قراءات أولية ممتازة لعرض الناقل الوطني.. وتنفيذه يمنح أمنا قوميا للأردن

الصورة
مشروع الناقل الوطني
مشروع الناقل الوطني
المصدر
آخر تحديث

يعد الأردن واحدا من أكثر الدول التي تعاني نقصا في المياه ووفقا للمؤشر العالمي للمياه يصنف الأردن ثاني أفقر دولة بالمياه في العالم، حيث تقدر احتياجاته المائية بـ 3 ملايين م3 يوميا للاستخدامات كافة. 

ولتخطي هذه المشكلة يتوجه الأردن لتنفيذ مشروع "الناقل الوطني" كخيار استراتيجي لمشكلة عجز المياه المتفاقمة؛ لأنه سيوفر 300 مليون م3 من المياه المحلاة سنويا والتي ستستخدم في مجالات الشرب والزراعة والصناعة وغيرها، وستقلل من اعتمادية الأردن على مصادر خارجية في تأمين مياهه. 

صورة من الإنترنت توضح شكل مشروع ناقل البحرين
صورة من الإنترنت توضح شكل مشروع ناقل البحرين

وزارة المياه تبدأ بدراسة عرض التنفيذ المقدم

وزارة المياه والري أعلنت يوم أمس الإثنين، عن استلام عرض واحد من الائتلافات التي تأهلت لمشروع الناقل الوطني الأردني لتحلية ونقل المياه من العقبة إلى محافظات المملكة كافة، مبينة أنها ستدرس العرض من الناحيتين الفنية والمالية لتنفيذ المشروع. 

وأوضحت الوزارة أنه وبحضور وزير المياه والري، المهندس رائد أبو السعود، ولجنة الشراء الخاصة للمشروع المشكلة بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 6117 تاريخ 9/3/2022، جرى فتح العرض المقدم من شركة "ميريديام سويز" لتنفيذ مشروع الناقل الوطني، وبدأت اللجنة بدراسة العرض المقدم من الناحية الفنية ليصار إلى دراسة العرض المالي وإعلان النتائج خلال وقت قريب. 

مساعد الأمين العام والناطق الرسمي باسم وزارة المياه عمر سلامة قال لـ حسنى إن سبب التأخر لـ 6 أشهر في فتح العروض يعود لطلب الائتلافات المتقدمة مزيدا من الوقت لدراسة المشروع الذي يعد ضخما على المستوى الإقليمي والعالمي، حيث يصل طول الخط الناقل للمياه إلى 450 كم. 

وبين أن شركة "ميريديام سويز" التي قدمت العرض تمثل ائتلافا لمجموعة من الشركات وتعمل في مشروع محطة خربة السمرة في الأردن، كما أنها تعد من الائتلافات العالمية، موضحا أن القراءات الأولية للعرض تقول إنه عرض ممتاز. 

وأكد أن لجنة الشراء الخاصة المشكلة بقرار مجلس الوزراء تضم ممثلين عن وزارات المياه والطاقة والمالية والتخطيط والصناعة والتجارة والبيئة ورئيس وحدة القطاع العام والخاص وديوان المحاسبة وفنيين، كما أن كافة الأمناء العامين في تلك الوزارات أعضاء في اللجنة، حيث ستدرس العرض الفني والمالي وخلال فترة قصيرة ستقوم بالإعلان عن التفاصيل. 

وأشار إلى أن وثائق المشروع التي تسلمتها اللجنة يوم أمس من الشركة المقدمة للعرض وضعت في نحو 50 صندوقا، في دلالة على ضخامة المشروع والدراسات المتعلقة به. 

مشروع الناقل الوطني سينفذ على نظام الـ POT

ويقصد بتقديم الشركات لعروض أسعار لتنفيذ مشاريع معينة؛ أن تلك الشركات ستوضح تفاصيل تنفيذها للمشاريع بشكل دقيق، ما يعني أن العرض المقدم لمشروع الناقل الوطني تضمن تفاصيل إنشاء محطة تحلية المياه في العقبة وآلية نقلها، إضافة إلى الكمية التي ستحصل عليها الدولة وتحديد سعر المتر المكعب من المياه الذي ستبيعه الشركة المنفذة للدولة. 

