مقابلة مصطفى البرغوثي المرشح السابق للرئاسة الفلسطينية حول طوفان الأقصى

الصورة
مصطفى البرغوثي
مصطفى البرغوثي
آخر تحديث

لم تحظ معركة طوفان الأقصى بردود فعل قوية على المستوى السياسي العربي والتحرك تجاه نصرة حقيقية للمدنيين الفلسطينيين الذين يعيشون المجازر يوميا، وسادت حالة من الشعور بالضعف والعجز في نفس المواطن العربي الذي أصبح يرى أنه مكبل ولا يستطيع نصرة إخوانه هناك. 

كما أنه غدا يائسا من إنصاف المجتمع الدولي له، إذ تبين له أن حياته ليست بنفس قيمة حياة الإنسان الغربي في المحافل الدولية، وذلك ما استنكره الملك عبد الله الثاني في مؤتمر السلام في القاهرة. 

وفي مقابلة خاصة على حسنى، أكد الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية والمرشح السابق للرئاسة الفلسطينية مصطفى البرغوثي أن الشعوب العربية يجب أن تهب وتتحرك لوضع حد للاحتلال الذي يستمر بارتكاب المجازر يوميا بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

ما مستقبل الفلسطينيين.. مصطفى البرغوثي يجيب

حسنى: نحن اليوم كمواطنين عرب نشعر بالقهر، قلوبنا لم تعد تحتمل وعقولنا لم تعد تصدق ما ترى ونحن نرى آلة عسكرية مجرمة، صواريخ دقيقة موجهة تبيد أسرا بأكملها في غزة، مقابل ذلك نرى تململا عربيا لا يرقى للجدية، ونرى انحيازا مطلقا لدى الغرب للرواية الإسرائيلية، هذا يجعلنا نشك أن هذا العالم الحديث يرانا جزءا منه؟ ما هي منظومة الأمم المتحدة التي ما زال العرب يقيمون لها شأنا؟
البرغوثي: لا توجد قيم إنسانية عليا لديهم ولا يوجد قانون دولي كذلك، يوجد فقط نظام شريعة الغاب، هذا ما أقره بايدن رئيس الولايات المتحدة، وهذا ما ينفذه بلينكن "الصهيوني" المنحاز بالكامل لإسرائيل، وهذا ما تنفذه قيادات دول الغرب التي تريد أن تشكل تحالفا لإبادة الشعب الفلسطيني.

والذي يجري يذكرنا بحروب الغرب الاستعمارية على كل العرب وعلى كل المسلمين وعلى كل فلسطيني، إسرائيل الآن ترتكب جرائم حرب كبرى؛ تقوم بعملية إبادة وتطهير لشعب بكامله، وسمح لها بأن تنزع إنسانية الفلسطينيين عندما تقتل أكثر من 2400 طفل والعالم يتفرج، وأكثر من 6 آلاف فلسطيني حتى اللحظة، وتدمر 50% من بيوت الناس في غزة، هذه ليست أرقاما، إنها عائلات بأكملها أبيدت؛ الجد والجدة والأب والأم والأطفال والإخوة والأخوات والخالات والعمات. 

هذه جريمة ضد الإنسانية بشكل عام ومذبحة تنفذها إسرائيل، ولذلك ردود الفعل العربية يجب أن تكون أرقى من ذلك بكثير، السفارة الإسرائيلية يجب أن تطرد والسفير الإسرائيلي يجب أن يطرد، لا يجوز أن تبقى علاقات مع هؤلاء المجرمين وهم يرتكبون هذه المذبحة، العرب يجب أن يوقفوا النفط عن أمريكا التي تمول وتشجع وترسل جنودها للمشاركة بهذه الجريمة، الغاز يجب أن يقطع عنهم.

الشعوب يجب أن تثور وأنا أدعوها لأن تهب وأن تثور وإلا ستذبح كما يذبح الشعب الفلسطيني بشكل أو بآخر.

يذبحوننا بالقتل والرصاص والقنابل، ويذبحونكم بالقروض والديون والاستغلال الرأس مالي البشع، هذه هي حقيقة ما يجري في هذا العالم وكل شعب لا يدافع عن نفسه ولا يهب للدفاع عن حريته يصبح مجموعة من العبيد في نظام استغلال بشع، الولايات المتحدة وبريطانيا ليست غائبة عن الحقيقة وتعرفها ولكنها ممعنة في دعم إسرائيل بهذا الشكل الوحشي.

