانون من أمراض خطيرة – على مغادرة منازلهم وعائلاتهم إلى مدينة يطا القريبة.

ويؤثر العيش في ظل هذه الظروف الصعبة بشكل كبير على الصحة النفسية للناس، وهذا ما تطرقت إليه المشرفة على فريق التثقيف الصحي في الخليل، مريم قبس، التي أشارت إلى الزيادة الحادة في الطلب على خدمات الصحة النفسية بين السكان الذين تعرضوا لعمليات اقتحام المنازل وهدمها.

وقد أبلغ أكثر من نصف مرضى أطباء بلا حدود في عام 2022 عن أعراض نفسية جسدية؛ حيث ظهرت على ربع أعداد المرضى أعراض ما بعد الصدمة؛ ووصف ثلثيهم وجود أعراض اكتئابية.

00:00:00