سلامة بين أن المشروع سينفذ على نظام الـ POT على مدار 25 عاما، حيث ستحدد الوثائق المقدمة من الشركة السعر الذي ستباع به المياه للمواطن الأردني بعد إتمام المشروع وانتهاء النقاشات والمفاوضات ما بين اللجنة والشركة المنفذة. 

وتقوم الحكومة بتخصيص 50 مليون دينار في الموازنة العامة بشكل سنوي لمشروع الناقل السنوي ما يعني أن موازنته متوفرة، عدا عن كون الالتزامات الدولية لدعم المشروع تعد مبشرة جدا. 

ويقصد بمشاريع الـ POT تنفيذ الشركات للمشاريع ثم شراء المنتج النهائي من قبل الدول بسعر متفق عليه ولمدة زمنية محددة مسبقا، وبعد انتهاء تلك المدة يصبح المشروع ملكا للدولة. 

وتسعى الحكومة الأردنية للمساهمة بجزء من المبالغ المالية المخصصة لمشروع الناقل الوطني؛ للتخفيف من كلفة المتر المكعب على المواطن، وفق تصريحات سلامة لـ حسنى

وكان الملك عبد الله الثاني قد حشد دعما دوليا لمشروع الناقل الوطني على مدار سنوات، حيث ستدعم دول وبنوك دولية وغربية المشروع بمنح ومساعدات وقروض ميسرة بفائدة بسيطة. 

وقال الناطق باسم وزارة المياه والري عمر سلامة إن المشروع سيعمل بالطاقة المتجددة وسيسهم في تحقيق الاستراتيجية الوطنية التي تهدف للوصول إلى اعتماد الدولة على 30% من الطاقة المتجددة في حاجاتها، وسيعمل المشروع في ساعات النهار على الطاقة المتجددة بالكامل، فيما سيعمل خلال ساعات الليل على الطاقة التي تم تخزينها. 

اقرأ المزيد.. الماء في الأردن.. نظرة على تاريخ المصادر السطحية لها

المشروع يحرر رقبة الأردن من الابتزاز السياسي

ويعد مشروع الناقل الوطني أحد أهم المشاريع على مستوى الأردن والعالم، حيث سيوفر 300 مليون م3 من المياه المحلاة بشكل سنوي بطاقته القصوى، وسيسهم في تقليل العجز المائي للأردن، ما يعني تخلص الأردن من قيود الاعتماد على الآخرين في توفير متطلباته المائية. 

وتزود دولة الاحتلال الإسرائيلي الأردن بما يصل إلى 55 مليون م3 سنويا من مياه بحيرة طبريا، والتي تنقل عبر قناة الملك عبد الله إلى العاصمة عمان بموجب اتفاقية وادي عربة، عدا عن توقيع اتفاقية مع الاحتلال قبل عامين لشراء 50 مليون م3 إضافي من المياه بشكل سنوي. 

وعند إتمام المشروع فإنه سينهي تعرض الدولة الأردنية لأي ابتزاز سياسي، لا سيما بعد إقدام قادة سياسيين في دولة الاحتلال على تهديد الأردن بقطع المياه؛ في حال استمراره بدعم الأشقاء الفلسطينيين في حربهم ضد المحتل.

اقرأ المزيد.. نفتالي بينيت يهاجم قرار الأردن إلغاء اتفاقية الكهرباء مقابل الماء 

سلامة أكد أن المشروع بعد الانتهاء من تنفيذه سيحقق راحة للأردن في المجال المائي؛ حيث سيسهم بتوفير 300 مليون م3 وسيقلل العجز المائي في البلاد. 

وتقدر احتياجات المملكة المائية لمختلف القطاعات بمليار ونصف م3 من المياه، والتي تشمل الشرب والزراعة والصناعة والسياحة، ويتوفر منها في الوقت الحالي مليار و100 مليون م3، وتقدر نسبة العجز المائي سنويا بـ 450 مليون م3

وقال سلامة إن الأردن سيتجه إلى إيقاف سحب المياه من بعض الآبار الجوفية بعد الانتهاء من تنفيذ مشروع الناقل الوطني؛ حتى تتمكن تلك الآبار من إعادة زيادة مخزونها الاستراتيجي وهو ما سينعكس مستقبلا على استقرار الوضع المائي في الأردن. 