سألوني في الإذاعة البريطانية في وقت سابق اليوم، ماذا تقول لبايدن؟ قلت سأقول له "إن دم الأطفال الفلسطينيين الآن على يديك وعلى روحك وليست فقط إسرائيل، كيف تسمحون لأنفسكم أن تعترضوا على مجرد مبدأ وقف إطلاق النار؟ كيف تسمحون لأنفسكم بأن تمنعوا الوقود عن مستشفيات تنهار الآن، عن أطفال رضع يموتون لأنه لا توجد كهرباء في المستشفيات؟ كيف تسمحون لأنفسكم بأن توقفوا الوقود عن من يحتاج لغسيل كلى الآن وسيموت؟ بأي حق وبأي عرف؟

هذا الذي يجري مجزرة ومذبحة لم يسبق لها مثيل، وكل ذلك يسمح لإسرائيل أن تكون فوق القانون الدولي، وأنا برأيي الوضع لم يعد يحتمل، نحن أمام وضع كل 5 دقائق يموت فيها فلسطيني وكل 10 دقائق يموت طفل فلسطيني، كيف يمكن أن يحتمل ذلك؟ وإسرائيل تعرف والولايات المتحدة تعرف أنه إذا هبت الشعوب العربية تستطيع أن تردعها وتوقفها عن هذا الغي وعن هذا الإجرام. 

لذلك المسألة لا تتعلق بالفلسطينيين فقط بل هي مسألة كرامة كل عربي وكل مسلم وكل مسيحي وكل إنسان في هذا الكون يحترم القيم الإنسانية ويحترم على الأقل الحياة الإنسانية للبشر.
 

حسنى: شعوب العالم العربي شعوب مقهورة ومأسورة وفي بعض الدول لا يستطيع الشخص أن يعبر بمجرد منشور على الفيسبوك، ماذا تتوقع؟
البرغوثي: برأيي عليه أن يخرج الآن ويستطيع أن يكسر القيد، لا يجب أن نشعر بالعجز بل يجب أن نشعر بأن لدينا طاقة ولكننا لا نستعملها، وأنا متأكد أن هذه الصور لهذه المجازر ستحرك مشاعر الكثيرين، أنا أقول الآن أن الصحفيين في الغرب يطأطئون رؤوسهم خجلا من الأكاذيب التي كرروها على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية وانكشفت أنها أكاذيب، وعلى العكس هنالك فرصة إذا تحرك الناس نستطيع أن نوقف هذه المذابح والمجازر التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني، وهذا لا يشمل فقط الشعوب العربية بل القيادة الرسمية الفلسطينية أيضا، كيف يسكتون على ذلك؟ شعبهم يذبح، كيف يقال لمكارون -الرئيس الفرنسي- أنت كلامك صحيح؟ كلامه ليس صحيحا، يريد أن يصنع حلفا ضد الشعب الفلسطيني وأن يجزئه وأن يقسمه على سياسة فرق تسد، وهذا كلام مردود وغير مقبول بكل المعايير.

حسنى: لكن لا توجد الآن مصالحة ورؤية فلسطينية موحدة، أليس كذلك؟
البرغوثي: المهم الآن هو وقف إطلاق النار ووقف المذبحة الجارية، لا يوجد اتفاق فلسطيني لأن الفلسطينيين منعوا من حقهم في انتخابات ديمقراطية حرة حتى يختاروا القيادة التي يؤمنون بها، مع العلم أنه لو جرت انتخابات لا يوجد طرف وحده سيحصل على أغلبية وهذا معروف.

اقرأ المزيد.. مقابلة الباحث عريب الرنتاوي حول شكل المنطقة بعد طوفان الأقصى | خاص لـ حسنى

حسنى: بعد انتهاء الحرب برأيك ومن خلال وجهة نظرك ما هي خارطة الطريق القادمة؟
البرغوثي: أولا يجب وقف العدوان على غزة فورا، وثانيا أنا أشكر مصر والأردن على الموقف الحازم من ناحية رفض تهجير الشعب الفلسطيني، كل ما تراه الآن ضغط على مصر كي تفتح حدودها ليخرجوا كل سكان قطاع غزة في هجرة جديدة ويكرر نكبة عام 48 ويجب عدم السماح بذلك، الشعب الفلسطيني شعب بطل وصامد ويضحي بأبنائه كي يبقى في وطنه ويقول "لن نسمح بتكرار النكبة"، كل الضغط والقتل والدمار والتدمير هدفه ترحيل الفلسطينيين.