وحول أهمية توفير 300 مليون م3 جديدة من المياه، أوضح سلامة أن استهلاك هذا الكم من المياه سيتم استثماره من خلال إعادة تنقية تلك الكمية واستخدامها مجددا في عمليات الري الزراعي. وتابع:

"تقوم الوزارة خلال فصل الصيف بتزويد المزارعين بـ 70% من احتياجاتهم المائية لري المزروعات من خلال السدود، ومع تنفيذ مشروع الناقل الوطني لن تكون هناك حاجة لاستنزاف مياه السدود، حيث ستزود الوزارة المزارعين والمصانع بالمياه المعاد تكرارها من محطات معالجة مياه الصرف الصحي بعد استخدامها، كما أن المشروع سيضمن وصول مياه الشرب للمواطنين على مدار الساعة". 

وأشار إلى أنه يجري العمل على تنفيذ مشاريع نوعية في قطاع الصرف الصحي؛ تضمن تحقيق الاستفادة المثلى من المياه المستخدمة سعيا لإعادة تنقيتها واستخدامها في مجالات الزراعة والصناعة، حيث ستجعل هذه المشاريع الأردن على سلم الصدارة بين مختلف دول العالم في مجال خدمات الصرف الصحي، بحسب سلامة.

مشروع الناقل الوطني

تطبيق أعلى المعايير البيئية في المشروع

وصمم مشروع الناقل الوطني وفق أعلى المعايير التي تضمن المحافظة على ديمومة النظام البيئي داخل خليج العقبة وتجنب حدوث أي خلل، كما سيتم إعادة المياه المالحة الناتجة عن عمليات المعالجة مجددا إلى البحر. 

سلامة بين لـ حسنى أن الدراسات التي أجريت أكدت أن إعادة المياه المالحة المعالجة "برايم واتر" إلى البحر لن يكون له أي أثر بيئي على البحر الأحمر. 

وأشار إلى أن عدم توجيه كميات المياه المعالجة المالحة إلى البحر الميت الذي يعاني من تناقص مستمر في مستواه يعود إلى الكلف الباهظة التي ستترتب على ذلك؛ بحكم الحاجة إلى محطات تنقية وأنابيب ضخ كبرى ومراقبة دورية. 

وقال إن كلفة المشروع تتراوح حسب الدراسات الحالية بين الـ 2 مليار ونصف والـ 3 مليارات دولار، إذ إن التكلفة الإجمالية ترتبط بالتداعيات العالمية وارتفاع كلف النقل والطاقة وغيرها. 

فرص عمل وتنشيط لعجلة الاقتصاد

وسيتمخض عن بدء تنفيذ مشروع الناقل الوطني تنشيط العديد من القطاعات الاقتصادية والشركات العمالية على مختلف الأصعدة؛ نتيجة لضخامة المشروع وامتداده على مساحات شاسعة من المملكة تبدأ من العقبة جنوبا وصولا إلى العاصمة عمان ومدن الشمال. 

وحول هوية الشركات والأيدي العاملة في المشروع قال سلامة إن الناقل الوطني سيمثل رافعة اقتصادية واجتماعية، وسيسهم في تحريك عجلة الاقتصاد. 

وبين أن المشروع سيوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للأيدي العاملة، حيث ستسهم الشركات الأردنية في تنفيذ المشروع وستلعب دورا شبيها بالدور الذي لعبته خلال تنفيذ مشروع مياه الديسي. 

وأكد سلامة أن مشروع الناقل الوطني سيعزز الزراعة والصناعة والسياحة في الأردن، عدا عن دعمه لعمل عدد من المشاريع الاستثمارية التي تحتاج كميات مياه في عمليات إنتاجها. 

ويوفر المشروع ميزة زيادة كميات المياه المحلاة مستقبلا في حال ازدادت الحاجة إلى كميات إضافية نتيجة لمختلف الظروف، حيث يمكن تحقيق ذلك من خلال تطوير وتوسعة محطة التنقية في الموجودة على البحر الأحمر.

اقرأ المزيد.. الخبير دريد محاسنة يتحدث عن الواقع المائي للأردن وسبل تجاوز التحديات

شخصيات ذكرت في هذا المقال
00:00:00