خطة نتنياهو هي ترحيل كل فلسطيني من غزة ثم ضمها لإسرائيل، وبعد ذلك سيبدأ بترحيل الفلسطينيين في الضفة الغربية.

ولكن حماس لا تحكم في الضفة الغربية ورغم ذلك استشهد فيها 103 من الفلسطينيين منذ بدء العدوان على غزة، قتل الاحتلال اثنين منهم في السجن ولم يمر على اعتقالهما أسبوع، يغتالون الناس داخل السجون وأصيبوا بالجنون لأن المقاومة أفرجت عن إسرائيلية وقالت "عاملوني باحترام" ليخرج المتحدث الرسمي باسم إسرائيل ويصفها بأنها كاذبة. 

نحن نتعامل مع وحوش وليس مع بشر، وبالتالي المهم الآن هو وقف إطلاق النار ووقف الدمار وإيصال كل ما يلزم لأهلنا في غزة، وبعد ذلك سنرى ما الذي سيحدث، يمكن أن يحدث تبادل أسرى إذا شاؤوا وإذا لم يشاؤوا فهم أحرار، ولكن يجب الضغط على العالم الآن بكل الوسائل لوقف هذه المجزرة. 

اقرأ المزيد.. لمن السيادة على معبر رفح وكيف تمنع إسرائيل دخول المساعدات؟

حسنى: طرحت خطة التهجير عندما حضر بلينكن "وزير الخارجية الأمريكي" إلى المنطقة، ولكن الأردن رفضها ورفضتها مصر ويبدو الآن أن الكونغرس الأمريكي تخلى عنها، إذا فشلت الخطة وإذا صمد أهلنا في غزة رغم كل هذا الدمار الذي نراه، هل يمكن الذهاب إلى طاولة المفاوضات من جديد؟
البرغوثي: أن لا أصدق شيئا حتى أراه، وقبل أن نذهب لأي مؤتمر يجب أن يقال ما هو هدفه، إذا لم يكن الهدف إنهاء الاحتلال وتلبية حقوق الشعب الفلسطيني فسيكون مهزلة أخرى تقوم بها إسرائيل والولايات المتحدة. 

والمسألة تعتمد على ميزان القوى، وهذا الميزان غيرته المقاومة في غزة وتغيره مقاومة الشعب الفلسطيني في كل مكان.

ودون تغيير ميزان القوى لن تحصل على شيء، إذا كان هؤلاء الآن يبطشون بنا بكل هذه الجرائم وهذه الوحشية هل تتوقع أن يجلسوا على الطاولة يقولون لك "تفضل خذ هينا بدنا نطلع من الضفة الغربية"؟ هذا يقتضي نضالا وكفاحا، ولكن إذا تكاتفت كل الدول العربية بدل التطبيع مع هذا الكيان المجرم وقالت لإسرائيل "كل علاقاتنا وكل ما لدينا موضوع على الطاولة، إما أن تنهوا احتلالكم أو ينتهي الموضوع، عندها يمكن أن تكون هناك وسائل ضغط أخرى.

حسنى: هل تتوقع أن يكون مثل هذا النفس موجودا عند الدول العربية؟
البرغوثي: هذا يعتمد على الشعوب، إذا تحركت الشعوب وضغطت على حكوماتها نعم سيصبح ممكنا، وأنا أقول للشعوب العربية:

"لا تدافعوا عنا كفلسطينيين دافعوا عن مستقبلكم وأبنائكم، لأن إسرائيل تريد أن تهيمن على حياة كل فرد منكم وستتحكم في أموالكم وبنوككم واستثماراتكم وأراضيكم وسترون أنفسكم عبيدا عند هؤلاء المجرمين". 

حسنى: البعض يتساءل في معركة سيف القدس الأخيرة رأينا أن هناك ثورة خرجت في المدن الفلسطينية سواء في الضفة وحتى في الداخل المحتل، هذه المرة التدمير والقتل أشد، نعم توجد مقاومة في الضفة واستشهد 103 من الفلسطينيين في الضفة، لكن ألا تعتقد أن بإمكان أهالي الـ48 والضفة أن يفعلوا أكثر مما فعلوا؟
البرغوثي: هم يحاولون بكل ما يستطيعون، الآن الضفة الغربية تحولت إلى 224 سجنا محاصرا، وإرهاب المستوطنين في كل مكان، ومع ذلك الشعب يقاوم بكل بسالة والشباب يقاوم بكل ما لديه، وأنا برأيي "إسرائيل" لن تنجح في تمرير مخططها، ولكن السؤال هنا ليس إذا كانت ستنجح "إسرائيل" أم لا لأنها ستفشل بجهودنا ومقاومتنا ونضالنا، السؤال كم من الدم يجب أن يراق وكم طفلا يجب أن يموت من الفلسطينيين قبل أن تتوقف هذه المجزرة.

حسنى: الذي يتحكم بمشهد القرار الفلسطيني الرسمي المعترف به دوليا اليوم يبدو أن مواقفه ما زالت قاصرة تماما ولا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني، هل تتوقع بعد انتهاء الأحداث أن يذهب الفلسطينيون إلى انتخابات حرة لاختيار قيادة فلسطينية جديدة تعبر عن ضميرهم وتدافع عن حقوقهم في المحافل الدولية؟
البرغوثي: أولا السلطة مهمشة وإسرائيل همشتها وتهينها كل يوم، كلما تدخل إلى رام الله تهين السلطة وكلما تدخل إلى بيت لحم تهينها وكلما تأسر وتعتقل وتقتل فلسطينيا تهينها، وأنا برأيي أن تردد البعض خوفا على مصالحهم لا يبرر سلوكهم.

وأنا أقول بصراحة.. دون انتخابات حرة ديمقراطية فلسطينية على جميع الأصعدة لا يمكن أن تكون هناك شرعية لأحد.
 

حسنى: ما الذي يمنع الفلسطينيين من التوافق على انتخابات؟ هل هو خوف من فوز حماس مثلا؟
البرغوثي: لا، بل اعتراض إسرائيل والولايات المتحدة، هم ضد الانتخابات الفلسطينية لأنهم لا يريدون قيادة منتخبة شرعية وقوية قادرة على رفع صوت شعبها، بل يريدون أن يبقوا الفلسطينيين منقسمين، وهذا ما سمعته من القادة الغربيين الذين أتوا إلى رام الله. 

حيث يقولون إن هذه حربا على حماس، لكنها في الحقيقة حرب على الشعب الفلسطيني، من قال إن الشعب الفلسطيني سيسمح لهم بتمرير سياسة فرّق تسد بيننا؟

حسنى: هنالك في الأروقة الداخلية يقال، وبالذات الإسرائيلي والأمريكي يروج لهذه المقولة "أننا لسنا ضدكم يا فلسطينيين بل نحن ضد حماس، دعونا نتخلص من حماس وبعد ذلك نجلس على الطاولة معا" كيف ترى هذا الادعاء؟
البرغوثي: نعم يعني في 2400 طفل مقاتلين في حماس؟ 1400 امرأة ذبحت "هذول مقاتلات في حماس؟" لمن يبيعون هذا الكذب؟ هذا كذب مكشوف وواضح، الفكرة كانت في البداية أن يقولوا عن حماس داعش، ما علاقة حماس بداعش؟

اقرأ المزيد.. الصهاينة قتلة الأبرياء هم من يجب وصفهم بـ "الدواعش"

الوحيد الذي له علاقة بداعش هو نتنياهو الذي كان يجلب مقاتلي داعش من سوريا عبر الجولان المحتل ليعالجهم في المستشفيات الإسرائيلية. 

هذا هو الكاذب الكبير وهو من كان يعمل مع داعش وحماس لا علاقة لها بذلك، وبعد ذلك يريدون نزع شرعية وإنسانية حماس ومن ثم نزع شرعية وإنسانية كل الفلسطينيين ليجدوا مبررا لارتكاب المجازر ضدهم بعد ذلك تطهير عرقي كامل لغزة كما فعلوا في يافا وحيفا وعكا والجليل والمثلث، هذا ما تفعله إسرائيل.

شاهد.. مقابلة مصطفى البرغوثي | أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية

شخصيات ذكرت في هذا المقال
الأكثر قراءة
00:00:00